الصاعدون يكسرون احتكار أوروبا وأمريكا المؤسسات المالية الدولية

الصاعدون يكسرون احتكار أوروبا وأمريكا المؤسسات المالية الدولية

كسر الصاعدون ضمن مجموعة العشرين (الصين والبرازيل والهند والسعودية)، وفق تسريبات عن مسودة بيان قمة العشرين التي انطلقت في وقت متأخر من البارحة في مدينة تورنتو الكندية، احتكار رئاسة المؤسسات الدولية المالية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بعد أن وافقت الدول المتقدمة على تغيير الهيكلية الإدارية فيها التي كانت تشترط أن تكون جنسية رئيس الصندوق من أوروبا فيما تعود رئاسة البنك إلى أمريكا, وذلك منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وقالت مصادر من القمة إن هذا الشرط لم يعد قائما، استجابة للأدوار التي لعبتها الدول الناشئة في دعم مسيرة تلك المؤسسات على مدى السنوات العشر الأخيرة، وإن هذا الإجراء سيسمح بتدوير رئاسة المؤسستين بين أعضاء مجموعة العشرين بالاعتماد على الكفاءة دون النظر إلى الجنسية.
إلى ذلك حث رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر مجموعة العشرين, أمس, على التعهد بخطوات إضافية لحماية التعافي العالمي الهش وسط علامات على انحسار وحدة الصف التي سادت في خضم الأزمة.
وقال ديمتري سوداس المتحدث باسم هاربر للصحافيين إن رئيس الوزراء أشاد خلال عشاء عمل لافتتاح قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها كندا بالتقدم الذي تحقق على صعيد تنفيذ التعهدات التي صدرت عن القمم الثلاث السابقة.
وقال «أشار رئيس الوزراء الى أنه إذا كان لمجموعة العشرين أن تصبح المنتدى الاقتصادي الدولي الرئيسي فإنه سيتعين عليها اتخاذ خطوات إضافية لحماية التعافي وتفعيل نمو قوي ومستدام ومتوازن».
وتعتقد كندا أن مجموعة العشرين تستطيع التحرك بسرعة أكبر لتطبيق قواعد أشد صرامة للقطاع المصرفي من أجل الحيلولة دون انهيار عالمي جديد وستجدد دعوتها من أجل وضع أهداف مالية محددة لكل الأعضاء.
إلى ذلك قال وزير المالية الكندي جيم فلاهيرتي, أمس الجمعة, إنه يشعر بتفاؤل حذر بشأن إمكانية توصل مجموعة العشرين للدول الغنية والناشئة إلى اتفاق بشأن أهداف لخفض العجز في ميزانياتها. وقال الوزير الكندي لمحطة سي بي سي التلفزيونية الكندية, إن مناقشات كثيرة جرت أدت إلى هذه الاجتماعات في كندا في مطلع الأسبوع .. ليس الجميع موافقين على الأهداف, لكن أعتقد أن هناك احتمالا معقولا للتوصل إلى ذلك, إنني متفائل بشكل حذر, من المهم جدا التوصل إلى نتائج ملموسة, نحتاج إلى أن يكون لاقتصادات العالم ثقة بما يحدث وأن تنمو. وبعث ستيفن هاربر رئيس وزراء كندا برسالة إلى نظرائه في مجموعة العشرين هذا الشهر اقترح فيها إبرام اتفاق لخفض العجز في ميزانياتها بحلول 2013 وتحقيق استقرار أو البدء في خفض معدلات الديون بالمقارنة بإجمالي الناتج المحلي بحلول 2016.
وتجري اليوم الدول الغنية والناشئة في مجموعة العشرين، في يومها الأخير، مناقشات يتوقع أن تكون حادة حول الموضوعين الشائكين: ضبط قطاع المال وفرض رسوم عليه.
وبين دول ذات أنظمة مالية مختلفة جدا لكنها التزمت بتعهدات طموحة أثناء قمتها السابقة في بيتسبرج (الولايات المتحدة)، وسيكون موضوع اجتماعات تورونتو محصورا فقط في المحافظة على الوحدة.
والجمعة أعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في مؤتمر صحافي على هامش قمة مجموعة العشرين في هانتسفيل «إني مقتنع بأننا سنتوصل في مجموعة العشرين إلى تفاهم على مجموعة من الموضوعات في قمة تورونتو ولا سيما حول ضبط عمل القطاع المالي». وسيكون التوصل إلى التفاهم على الرسم المزمع فرضه على المصارف هو الأكثر صعوبة.
ومجموعة العشرين التي كلفت صندوق النقد الدولي بتقديم مقترحاته في هذا الشان، انقسمت أخيرا حول جدوى فرض مثل هذا الرسم والطريقة التي ينبغي أن يعتمدها القطاع المالي «لضمان مساهمة عادلة وجوهرية تحمله على دفع التكلفة الناجمة عن عمليات تدخل الدول لإصلاح النظام المصرفي»، وهذه هي نقطة الانطلاق.
