رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل يمكن لجمعية المكتبات والمعلومات التوسع في دراسات المعلومات؟

لقد حفل مؤتمر جمعية المكتبات والمعلومات السادس الذي أقيم في الرياض قبل ثلاثة أشهر بالعديد من الأوراق العلمية التي تباينت بين معاصرة وما تخطاها الزمن فنسيناها. المؤتمر عنون بـ «البيئة المعلوماتية الآمنة»، حيث شملت الأوراق مواضيع تداخلت بين اجتماعية وفنية وتقنية واقتصادية, مما جعل بعضها حديث أرباب التخصص للآن والأخرى كأنها لم تتم. الآن يمكن القول إن علم المكتبات بات شاملا لمواضيع ميدانية أكثر من كونه محصورا في الأرفف والأرشفة والإعارة وغيرها من الإجراءات الفنية المكتبية. لذلك يهمنا أن يستفيد الفرد وتستفيد المؤسسة من هكذا تجمع عن المعلومات وخصوصيتها وأمنها. ويتعلم الجميع كيفية الحفاظ على بياناته من تداولها أو استخدامها، والفرق بين التعامل الصحيح وغير الصحيح.
في الواقع المؤتمر سلط الضوء على عدة مواضيع مهمة ولكن سلط الضوء أكثر على جوانب تدل على حاجتنا إلى الاهتمام بنوعية الأبحاث الممكن تقديمها وطريقة العرض وتوقيته وأسلوب الرعاية الإعلامية لأنشطة المؤتمر بالكامل. نعلم أن الرعاية الإعلامية في دولنا العربية ما زالت مجرد تغطية إخبارية ودعاية لشعار الراعي في كل مرافق الموقع المفترض إقامة المحاضرات وورش العمل فيه سواء كان ذهبيا أو فضيا أو غير ذلك. في هذا المؤتمر لا بد أن ينظر إلى الرعاية من منظور أبعد من نشر برنامج يومي للجلسات أو خبر يومي عن المناسبة في جريدة واحدة أو وضع أعداد مجانية من بعض الصحف للقراءة فموضوع مثل أمن المعلومات يحتاج إلى جذب اهتمام المجتمع إلى تحديد ماهية البيانات الخاصة وكيفية التعامل معها، إضافة إلى تواصل الأفراد مع الحدث وأرباب التخصص خلال فترة عقد المؤتمر وبعد إصدار توصياته. كما يجب تسليط الضوء على المعرض المصاحب، أو أن تكون هناك تعليقات قيّمة على بعض الورقات المهمة ثم ما يربطها بالواقع، أو ربط بعض أحداث العام الماضي أو الأعوام المختلفة مع ما حصل داخليا أو دوليا وما يمكن توقعه من أحداث حصلت خلال العام نفسه أو ما قبله ولها ارتباط وثيق بنتائج المؤتمر ... إلخ. إن هذا المؤتمر بما حفل من مواضيع نوقشت العديد منها بحرفيه عالية وأخرى بتواضع شديد لم يأخذ حقه من الانتشار كحدث مهم في المجال.
من ناحية أخرى، الورقات التي كانت قد تخطاها الزمن، صاحبها عرض غير مقنع ومحتوى لم يتناول المشكلة بعناية وبعمق، وبالتالي لم تكن ذات ثقل علمي يميزها لأنها لم تحتو على أرقام أو تواريخ أو أحداث أو تحاليل إحصائية دقيقة. كما أن التوصيات كانت نسخة من كثير غيرها تكررت مما جعلها أبحاثا باهتة لم تترك بصمة في مسيرة المعلومات وأمنها في السعودية. هذا بالطبع عكس ما تقدمت به الهيئة والوزارة وشركات الاتصالات وبعض الجهات، حيث قطعوا مسافة طويلة طرزت بإصدار الأنظمة واللوائح المنظمة لاستخدام المعلومات التي كان المؤتمر يتحدث عن المفاهيم والتشريع والتطبيقات بأسلوب ومعلومات مضت على بعضها سنوات. لقد كان تناول موضوع «الويب 2 وتطبيقاته» أحد الأمثلة على ذلك، حيث لم تسجل الأوراق العلمية في معظمها جديدا يذكر. لافتقادها مناقشة النواحي الاقتصادية والفنية التقنية بجدية وبشكل مكثف خصوصا ونحن نعيش نهضة تنموية غير مسبوقة في أي من دول المنطقة عربيا أو إسلاميا ولله الحمد.
أما من ناحية التنظيم فقد كانت هناك حاجة إلى تجويد أكثر لأن الإشراف الفردي أو الجماعي الاجتهادي ظهر جليا في أوقات مختلفة، خصوصا في آلية البدء والانتهاء من المحاضرات وما خصص للمدعوين أو الحاضرين للمؤتمر من فترات يناقشون فيها الباحث وما عرضه من معلومات علمية تحتاج إلى إيضاح. كما ظهر التباين الكبير بين الأساليب التي عرضت بها كثير من الأوراق العلمية في الفترة نفسها أو الحلقة فكانت المقارنة بين أيام المؤتمر محتوى وأداء تتأرجح بين عالية المستوى ومنخفضة جدا، وقد تمثل ذلك في الجلسة العلمية الثالثة لآخر يوم حيث عنونت بـ «أمن المعلومات المصرفية».
هذا يجعلنا نطالب بالاستمرار في عقد مثل هذه المؤتمرات لأنها تحسن من أداء الرعاة وتطور تنظيم مثل هذه المحافل، فالربط الإلكتروني والإذاعة المباشرة للمحاضرات وبيع نسخ من الأبحاث للحضور المسجلين غير الأعضاء والكثير من المميزات لا بد أن تترك أثرا بعد انتهاء المؤتمر. من ناحية أخرى، في عقد مثل هذه المؤتمرات تثقيف للمجتمع بمواضيع مهمة في حياتهم تسهل مناقشتها باستخدام الأساليب المختلفة في تناولها. كما أنها تساعد المسؤولين في جميع القطاعات بمرافقها المختلفة على الاطلاع على أبحاث علمية تقود عملية التطوير بأسلوب منهجي حديث، وستجعل متابعة تقدم القطاعات المختلفة في مستوى إنجازها لمشروع الحكومة الإلكترونية منظورا بطريقة مباشرة وغير مباشرة. كما يمكن للقطاعات أن تقدم تجاربها في الأتمتة والرقمنة والتحول لأداء إجراءاتها إلكترونيا في مثل هذه المحافل، مما يضيف للباحثين أبعادا جديدة في مجالاتهم الدراسية ولمقدمي خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات مفاهيم جديدة ونتائج تقودهم لتحسين وضبط أمن المعلومات وسرية وخصوصية تداولها وتحقيق الأفضل للمستفيدين. ولتكون إقامة المؤتمرات إمتاعا في حد ذاتها، لا بد من التخصصية في إقامتها ابتداء من الفكرة ومرورا بالإعداد وحتى الخروج بالتوصيات التنفيذية، وقد تم التعليق والتنويه عن ذلك من قبل، ولكن «الذكرى تنفع المؤمنين». والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي