اليوم .. بين «التقشف» و«الانتعاش» يلتئم شمل قادة العشرين في تورنتو
يلتئم اليوم قادة أكبر 20 اقتصادا في العالم بينهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في تورنتو الكندية للمشاركة في أعمال قمة مجموعة العشرين الرابعة، وهم منقسمون بين سياسات التقشف وترشيد الإنفاق من جهة والاستمرار في برامج التحفيز والإنفاق الحكومي من جهة أخرى، لمناقشة كيفية السيطرة على عواقب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.
ووفق تقارير دولية فإنه ليس من المنتظر أن تسفر القمة التي تستمر ليومين وتشارك فيها الدول الغنية والناشئة الرئيسية في العالم وهي الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وكوريا والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ودعي أيضا إلى قمة تورنتو: إثيوبيا وملاوي وهولندا وإسبانيا وفيتنام، كضيوف شرف، عن قرارات كبيرة.
ونادى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الجمعة قادة دول مجموعة العشرين إلى مواصلة الإصلاحات وإعادة إطلاق النمو الاقتصادي.
وذكر أوباما أن القمة التي ستعقد السبت والأحد في تورنتو هي القمة الثالثة لمجموعة الدول العشرين الأقوى اقتصاديا في العالم التي يشارك فيها منذ تسلمه سلطاته قبل سنة ونصف سنة.
وقال أوباما إن الاجتماعات السابقة لمجموعة العشرين أتاحت تجنيب الاقتصاد العالمي الكارثة وسهلت العمل معا لإقرار نمو متوازن.
''آمل بأن نتمكن خلال عطلة نهاية الأسبوع هذه في تورنتو من أن نستند إلى هذا التقدم الذي تحقق لتنسيق جهودنا ودفع النمو الاقتصادي ومواصلة الإصلاحات المالية وتعزيز الاقتصاد العالمي.''
وأضاف الرئيس الأمريكي ''علينا أن نتحرك معا لسبب بسيط: أن هذه الأزمة أثبتت - والظروف تواصل إثبات ذلك- أن اقتصاداتنا الوطنية مترابطة تماما''.
وخلص الرئيس الأمريكي إلى القول ''إن الاضطراب الاقتصادي ينتشر بسهولة، وإنشاء آليات في كل بلد من بلداننا يمكن ان يسهم في حمايتها كلها.''
إلى ذلك قال أمس رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو للصحافيين في تورنتو ''رسالة الاتحاد الأوروبي للقمتين هنا في كندا واضحة: يجب ألا نسمح بأن يتراجع عزمنا على العمل الدولي والمنسق.''
#2#
#3#
#4#
وانضم إليهما في وقت لاحق أمس في تورنتو رؤساء كل من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة إضافة إلى رئيسي وزراء بريطانيا واليابان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وتعهدت قوى العالم قبل عشر سنوات بزيادة مساعداتها التنموية بشكل كبير بحلول عام 2015 وفقا لما يطلق عليه الأهداف الإنمائية للألفية، لكن الإحصاءات الأخيرة أظهرت أنها (الأهداف) لا تزال بعيدة عن المستهدف.
وأكد باروسو أنه يجب على زعماء المجموعة تسريع جهودهم لدعم مساعدات التنمية قبل حلول نهاية المهلة الأصلية المحددة عام 2015.
وقال باروسو للصحافيين في تورنتو ''اليوم، لم نصل بعد إلى (تلبية) كافة التعهدات فيما يخص أهداف التنمية للألفية..في حال أردنا أن نكون ناجحين، يجب علينا تكثيف جهدنا.''
ويأمل الرئيس الأمريكي باراك أوباما العودة من اجتماعات مجموعة الثماني ومجموعة العشرين في كندا باتفاق بشأن مواصلة الجهود لإنعاش الاقتصاد، وهو أمر أساسي لترسيخ نمو ما زال بعيدا عن محو أضرار أسوأ أزمة منذ الثلاثينيات، ويعطي مؤشرات ضعف في الولايات المتحدة.
وندد الرئيس الأمريكي خلال أشهر بكلمات تكاد تكون مبطنة باستراتيجية الصين لخفض قيمة عملتها ما يتيح لها قدرة تنافسية في التصدير على حساب الصناعات الأمريكية خصوصا.
وسواء كان الأمر صدفة أو لا، أعلن المصرف المركزي الصيني اعتماد مزيد من ''المرونة في سعر صرف'' العملة الوطنية، وترجم ذلك بارتفاع قيمتها. لكن سرعان ما أرفقت بكين هذه المبادرة برفض متجدد لبحث هذه المسألة في إطار مجموعة العشرين.
