«أرامكو السعودية» ترسي مقاولات الهندسة والشراء والإنشاء الخاصة بمصفاة ينبع
خطت شركة أرامكو السعودية خطوتها الثانية الفعلية تجاه السير بمفردها نحو إنشاء مصفاة ينبع لمعالجة 400 ألف برميل في اليوم من الزيت الخام العربي الثقيل، وذلك بعد أن تخلت شريكتها الأمريكية ''كونوكو فيليبس'' عن المضي قدما في المشروع.
وتمثلت هذه الخطوة في ترسية ''أرامكو السعودية''، أمس، حزمة عقود مع مقاولين محليين ودوليين لإتمام أعمال الهندسة والشراء والإنشاء التفصيلية لمشروع مصفاة التصدير في ينبع. ومن المقرر أن تضطلع شركة البحر الأحمر للتكرير المؤسسة حديثا بمسؤولية تنفيذ وتشغيل هذا المشروع. وقد تم إرساء مقاولات الهندسة والشراء والإنشاء الخاصة بوحدات المعالجة الرئيسة على كل من شركة تكنيكاس ريونيداس (إسبانيا) لوحدة التكويك، شركة الخدمات السعودية للأعمال الكهربائية عالية الفلطية، شركة إس كيه للهندسة والإنشاءات الكورية الجنوبية لأعمال الزيت الخام، ''دايم بونج لويد'' السعودية لخطوط الأنابيب خارج الموقع، ''دايلم الكورية الجنوبية'' لأعمال البنزين ووحدة التكسير الهيدروجيني، ''راجح المري'' السعودية لتغيير موقع خط الأنابيب في الموقع، و''إنبي'' المصرية لأعمال ساحات الخزانات.
وأفاد فريق إدارة المشاريع في ''أرامكو'' بأن هناك عديدا من مجموعات الأعمال المتبقية التي سيتم إرساؤها خلال الأشهر القليلة المقبلة. وكان الفريق أرسى أوائل هذا العام ــ كخطوة أولى ــ مقاولة أعمال إعداد الموقع على مؤسسة عبد الرحمن الشلوي لضمان جاهزية الموقع لمقاولي الهندسة والشراء والإنشاء في مرحلة الإنشاء.
وأوضح معتصم المعشوق المدير التنفيذي لتطوير الأعمال الجديدة في ''أرامكو السعودية''، أن ''توقيع هذه المقاولات يمثل مرحلة بالغة الأهمية لمشروع مصفاة التصدير في ينبع، ويمهد الطريق أمام الكثير من الأنشطة الرئيسة الأخرى في ينبع''. ويعد مشروع مصفاة التصدير أحد المشاريع العديدة التي تضطلع بها الشركة، وشاهدا على التزامها بتلبية الطلب العالمي على الوقود في المستقبل؛ إذ تعمل الشركة حاليا ضمن استراتيجيتها بعيدة المدى على تنفيذ استثمارات في مجال التكرير والمعالجة والتسويق بعد برنامج التنقيب والإنتاج الذي نفذته والذي أدى إلى زيادة طاقتها الإنتاجية من الزيت الخام إلى 12 مليون برميل في اليوم. ويتضمن هذا المشروع إنشاء مصفاة جديدة في مدينة ينبع الصناعية على مساحة تبلغ نحو 5.2 مليون مترمربع، تعالج 400 ألف برميل في اليوم من الزيت الخام العربي الثقيل لتنتج 90 ألف برميل في اليوم من البنزين، 263 ألف برميل في اليوم من الديزل ذي المحتوى الكبريتي بالغ الانخفاض، 6300 طن متري في اليوم من فحم الكوك، و1200 طن متري في اليوم من الكبريت.
ومن المقرر أن تستخدم المصفاة الجديدة مرافق ''أرامكو السعودية'' الموجودة حاليا لاستلام الزيت الخام وتصدير المنتجات المكررة، وستضم وحدات معالجة ومنافع وأنابيب توصيل وما يرتبط بذلك من مرافق لتخزين اللقيم والمنتجات المكررة، إلى جانب مرافق خارج الموقع، حسبما يلزم لدعم التشغيل الآمن والفعال للمصفاة. ويأتي توقيع مقاولات الهندسة والشراء والإنشاء تتويجا لجهود بدأت في كانون الثاني (يناير) 2006 عندما بدأ فريق العمل إعداد المواصفات الأساسية والأعمال الهندسية الأولية والبدء في عملية اختيار المقاول ومانحي تراخيص تقنيات المعالجة.
