الغرب ومخاطر الاعتماد على روسيا مصدرا للطاقة
بدأت الأوساط السياسية الروسية تعرب عن استيائها من الحملة المتصاعدة في أوساط الرأي العام الغربي حول ضرورة تقليل الاعتماد على روسيا في توفير الطاقة اللازمة للمستهلك الأوروبي، باعتبار أن موسكو تستخدم الطاقة كأداة لتحقيق أغراضها السياسية. ويلاحظ المراقبون الروس أن هذه الحملة تتصاعد كلما اقترب موعد انعقاد قمة الثماني الكبار في عاصمة روسيا الشمالية بيتربورج. ولعل تصريحات بوتين في ختام مباحثاته مع المستشارة الألمانية، والتي جاءت بمعرض التعليق على هذه الحملة، حملت رسائل مهمة وغير مباشرة للغرب، حيث أكد بوتين أن بلاده تفتح أسواقا بديلة للسوق الأوروبية، وذلك بسبب القلق الناجم عن هذه الحملة التي أدت إلى الاعتقاد أن الغرب سيقلص وارداته من موارد الطاقة الروسية، ما سيؤدي لآثار سلبية عميقة على الاقتصاد الروسي.
ومما لا شك فيه أن توقيت هذه الحملة يستهدف الضغط على موسكو قبل انعقاد قمة "الثماني الكبار" باعتبار الكرملين يصر على تقديم مجموعة من المقترحات في إطار مشروعه لضمان أمن الطاقة العالمي، التي تتعارض مع ما يسمى "الكتاب الأخضر" الذي يرسم ملامح استراتيجية الطاقة للاتحاد الأوروبي، حيث تسعى روسيا خلال رئاستها الدورة على التوصل إلى مجموعة اتفاقات بين الدول المستهلكة لموارد الطاقة والدول المنتجة لها، تهدف إلى تخفيف حدة التنافس في أسواق الوقود والطاقة وتضمن توريد وتصريف موارد الطاقة، حيث يتم التركيز العقود طويلة الأجل لتوريد النفط والغاز والكهرباء ليصبح لها الأولوية القصوى على السوق الحرة، خلافا لم يقدمه "الكتاب الأخضر" من مبادئ لاستراتيجية الطاقة الأوروبية، إذ يدعو إلى الإسراع في تحرير أسواق الغاز والكهرباء في الاتحاد الأوروبي وتقليص مشتريات موارد الطاقة خارج الاتحاد الأوروبي.
وإضافة إلى ذلك يدعو "الكتاب الأخضر" إلى هدم النظام القائم للاتفاقيات الثنائية بين بلدان الاتحاد الأوروبي وروسيا، ويقترح أن يحل محلها اتفاق إطار واحد بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. وفي هذه الحالة ستتاح لبلدان أوروبا الشرقية الفرصة لحماية أسواقها من اتفاقيات ثنائية تؤثر على مصالحها مثل الاتفاق الروسي ـ الألماني.
وتتوسع دائرة الخلاف لتشمل مقترحات روسيا الخاصة بإنشاء مراكز دولية لإنتاج الوقود النووي وتخزين الوقود النووي المستهلك وتدريب الكوادر المختصة. وبالإضافة إلى أن هذه المقترحات ستساعد في حل مشكلة "فقر الطاقة" وتعزيز نظام منع انتشار التكنولوجيا النووية، فهي ستمكن روسيا من الحفاظ على موقع متقدم في أسواق الطاقة النووية العالمية، وستخفف من حدة الصراعات بين الدول المصدرة لهذه الطاقة، بعد أن كشفت أزمة الملف النووي الإيراني عن ثقل العبء الواقع على كاهل موسكو لحماية مصالحها في السوق الإيرانية الواعدة.