الوسطية شريعةُ الله كامِلة شاملةٌ لا تحتاج إلى تعديلٍ أو توجيه

الوسطية شريعةُ الله كامِلة شاملةٌ لا تحتاج إلى تعديلٍ أو توجيه

دعا الشيخ صالح بن محمد آل طالب إمام وخطيب المسجد الحرام كل مسلم إلى اتباع هدي الإسلام بعيداعن الغلوّ والتنطُّع وإن حمَلَ عليه رغبةٌ في الخير ومحبَّة في الدين، إلاَّ أنه عملٌ غيرُ رشيد ومنهج غير سديد لمخالفتِه الكتابَ والسنة، وهما الميزان لصحَّة المنهج وسلامة المعتَقَد وصوابِ العمل.وعلى هذا يُقاس إرادةُ الإصلاح، وأضاف, كم من مصوِّتٍ: "إنما نحن مصلحون" وهم في حقيقتهم مفسِدون مخرِّبون، في طرفَي النقيضِ يعمَهون، قد اتَّخذت كلُّ طائفةٍ الأخرَى وسيلةً لتبريرِ مواقفها وتمريرِ مخطَّطاتها، والله أعلمُ بما يوعون، طرفٌ يكفِّر المسلمين وطرفٌ يريد من المسلمين أن يكفُروا، أهل هَوى، لا يقتَفون أثرَ نبيّ، ولا يؤمِنون بغيث، ولا يعفون عن عَيب، يأخذون بالشّبهات، ويسيرون في الشّهوات، المعروفُ عندَهم ما عرَفوا، والمنكَر ما أنكروا، مفزَعُهم في المعضِلات إلى أنفسِهم، وتعويلُهم في المهمَّات على آرائهم، كأنَّ كلَّ امرِئ منهم إمامُ نفسه، قد أخذ منهم فيما يرى بِعُرًى ثقات وأسبابٍ محكمات، ألا فلتَجِب صيانةُ الدين من عَبث العابثين وإحاطةُ الشريعةِ بسياجٍ يمنَع عنها اللاعبين.وقال إن مقاصد الشريعة وحدودها لم توضَع على مقتضَى تشهِّي العبادِ وأغراضهم، بل هو حُكمُ العليم الخبيرِ الذي هو أعلمُ بمن خلَق وهو اللّطيف الخبير. فالواجبُ المرَدُّ إلى شريعتِه سبحانه، لا إلى أهواء العِباد، ولا إلى ما تُمليه أذهانُ البَشَر أو معارضة الوحيِ بالاستحسانِ والنظر، وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ [المؤمنون:71].وكما أنَّ الوسَطَ يعني العَدلَ والخيارَ فالوسطيّة لا تعني التوسُّط بين الحقِّ والباطل والإيمانِ والفِسق، الوسطيّةُ لا تَعني التخلِّي عن ثوابتِ الإسلام ومقتضياتِه لأجل الاقترابِ من غيره، الوسطيّةُ لا تعني خَلطَ الأديان أو جمعَ الفضيلةِ مع الرذيلة، كما أنَّ الوسطيةَ لا تعني اطِّراحَ الحقِّ المستمَدِّ من الوحيَين حينَ لا يتَّفق مع الشهواتِ.وأبان أنّ شريعةَ الإسلام بذاتها وبكلِّ تفاصيلها هي الوسطُ، فليست بحاجةٍ إلى تخفيفٍ أو تنقيص، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]. وعليه فإنّ الواجبَ على كل مسلم أن يعي هذه الحقيقةَ لئلاّ يُنتَقصَ عليهم دينُهم بحجَّة الوسطيّة، فالله تعالى قد حكَم فجعل شريعتَه هي الوسَط، فمن نقص أو زادَ فعن الوسطيّة قد حاد، وشريعةُ الله كامِلة شاملةٌ لا تحتاج إلى تعديلٍ أو توجيه، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]. ولكن يبقَى الفقهُ والعِلم الذي به يُعرَف الموقف الشرعيّ الصحيح من كلِّ واقِعة، وهذا هو دورُ العلماء الربانيِّين الراسخين في العلم بما استُحفِظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء، يعرِفون مرادَ الله من شرعِه، ويتّبعون الدليلَ وليس الهوى أو الفكرَ المجرَّد، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:43، 44].وأكد أن الوسطيّةُ في الولاء والبراء لا تحتاج إلى مزايدةٍ أو تحكُّم، فقد حَكَمها الله تعالى بقوله: لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:8، 9]. وكذا الآياتُ المحكَمة والسُّنَن المفصّلة لطريقةِ التعامل مع غير المسلمين من حربيّين وذمّيّين ومعاهَدين ومستأمَنين ومن لم تبلُغه الدعوة أصلاً.

الأكثر قراءة