الشيخ الغنيمان يرجح إتمام المسافر الصلاة إذا صلى خلف مقيم

الشيخ الغنيمان يرجح إتمام المسافر الصلاة إذا صلى خلف مقيم

أكد الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد الغنيمان الأستاذ في الجامعة الإسلامية سابقا, أن الحديث عن مسألة إتمام المسافر بمقيم في الصلاة وما يترتب على ذلك أمر بسطه الفقهاء في كتبهم وظهر من خلال هذا التناول الاختلاف بينهم ووجه الاختلاف هو حول هل يلزم المسافر الإتمام أم لا، وكان ذلك الاختلاف على عدة أقوال، أوجزها في أربعة، وهي كالتالي:
القول الأول: أنه يجب على المسافر أن يتم إذا صلى خلف مقيم، سواء أدرك جميع الصلاة أو بعضها, وهذا القول لجمهور العلماء من الأئمة الأربعة، وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وجماعة من التابعين وبه قال الثوري والأوزاعي وأبو ثور، وغيرهم، بل حكى الشافعي في الأم إجماع العلماء واستدلوا على ذلك بعدة أمور:
أولها أن عموم قوله ـ صلى الله عليه وسلم: ''إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه'' متفق عليه, قالوا ومفارقة إمامه اختلاف عليه، فلم يجز مع إمكان متابعته.
وثانيها يتضح فيما أخرجه مسلم والنسائي والطيالسي وأحمد وابن خزيمة من طرق عن قتادة عن موسى بن سلمة قال قلت لابن عباس: كيف أصلي بمكة إذا لم أصل في جماعة؟ قال: ركعتان، سنة أبي القاسم. قالوا: فمفهومه أنه إذا صلى مع جماعة يتمون فيتم مثلهم، والسنة تتصرف إلى فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم.
الثالث أن هذا الأمر فعل من تقدم من الصحابة ابن عباس وكذا ابن مسعود كما في مصنف ابن أبي شيبة وكذا ابن عمر كما في الموطأ عن نافع أن ابن عمر أقام في مكة عشر ليال يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته. قالوا هذا فعل أو فتوى من سمينا من الصحابة ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفاً، فكان كالإجماع.
واختتموها بقولهم إن هذه الصلاة مردودة من أربع إلى ركعتين فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة.
وانتقل الغنيمان لينقل أدلة القول الثاني:واستشهد بقول طاووس والشعبي وتميم بن جذلم في أن المسافر يدرك من صلاة المقيم ركعتين تجزيان.
وأما القول الثالث: يتضح من قول إسحاق أن له أن يقصر مطلقاً لأنها صلاة يجوز فعلها ركعتين فلم تزد بالإتمام.
فيما القول الرابع هو قول لابن حزم الذي يرى أنه يجب على المسافر أن يقصر ولو ائتم بمقيم - ونقله عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم عن أبيه. واستدل على ذلك بأمور :
1 ـ بأن واجب المسافر ركعتان في كل حال منفردا أو إماماً أو مأموما كما جاء في النصوص.
2 ـ ولأن المقيم خلف المسافر يتم، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في التقصير، فكذلك المسافر خلف المقيم يقصر، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في الاتهام وكل أحد يصلي لنفسه، وإمامة كل واحد منهما للآخر جائزة، ولا فرق. وقال: فالواجب على المسافر جملة القصر والمقيم جملة يتم ولا يراعي أحد منهما إماماً.
وأبان فضيلته أن الذي يظهر له ترجيح القول الأول قول الجمهور والأئمة الأربعة، لأنه قول ثلاثة من الصحابة منهم ابن عباس وابن مسعود ولا مخالف لهم من الصحابة وقد ذهب بعض الفقهاء والأصوليين إلى أن قول أو فعل الصحابي في مسألة لا نص صريح فيها حجة، وقد رجحه ابن القيم ونسبه إلى جمهور الأئمة ومال إليه ابن تيمية في الفتاوى. وأما قول ابن عباس (تلك سنة أبي القاسم) فليست صريحة في الرفع، وفي مثل هذه الصيغة اختلاف بين العلماء، ولو كانت مثل هذه الصيغة تفيد الرفع فما يمنع الصحابة من رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة فهو أقوى في الاستدلال، فلعل مرادهم الاستنباط من عموم النصوص أو مرادهم أن هذا هو الذي عليه العمل، أو غير ذلك من الاحتمالات.

الأكثر قراءة