زيادة عضوية أوبك

زيادة عضوية أوبك

<a href="mailto:[email protected]">asidahmed@hotmail.com</a>

حملت أنباء الشهر الماضي دعوة من الرئيس النيجيري أوليسيجون أوباسانجو، إلى رصيفه الرئيس السوداني المشير عمر البشير، تدعوه إلى التقدم بطلب لانضمام السودان إلى عضوية منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك). السودان قطعا يمكنه الانضمام خاصة وقد أصبح مصدرا معقولا إنتاجه في طريقه لتجاوز عتبة نصف المليون برميل يوميا، رغم البطء الذي لازم تدفق الإنتاج من مربعي 3 و7، وهو ما كان مثار التفات من بعض النشرات النفطية المتخصصة، كما أنه لا يبدو واردا حدوث اعتراض من الخمسة المؤسسين للمنظمة: السعودية، العراق، إيران، الكويت، وفنزويلا.
لكن السؤال يظل مطروحا: لماذا تتحمس نيجيريا لكسب أعضاء جدد للمنظمة في خلال دورتها الحالية، وهي ليست من الأعضاء المؤسسين الذين لهم ثقل في قبول الأعضاء الجدد؟ وهل للأمر علاقة بأن ولاية أوباسانجو الدستورية في نهاياتها والرجل يسعى إلى وضع بصماته على سجله الرئاسي، خاصة بعد فشل مسعاه في تعديل الدستور بما يسمح له بفترة رئاسية ثالثة؟ فالأمر الطبيعي أن تتقدم الدولة الراغبة بطلب العضوية بعد حشد المساندة الضرورية للحصول على الموافقة اللازمة، ولهذا يبدو غريبا أن تأتي المبادرة من رئاسة المنظمة رغم أنها رئاسة شكلية ورمزية، إذ إن رؤساء "أوبك" لا يجتمون دوريا كما هو الحال مع العديد من المنظمات الإقليمية السياسية منها والاقتصادية.
منذ تأسيسها عام 1960 سعت "أوبك" بجد للتأثير على صناعة النفط العالمي بدرجات متفاوتة بين النجاح والفشل، وجاء عصرها الذهبي في عقد السبعينيات عندما تمكنت من السيطرة على عملية التسعير وبالتالي الحصول على العائدات المالية التي كان يسمح بها توازن قوى العرض والطلب ومختلف عناصر الصناعة النفطية.
لكن رغم سجل التجارب الثرة التي يحفل بها تاريخها، ورغم قيامها بنشر أول استراتيجية بعيدة الأمد أخيرا لإعطاء خريطة طريق لكيفية تطور الأمور مستقبلا، إلا أنها لا تزال عاجزة عن التعاطي مع الواقع وتحديدا ما يتعلق بالأسعار والتأثير عليها، خاصة وقد وصلت إلى مستويات عالية تهدد النمو الاقتصادي، وهو من أكبر عوامل الطلب على النفط.
وهناك مؤشرات عديدة في هذا الصدد، فلفترة تمتد لنحو 18 شهرا قامت "أوبك" بتجميد النطاق السعري الذي كانت تعتمده لإدارة السوق، وكانت الخطوة تحصيل حاصل، لأنه منذ شهور عديدة كان الواقع قد تجاوز ذلك الترتيب واستقرت الأسعار فوق النطاق الذي قررته "أوبك"، لكنها لم تحدد البديل.
النظرة الأولية ترى في معدل الأسعار الحالي ما يفيد المنظمة وأعضاءها الذين تتزايد اهتماماتهم المالية، خاصة ومتوسط سعر سلة "أوبك" مستقر فوق 60 دولارا لفترة عدة أشهر، لكن التجارب السابقة توضح أن عرس الأسعار العالية تعقبه في الغالب أيام حزن تطول أو تقصر حسب نجاح المنظمة في إدارة السوق وفي التطورات الأخرى المصاحبة، وهو ما يبدو في الأفق أن "أوبك" منشغلة به وتسعى لدفع الكرة في اتجاه آخر مثل الحديث المتكرر عن ضرورة توضيح المستهلكين احتياجاتهم المستقبلية من النفط لتحديد وضع الخام على أسس أكثر واقعية كي لا يتم ضخ استثمارات كبيرة لتوفير إمدادات قد لا يحتاج إليها أحد، خاصة مع الحديث المتنامي عن الطاقة البديلة.
ورغم الوجاهة التي يحملها هذا الرأي، إلا أنه لا يعفي من شغل آخر مطلوب يتمثل في آلية التسعير التي تستخدمها "أوبك"، فهي مهمة للمستهلكين كي يعرفوا كم سيدفعون، وأهم من ذلك أنها ستكون عاملا مؤثرا في تحديد معدل الطلب. فالمنظمة التي تسعى إلى تثبيت سعر للبرميل في حدود 50 دولارا، عليها توقع انعكاسات لذلك القرار تختلف عما إذا كان السعر الذي ستعتمده يزيد أو يقل خمسة دولارات مثلا. وأوروبا مثلا تعتبر نموذجا جيدا لكيفية انعكاس الأسعار العالية على استهلاكها من النفط الخام وتجربتها توفر درسا جيدا لمن يريد أن يقرأ.
من ناحية أخرى كان أحرى بالمنظمة، إن كانت مشغولة بزيادة عضويتها، أن تعرف بداية لماذا انسحب عضوان من قبل: الجابون والإكوادور، وهل للأمر علاقة بثقل عبء عضوية ناد مثل هذا بالنسبة لصغار المنتجين؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يعاد النظر في الأمر بما يسمح للمنسحبين بالعودة إلى أحضان المنظمة مرة أخرى قبل الطلب من منتج آخر صغير الحجم الانضمام؟
ويبقى السؤال المحوري: ما الذي تستفيده الدول من عضوية "أوبك"؟ وهو سؤال مطروح بالنسبة للعديد من المنظمات الإقليمية والدولية. فهذا النمط من العمل الجماعي المؤسسي من موروثات فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وحان الوقت فعلا لإعادة النظر في الكثير من هذه الأفكار والمؤسسات والممارسات التي تتجه شيئا فشيئا لتصبح مجالا لكسب العيش للعاملين فيها وبصورة مكلفة تتحمل أعباءها الدول الأعضاء.

الأكثر قراءة