أسواق النفط تبحث عن اتجاه في ظل تراجع ضغوط العوامل السياسية والأمنية
تبدو السوق النفطية فاقدة للتوجه العام مع استمرار العطلة الطويلة لنهاية الأسبوع والاستعداد لموسم قيادة السيارات، وبالتالي لم ترشح معلومات يمكن البناء عليها للتأثيرعلى اتجاهات السوق بصورة واضحة. فعند إغلاق الأسواق الجمعة الماضي حقق خام ويست تكساس الحلو الخفيف زيادة طفيفة لا تذكر، إذ زاد خمسة سنتات ليغلق سعر البرميل عند 71.37 دولارا. لكن الأرقام التي بثتها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أدت الى تنامي الشعور بتزايد الاعتماد على الخارج لتوفير كميات أكبر من المنتجات المكررة خاصة في ضوء إغلاق العديد من المصافي بعض مرافقها الإنتاجية أو كلها في موسم الصيانة السنوي. فالإنتاج المحلي للمصافي الأمريكية تراجع بنحو 300 ألف برميل يوميا الى 15.3 مليون برميل يوميا، الأمر الذي يضع الطاقة التشغيلية في حدود 89.7 في المائة للمصافي العاملة.
وتبدو النسبة مقلقة مع البدء الرسمي لموسم قيادة السيارات من ناحية، ثم للخوف من موسم الأعاصير الذي يتوقع له أن يبدأ مطلع تموز (يوليو) المقبل حاملا معه ذكريات ما حدث العام الماضي بسبب إعصار كاترينا، إلى جانب حرمان طاقة إنتاجية في حدود 340 ألف برميل يوميا لا تزال خارج الشبكة الإنتاجية.
وفيما يتعلق بوضع المخزونات فإن إدارة معلومات الطاقة أوضحت في تقريرها للأسبوع الماضي أنه تم حقن 83 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي في المخزونات الموجودة في الكهوف، وذلك حتى الأسبوع المنتهي في 19 من الشهر الحالي. وتعتبر الكمية أقل مما كانت تتوقعه السوق في وول ستريت، وهي كذلك أقل مما تم حقنه الأسبوع الأسبق وبلغ 91 مليار قدم، وكذلك أقل مما تم حقنه قبل عام وبلغ 93 مليارا. ويضع هذا مخزون البلاد من الغاز في حدود ترليونين وملياري قدم مكعب.
ويشير بعض المحللين إلى أن أسعار الغاز مرشحة لارتفاع رغم صمودها تحت ستة دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية خلال الأسبوعين الماضيين، الأمر الذي يعطي مؤشرا على احتمال أن تشهد ارتفاعا يسحب معه أسعار النفط الخام.
احتياطي البنزين من ناحية أخرى شهد زيادة بأكثر من مليوني برميل إلى 208.5 مليون برميل، بينما سجلت مخزونات الخام من النفط تراجعا بنحو 300 ألف برميل إلى 343.9 مليون. وفي الوقت ذاته زادت المقطرات 2.5 مليون برميل إلى ما يزيد قليلا على 117 مليونا.
واردات السوق الأمريكية من النفط الخام سجلت تراجعا بنحو 826 ألف برميل إلى 9.6 مليون برميل يوميا. وكان سعر البرميل قد شهد تراجعا الإثنين الماضي بنحو دولار إلى 68 دولارا للبرميل من خام ويست تكساس هو الأكبر من نوعه خلال فترة ستة أسابيع.
وبدأت التقارير تترى عن تراجع في الإنتاج السعودي من الخام وربما الإيراني كذلك، وذلك وفق إفادة من مؤسسة برتولوجستكس، ولو أن الإنتاج العام لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" لا يزال يزيد على 29 مليون برميل يوميا.
والحديث عن التراجع في الإنتاج والصادرات يبدو طبيعيا في مثل هذا الوقت من العام حيث الطلب يقل عادة في الربع الثاني. ومن ناحية أخرى سجلت نيجيريا زيادة طفيفة في حجم إنتاجها في حدود 200 ألف برميل تعوض بها ولو جزئيا عما يزيد على نصف مليون برميل ظلت خارج الشبكة الإنتاجية لأسباب تتعلق باضطربات سياسية وعرقية في منطقة دلتا النيجر.
وأسهم هذا التطور على الساحة النيجيرية في تخفيف عبء العوامل السياسية والأمنية خاصة والملف الإيراني مرشح لفسحة من الوقت إلى أن يتبلور شيء بخصوص مواجهة طهران للدول العربية فيما يتعلق بملفها النووي. وجاء قرارها تعليق فكرة الحوار مع واشنطن بخصوص العراق ليعقد من الوضع، لكن المحاولات الديبلوماسية لا تزال على قدم وساق إذ تسعى واشنطون جهدها إلى تبلور موقف دولي رافض لبرنامج طهران النووي، وهو ما اتضح صعوبة تحقيقه حتى الآن.
وهكذا ففي الوقت الذي تشهد الجبهة السياسية والأمنية هدوءا قلقا فإن الأسواق تستعد من ناحية أخرى للبدء في موسم قيادة السيارات الذي يرقبه المحللون بدقة لمعرفة مدى تأثير وصول جالون الوقود إلى ثلاثة دولارات واحتمال تأثير ذلك على الرحلات التي يقوم بها المسافرون وإذا كانت ستؤدي إلى خفضها أم لا. كذلك ومع أنه لا تزال هناك نحو فترة أربعة أسابيع تفصل الأسواق عن موسم الأعاصير إلا أن القلق من تكرار تجربة العام الماضي يظل قائما وباستمرار.
هذا بالطبع إلى جانب العامل الجيوسياسي، الذي لا يزال يلقي بثقله على سعر البرميل من خلال نحو 15 دولارا من السعر الحالي يمكن إرجاعها لعوامل سياسية أو أمنية نابعة من التخوفات بحدوث انقطاعات في الإمدادات، وفي غياب طاقة إنتاجية فائضة خاصة في مجال النفوط الخفيفة.
وعليه فستظل العيون على جانبي العوامل المتعلقة بأساسيات السوق من ناحية، وتلك ذات الطبيعة الجيوسياسية، ولمن تكون الغلبة في الأيام القليلة المقبلة.