من جهته، قال فهد الهلال كبير الإداريين التنفيذيين الرئيس المكلف في شركة البحر الأحمر للتكرير: ''قطعنا شوطا طويلا في ضمان الريادة لمشروع ينبع في تحقيق إنجازات ستكون هي الأولى من نوعها للمملكة في مجالات الأعمال الهندسية التفصيلية وتنمية الموارد البشرية ودعم الشركات المحلية العاملة في مجال تصنيع المعدات والمواد، حيث إن نحو 70 في المائة من القيمة الإجمالية للمشروع سيتم إنفاقها داخل المملكة''. وأكد الهلال التزام المشروع بالاعتماد على الموردين والمصنعين المحليين، مضيفا ''لقد اشترطنا أن يتم تنفيذ أكثر من مليون ساعة عمل من الأعمال الهندسية التفصيلية في المملكة، وهذا يتضمن تنفيذ كامل الأعمال الهندسية التفصيلية لوحدة استخلاص الكبريت بالمصفاة، علما بأن هذه الوحدة ستكون وحدة المعالجة الرئيسة الأولى من نوعها بهذا الحجم التي يتم تنفيذها بالكامل داخل المملكة، إضافة إلى أنه سيتم تنفيذ عديد من المقاولات المبرمة بنظام تسليم مفتاح بمبلغ إجمالي مقطوع تغطي خطوط الأنابيب الطويلة وأعمال الاتصالات والأعمال الكهربائية، كذلك العمل على تحقيق الاستفادة القصوى من قوة العمل السعودية خلال مرحلتي الأعمال الهندسية التفصيلية والإنشاء''.
ولفت الهلال إلى أن مقاولي الهندسة والشراء والإنشاء الدوليين الفائزين ملتزمون بتوظيف وتدريب عديد من المهندسين السعوديين في مجالات المعالجة والهندسة الميكانيكية في مكاتبهم المنتشرة في جميع أنحاء العالم خلال مرحلة الأعمال الهندسية التفصيلية، مضيفا أن ''من بين أهدافنا الرئيسة تطوير الكوادر المهنية من شباب المملكة والمساعدة في نقل التقنية إلى المملكة، وتحقيق أعلى مستوى للمكون المحلي في جميع السلع والخدمات المستخدمة في المشروع''.
ومن المتوقع أن يحقق مشروع ينبع عديدا من الفوائد الاقتصادية، منها الفرص التجارية للشركات المحلية وإيجاد فرص العمل الجديدة، علما بأن كل فرصة عمل جديدة يوجدها المشروع تؤدي إلى إيجاد ما يراوح بين خمس إلى ست فرص عمل غير مباشرة.
وكان مشروع مصفاة ينبع واجه تحديات اقتصادية كبيرة، من أبرزها انسحاب ''كونوكو فيليبس'' الأمريكية، حيث تشير مصادر في صناعة الطاقة إلى أنه يتعين على ''أرامكو'' دخول شريك أجنبي فني. وقالت المصادر: ''بمقدور ''أرامكو'' القيام وحدها في المشروع، لكن سيربك خططها دون شك''، مبينة أنه يتعين عليها الدخول مع شريك فني يتحمل تكاليف المشروع والمخاطر من خلال مسؤولياته التمويلية والفنية.
بيد أن بُعد ينبع عن منابع النفط السعودية وافتقارها إلى البنية التحتية النفطية، يقلل من الجدوى الاقتصادية للمشروع، على العكس من توأمتها في الجبيل التي تمتلك هذه المزايا. وتنوي شركة أرامكو تخصيص مصفاتي الجبيل وينبع لمعالجة إنتاج حقل منيفة العملاق الغني بالكبريت، والذي لا ترغب به الأسواق العالمية حاليا، وعجلت شركة النفط الوطنية في طرح مناقصة تطوير حقل منيفة الضخم المتوقف منذ 25 عاما من 200 ألف إلى 900 ألف برميل يوميا من الزيت العربي الثقيل، الذي يحتوي على نسب عالية من الكبريت، حيث من المقرر أن يبدأ الإنتاج بالحقل في حزيران (يونيو) 2011.