الاقتصاد السوري الموجه يصمد في وجه العزلة الدولية
يقول اقتصاديون ودبلوماسيون إن الاقتصاد السوري الموجه تحدى محاولات الغرب لعزله بتحقيق أفضل أداء في سنوات لكن تفادي أزمة على المدى الطويل يتطلب إصلاحات هيكلية. وأوضح دبلوماسي أن الاقتصاد يحقق أداء جيدا لكنه ينطلق من قاعدة ضعيفة للغاية.
وأضاف قائلا "إنه قد يقوض الاستقرار على المدى الطويل، وإنه يتعين
على النظام توفير وظائف للطبقة العاملة وتفكيك التخطيط المركزي".
ويقول اقتصاديون ودبلوماسيون إن ارتفاع أسعار النفط والاستثمارات من منطقة الخليج المزدهرة والمغتربين السوريين دفعت معدل النمو إلى الارتفاع ودعمت حكومة حزب البعث في مواجهة الضغوط الدولية بسبب دورها في لبنان المجاور.
وبيّن عبد الله الدردري نائب رئيس الوزراء الأسبوع الماضي أن ارتفاع أعداد السياح القادمين إلى سورية والتوسع في القطاع الزراعي رفع معدل النمو في القطاعات غير النفطية من الاقتصاد إلى5.5 في المائة في 2005.
لكن الدردري لم يورد بيانات للمقارنة، وقال: إن سورية ستكون
قادرة على تحقيق معدل نمو إجمالي قدره 7 في المائة في غضون بضعة أعوام مقارنة بـ 3.2 في المائة في 2004 ونمو صفري في 2000 عندما تولى الرئيس بشار الأسد السلطة.
وأبلغ الدردرى البرلمان أن البلاد تشهد أعلى معدلات للنمو في سنوات وهناك اتجاه لخفض الضرائب وتصحيح مسار الإدارة ومكافحة الفساد. ويقدر إجمالي الناتج المحلي السوري بنحو 22 مليار دولار أو ما يزيد بضعة مليارات فقط على الناتج المحلي الإجمالي في لبنان الذي يقل عدد سكانه عن ربع سكان سورية لكن الأسواق فيه تتمتع بحرية أكبر.
ويقول اقتصاديون مستقلون إن معدلات النمو في سورية قد لا تكون
بالارتفاع الذي تورده بيانات الحكومة، لكنهم يقرون بأن أداء الاقتصاد قوي، خصوصا بالنظر إلى أن اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق العام الماضي كان من المتوقع أن يلحق ضررا بقطاع الأعمال. ويلقي بعض اللبنانيين اللوم على سورية في اغتيال الحريري، وأشار تحقيق للأمم المتحدة ضمنا إلى تورط مسؤولين سوريين لكن لم تنشر نتائجه النهائية بعد.
ويقول مسؤولون إن سورية تمكنت من استيعاب صدمة اغتيال الحريري بضخ العملة الأجنبية في السوق لدعم قيمة العملة السورية والمضي قدما في خطوات لتحرير الاقتصاد الذي جرى تأميمه عام 1963 وتخفيف القيود على الواردات.
ويعمل بشار الأسد منذ أن أصبح رئيسا لسورية على تحرير قطاعات مثل: الصناعة، البنوك، والتأمين ببطء بينما يحتفظ بقبضة قوية على السلطة. ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج النفط الذي تسيطر عليه الدولة بالكامل إلى 397 ألف برميل يوميا من 414 ألف برميل يوميا العام الماضي.
ويأتي نحو 80 في المائة من الإنتاج الصناعي حاليا من الشركات الخاصة لكن أغلب قطاعات الاقتصاد ما زالت تحت سيطرة الدولة ومنها أكبر بنك وأكبر شركة للتأمين في البلاد. وما زالت الحكومة تعتمد على خطط خمسية وأساليب اشتراكية أخرى في إدارة الإنتاج.
وقال أيمن عبد النور من الجناح الإصلاحي في حزب البعث إن من المستبعد أن يبدأ الأسد في وقت قريب في إصلاح هيكلي للاقتصاد.
وأضاف أن ذلك سيعني صعود طبقة جديدة قد تطالب بنفوذ سياسي والنظام لا يريد ذلك.
ويحث رجال أعمال وخبراء اقتصاديون الأسد على التخلي عن الحذر ومعالجة مشكلات تعانيها البلاد منذ عقود مثل الفساد والبطالة التي يبلغ معدلها الرسمي 12 في المائة والدعم الذي يشمل كل شيء من الغذاء إلى الدواء. ويتوقعون أن يؤتي الإصلاح الاقتصادي ثمارا سريعة بسبب انخفاض مديونية البلاد وغناها بالنفط والغاز.
وارتفعت إيرادات النفط من 3.5 مليار دولار في 2004 إلى 4.1 مليار دولار في 2005 بسبب صعود الأسعار. وفي جانب التكرير الذي تعاني سورية نقصا فيه ارتفعت واردات منتجات النفط من 399 مليون دولار إلى 922 مليون دولار في الفترة نفسها.
وقال نبيل سكر رئيس المكتب الاستشاري السوري المستقل: إن الأمور لا تبدو سيئة في الوقت الراهن فالعديد من رجال الأعمال يعلنون نتائج إيجابية، والتوترات مع لبنان كان لها جانب إيجابي لأن السوريين كفوا عن الذهاب إلى هناك وأصبحوا ينفقون المزيد من المال داخل البلاد.
لكنه أضاف أن حدوث أزمة لا يعدو أن يكون مسألة وقت، مشيرا إلى تراجع إنتاج النفط، وأن إقامة مصاف جديدة يتطلب عدة سنوات وإلى عدم قدرة الاقتصاد على استيعاب الأعداد الضخمة التي تدخل سوق العمل كل عام.