وسيتعين على أوباما الذي أطلق منذ تسلمه مهامه مطلع 2009 خطة ضخمة لإنعاش الاقتصاد تقدر بـ 787 مليار دولار، مواجهة الاستراتيجية المتضاربة التي تم اعتمادها في أوروبا، حيث التوجه إلى التقشف بعد الصعوبات المالية في اليونان وإسبانيا وأيضا في بريطانيا.
وقال فريبورز غادار الخبير في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن ''في المرة الأخيرة التي التقوا فيها، سواء أكان في مجموعة الثماني أم في مجموعة العشرين، كان هناك توافق لا بأس به. فالاقتصاد العالمي (الذي يعاني) مشاكل (...) سيقومون بتحفيزه، لكن التوافق هذه المرة سيكون بدرجة أقل.''
وأقر أوباما الجمعة بأنه ''لا بد أن نلتزم بضبط ميزانياتنا ما سيؤدي إلى استقرار نسب الدين قياسا بإجمالي الناتج الداخلي، عند مستويات مناسبة على المدى المتوسط''، مذكرا بالتزامه الشخصي العمل لبلوغ هذا الهدف.
لكنه استطرد ''علينا أن نعتمد المرونة لضبط وتيرة عملية الضبط والتعلم من الأخطاء التي ارتكبت في الماضي، عندما تم الاستغناء عن تدابير الإنعاش بسرعة كبيرة''. وتتخوف إدارة أوباما من أن يطول تباطؤ الاقتصاد الأمريكي الذي يشكل الاستهلاك الداخلي محركه الرئيسي.
#5#
#6#
كذلك أقر أوباما الثلاثاء بان الاقتصاد ''لا يتقدم بالسرعة التي نريدها''. وقبله صرح وزير الخزانة تيموثي غايتنر بأن الاقتصاد الوطني ما زال ''يمر بمرحلة بالغة الصعوبة.''
وثمة جانب آخر لا يقل أهمية في هذا الخصوص، هو إصلاح النظام المالي الذي بدأ في الكونجرس الأمريكي، لكنه يعني أيضا دولا أخرى مع مقاربات مختلفة.
ولفتت هيذر كونلي مسؤولة الدراسات الأوروبية في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن إلى أن ''الأوروبيين يرغبون بقوة في استحداث ضريبة عالمية على المصارف لدفع (تكاليف) الأزمات المصرفية المقبلة وخطط الإنقاذ. لكن الأمر ليس واردا بالنسبة إلى الولايات المتحدة وكندا واليابان.''
من ناحيته دعا أمس رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، قادة ورؤساء دول الثماني الكبرى ودول العشرين التي تضم أكبر اقتصادات العالم الصاعدة التركيز على الأولويات التي تخدم البشرية وتقدم لهم ما يريدون. وقال كاميرون في حديث لصحيفة ''جلوب آند ميل'' الكندية، يجب أن تركز هذه القمم على الاقتصاد العالمي وإصلاح البنوك وتعزيز التجارة. وأكد على أهمية وجود أسلوب جديد في التفكير وقيادة سياسية جديدة للمشاكل التجارية والمساعدات التي تقدم والاقتصاد العالمي، وأن تركز القمة على تحقيق نتائج ملموسة.
#7#
#8#
كما دعا الدول الأعضاء في المجموعتين اللتين تعتبران معا أكبر الاقتصادات الرئيسية في العالم إلى وضع خطط من شأنها وضع أموالهما العامة تحت السيطرة مثلما فعلت بريطانيا عندما أعلنت وضعها ميزانية للطوارئ يوم الثلاثاء الماضي. وحول محادثات الدوحة التجارية ألمح كاميرون إلى أن بلاده على استعداد لعقد اتفاقيات تجارية ثنائية مع العديد من الدول من أجل إحراز تقدم في الموضوعات العالقة منذ عقود.
وفي السياق ذاته ذكر كاميرون أن ''إصلاح الاقتصاد العالمي سيكون من أكبر المواضيع التي سيتم تناولها'' مضيفا ''يجب ان يكون لدى الدول المرونة في التصرف وذلك مع الاخذ في الاعتبار ظروفها الوطنية''. كما قلل رئيس الوزراء كاميرون من شأن التوقعات التي تنبأت بوقوع صدامات بينه وبين الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي كتب في الأسبوع الماضي محذرا دول (جي.20) من خطر سحب الحوافز المالية في وقت قريب جدا كون أن من الممكن أن يعيد ذلك خطر رجوع الاقتصادات العالمية إلى حالة الركود التي شهدتها خلال الفترة الماضية.
في المقابل أقرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس بأنها لم تستطع إقناع الاقتصادات الرائدة الأخرى بدعم فرض ضريبة عالمية على المعاملات البنكية ، وذلك قبل فترة قصيرة من قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في كندا.