لكن «لا دليل على أن فرض هذا الرسم ضروري في كل الدول»، كما أوضح أندري بوكاريف أحد أعضاء الوفد الروسي الجمعة في تورونتو.
وهناك دول عدة تنتهج الخط نفسه، مثل شركاء موسكو في مجموعة الدول الناشئة (البرازيل، روسيا، الهند، والصين) والدولة الكندية المضيفة أو حتى أستراليا.
وتعد هذه الدول ليست في حاجة إلى إثارة الاضطراب في الرقابة على مصارفها ولا في معاقبتها عن طريق فرض ضريبة محددة.
وقال متحدث باسم الوفد الياباني في تورنتو، إن مجموعة العشرين لم تتطرق إلى هذه المسألة بالتحديد الجمعة، ولم يتغير الوضع منذ بيان اجتماع الوزراء في بوسان (كوريا الجنوبية) في الخامس من حزيران (يونيو) الذي أشار «إلى مجموعة مقاربات», وأكد ضرورة أن «تؤخذ في الاعتبار الظروف الخاصة والإمكانات المتوافرة لكل دولة».
وأعلن المسؤول الكبير في الوفد الأمريكي في هانتسفيل, أن مجموعة الثماني تحدثت عن «ضبط مالي بشكل أعم».
وأمضى الأوروبيون الأيام التي سبقت قمة تورنتو في التشديد على تأييد فرض هذا الرسم. وتأمل ألمانيا، فرنسا، بريطانيا أن تكون المثال في هذا الإطار.
أما الولايات المتحدة التي كانت بين مشجعي الفكرة، فلم تعد تتحدث عن الأمر أخيرا. ففي واشنطن، بات على الكونجرس بحث مسألة هذا الرسم أثناء مناقشة بنود موازنة 2010/2011 هذا الصيف.
ووصل الرئيس باراك أوباما في المقابل إلى كندا وفي جعبته تسوية توصل إليها نواب بلاده حول إصلاح عملية الضبط المالي الأكثر طموحا لدى مجموعة العشرين.
لكن مجموعة العشرين لم تحمل كثيرا إلى تورنتو، فالمباحثات بين المصارف المركزية وهيئات الضبط المالي للقواعد الجديدة للصناديق الخاصة (+ بازل 3 +) تتطلب وقتا. والتعهد بوضع حد لـ «حالات الإفراط» في المالية التي دفعت بالكوكب للوقوع في الانكماش، واجه صعوبة في إيجاد ترجمة ملموسة على الأرض.
وهكذا قالت جمعية مناهضة العولمة الجمعة إن «آخر قمم مجموعة العشرين توصلت إلى خطط للنهوض والمساعدات الكثيفة للنظامين المالي والمصرفي من دون إخضاع هذين النظامين في المقابل لعمليات تنظيم جديدة».
من ناحيته, قال رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج, إن على مجموعة العشرين للاقتصادات الرئيسية والصاعدة ألا تتعجل في كبح عجز الميزانيات تجنبا لمخاطر انكماش الأسعار, ودعا بدلا من ذلك إلى تنسيق السياسات من أجل تعاف اقتصادي مستدام.
وأبلغ سينج صحيفة «تورنتو ستار» في مقابلة نشرت أمس السبت قبيل وصوله لحضور قمة مجموعة العشرين في تورنتو «إحساسي هو أن خفض الإنفاق قبل الأوان يحمل في طياته مخاطر عالمية كبيرة جدا .. في الوقت الحالي خطر انكماش الأسعار في الاقتصاد العالمي, هو من وجهة نظري أشد بكثير من خطر التضخم».
ويعقد اجتماع مجموعة العشرين وسط جدل بشأن سبل تحسين الأوضاع المالية العامة دون تقويض تعاف متفاوت من الأزمة المالية العالمية.
وترى الولايات المتحدة أن التعافي قد يخرج عن مساره بفعل إجراءات تقشف متسارعة يجري اتخاذها في أجزاء كبيرة من أوروبا لخفض الديون ومستويات العجز, لكن بدا أن قادة مجموعة الثماني تجاوزوا خلافاتهم قبيل القمة.
وقال سينج إن طريقة تعامل أوروبا مع مشكلات ديونها ستكون «عاملا رئيسيا في تحديد طريقة تطور الاقتصاد العالمي».
وبدأت الهند بالفعل سحب إجراءات التحفيز التي أعلنت في أعقاب الأزمة المالية. وكشفت نيودلهي عن خريطة طريق لخفض العجز إلى 4.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية آذار (مارس) 2013 من 5.5 في المائة في ميزانية السنة المالية الحالية التي تنتهي في آذار (مارس) 2011 مدعومة في ذلك بازدهار العائدات نتيجة لتسارع النمو.
ومن المنتظر أن ينمو ثالث أكبر اقتصاد في آسيا 8.5 في المائة هذا العام بعد نمو نسبته 7.4 في المائة في العام الماضي.

الأكثر قراءة