إعادة الترتيب إلى منزلك
شهد العصر الحديث زيادة في النزعة الاستهلاكية وولع الناس بالشراء حيث أصبح كل ما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه الناس متوافرا في الأسواق بأسعار يثير تفاوتها العجب وبمختلف الأشكال والألوان التي ترضي جميع الأذواق.
أصبح التسوق أحد أنشطة الترفيه التي يمارسها الناس كلما أمكن، فامتلأت المنازل بمختلف الأشياء والمقتنيات التي قد يكون قاطنوها بحاجة إليها وقد لا يكونون. وبالتالي أصبحت مهمة تنظيم وترتيب المنزل في الغالب مهمة صعبة فالفوضى تضرب أطنابها هنا وهناك والأشياء والمنتجات مكدسة في كل مكان. وغالبا ما يكون من الصعب التخلص من كل هذه الفوضى ويتحجج المرء بأنه قد يحتاج هذا الشيء أو ذاك فيما بعد، أو بأن هذا الشيء غال ولا يمكنه التفريط فيه حتى لو لم يكن بحاجة إلى استخدامه.
أحيانا ننسى الأسباب التي تدفعنا إلى التنظيم بمجرد أن ندرك أنه استثمار بعيد المدى. فعندما يكون السبب هو أن يبدو المنزل في صورة أفضل مثلا، نجد أننا نبدد جهودنا وبعد العمل لساعات طوال نجد أننا ندور في حلقة مفرغة حيث نعود إلى نقطة البداية.
أحد أهم النتائج المباشرة لتنظيم المنزل والبيئة المحيطة هو الحصول على راحة البال. حيث نستثمر الوقت والطاقة والموارد في استعادة النظام في المكان المحيط بنا، وعندما يتم ترتيب الأشياء من حولنا بشكل معقول سنجد أن قدرتنا على التفكير صارت أفضل وأن قدرتنا على العمل قد زادت.
غالبا ما يحتاج تطوير الذات إلى بيئة مرتبة وإلى إجراء تغييرات في نمط الحياة وإصلاح العلاقات مع من حولنا. عندما نسعى إلى استعادة النظام، فنحن في الواقع نبدأ في تعزيز الحدود الشخصية ونمارس الإدارة الذاتية على نحو أفضل ونطلق إمكانياتنا الذاتية.
من الناحية العملية، وعندما نبدأ في عملية تنظيم المنزل، فنحن نخدم بيئتنا وأمتعتنا ومواردنا ووقتنا ومالنا. ونضع في اعتبارنا احتياجات الآخرين ممن يشاركونا المنزل من باقي أفراد العائلة.
وأخيرا، فإن إعادة النظام إلى المنزل، ستتيح لنا التنفس بعمق حيث سنبدأ في المرور بتجربة التحرر من الفوضى. وسيعم السلام على المنزل فعندما نعيش مع المزيد من النظام والوضوح نكون أكثر استعدادا للحفاظ على التزاماتنا تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين. ومن ثم يساعد هذا على تقوية علاقاتنا.
عندما نستثمر في اتباع نمط حياة يسوده النظام، فنحن لا نستثمر فقط في الحفاظ على الهدوء والسكينة وراحة البال وإنما نستثمر أيضا مستقبل أطفالنا، لأننا بهذا نقدم لهم قدوة حسنة في ضبط النفس وتحقيق النظام.
عندما تتحول الفوضى في المنزل إلى نظام يبعث السلام والراحة في نفوس من يراه ويحيا فيه، سنجد أننا نحب دعوة الناس إليه ليشاركونا تجربة الاستمتاع بهذا الهدوء والسكينة. عندما نحيا في نمط حياة لا تتماشى مع قيمنا، سنجد أن حياتنا لا تتطابق مع أولوياتنا الحقيقية. ولكن استعادة النظام إلى المنزل يمكن أن يمنحنا نعمة تطبيق الأولويات التي نختارها.