حياء غير حميد
بعض الحياء لا يبدو حميدا أبدا، ومع الأسف فإعلامنا يمارسه مع إصرار عجيب. بل إن هناك من يعطي مزيدا من المبررات، حتى يسبغ على هذا الحياء مزيدا من الحلاوة.
وعندما تتأمل الإعلام في محيطنا العربي، تجد أن هذا الحياء، يتحول تجاهنا إلى نوع من الوقاحة، بمجرد حصول حادث عابر، أو لجوء السفارة في إحدى الدول إلى التحفظ على منح تأشيرة لهذا أو ذاك.
ما يدفعني إلى هذا القول، ما تشهده بعض البلدان العربية من حوادث تستهدف السياح السعوديين، .. ومع الأسف فإن ردة الفعل على مثل هذه الحوادث التي تتكرر كل عام تبقى هادئة. نحن مع الهدوء، ومع عدم التعميم، ومع احترام الجميع. لكن في المقابل لا بد من توفير ضمانات كافية للأسر التي تعبر الحدود تجاه هذا البلد أو ذاك لتتفاجأ بمجموعة من البلطجية الذين يجبرونهم على النزول من السيارة ويستولون على كل ما لديهم بما في ذلك سيارتهم ويمضون في سبيلهم. وفي عصر أصبحت فيه الأرشفة ميسورة، بإمكان أي إنسان أن يبحث في الحوادث المشابهة التي تكررت أكثر من مرة، ومع ذلك فإننا في كل عام نفتح صحفنا وإعلامنا لنشرات العلاقات العامة الصادرة عن السفارات لتقديم تطمينات للناس بأن هذا البلد أو ذاك آمن.
أن تتكرر مثل هذه الحوادث عاما بعد آخر، وأن يكون ضحاياها أسر آثرت أن تمارس سياحتها في دول مجاورة أمر لا يمكن أبدا أن نتحدث عنه بشيء يوحي بأنه أمر عابر، وغير مهم. لقد نبه خادم الحرمين الشريفين السفراء في مختلف بلدان العالم بإعطاء أولوية لهموم المواطنين وقضاياهم. وقد رأينا صدى هذه الكلمات من خلال زيادة اهتمام السفارات بقضايا المواطنين في الخارج. لكنني ما زلت أؤكد أن على الإعلام أن يصنع رأيا عاما يطرح خيارا واضحا: إما أن تحقق هذه الدول الشقيقة الأمان للسائحين أو أن يتم تحذير الناس من السفر إلى هذه البلدان.
على هذه الدول أن تعترف بأن جزءا مهما من مداخيل سياحتها يرتكز على السائح السعودي، والمنطق يقول إن عليها أن تتعامل مع هذا السائح بما يليق به من تقدير واحترام، وأن تكون له الأولوية في الخدمات وفي العروض المميزة. الغريب أن ما يحدث هو العكس مع استثناءات محدودة حتى إشعار آخر.