وقالت ميركل في برلين قبل مغادرتها لحضور القمة المقررة يومي 26 و27 حزيران (يونيو) الجاري: ''لا أعتقد أننا سنتبنى جميعا وجهة نظر واحدة'' ، مضيفة أنه جرى التفكير بشكل كاف في الضريبة ، وحان الوقت لاتخاذ القرار.
وأضافت: ''أفضل إبداء رد واضح على عدم إبداء أي رد على الإطلاق.''
يذكر أن دول الاتحاد الأوروبي في خلاف مع الولايات المتحدة والعديد من الدول النامية بشأن فرض ضريبة عالمية على المعاملات البنكية لاسترداد بعض الأموال من البنوك التي تحملت مخاطر مفرطة خلال الأزمة المالية في عام 2008.
وأوضحت ميركل أنه في حال استمرت مجموعة الثماني في المقاومة ، سيعمل الاتحاد الأوروبي بمفرده، معربة عن سرورها إزاء الموقف الموحد الذي تبناه التكتل بتأييد فرض رسوم بنكية وكذا الضريبة العالمية.
ودعت المستشارة الألمانية مجددا إلى تنظيم عالمي للأسواق المالية.
وقالت: ''تعهدنا بضمان عدم ترك أي لاعبين أو مؤسسات أو منتجات مالية بدون تنظيم.. أحرزنا تقدما تجاه ذلك، غير أنه لا يزال غير كاف.''
#9#
#10#
وأعربت ميركل عن توقعاتها بإجراء نقاش حاد في مدينة تورنتو الكندية حول السياسات الاقتصادية، قائلة إن هناك ''فلسفات مختلفة''، في إشارة إلى انتقاد واشنطن للخطوات التي اتخذتها برلين لخفض العجز في ميزانيتها بشكل سريع.
وأشارت المستشارة إلى أن بلادها والاتحاد الأوروبي سيبلغان سائر الدول المشاركة في القمة بأن خفض معدلات العجز أمر مهم لتحقيق نمو مستدام.
إفريقيا من ناحيتها تبحث عن موطئ قدم بين الكبار، إذ يبحث القادة الافارقة الذين لم يشاركوا في اجتماعات قمة مجموعتي العشرين والثماني من قبل إلا بصفة مدعوين متواضعين يتلقون وعودا بمساعدات، في كندا عن مكان أقوى لهم في ملعب الكبار.
وقال سورين امبروز الخبير في مساعدات التنمية وممثل منظمة أكشن إيد المتمركزة في كينيا ''نريد أن يطلب رئيس الاتحاد الإفريقي بشكل واضح تمثيلا دائما في مجموعة العشرين''.
ولا تشمل مجموعة العشرين التي تبرهن تدريجيا على أنها المنتدى الاقتصادي العالمي الرئيسي، إلا دولة واحدة من القارة السوداء هي جنوب إفريقيا. وعندما تدعى دول أخرى يتم اختيارها وفق معايير آنية.
واختارت أوتاوا هذه السنة رؤساء الجزائر عبد العزيز بوتفليقة والسنغال عبد الله واد وجنوب إفريقيا جاكوب زوما ونيجيريا غودلاك جوناثان وملاوي بينغو وا موثاريكا.
وأكد امبروز أن موقف هذه الدول التفاوضي ضعيف لأنه ليس لديها سوى أسابيع للاستعداد ولا تشارك في مناقشات الدول الأعضاء.
وقد يكون ذلك من الأسباب التي تمنع تنفيذ الوعود.
وقالت الناشطة في منظمة ''وورلد فيجن'' سو مبايا (زيمبابوي) إنه ''من المشجع أن تمثل إفريقيا بشكل أفضل في اجتماعات القمة هذه لكن علينا أن نعرف ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى التزام جديد من أجل الأمهات والأطفال الأفارقة''.
والدول الغنية متفقة على ضرورة بذل جهود في هذا المجال لكنها تواجه مشاكل اخرى في ما يتعلق بإفريقيا، مثل القرصنة البحرية والإرهاب أو تهريب المخدرات.
وصرح رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فاو رومبوي الخميس للصحافيين بأن ''العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا تشكل أولوية'' للأوروبيين، مؤكدا على التزام هؤلاء إرساء ''السلام والأمن في إفريقيا.''
وتؤكد نيجيريا البلد الذي يضم أكبر عدد من السكان في إفريقيا والغني بالنفط، من جهتها على شراكة على قدم المساواة وتريد جذب استثمارات خاصة إلى إفريقيا على حد قول رئيسها غودلاك جوناثان لرجال اعمال كنديين.