جهود أوروبية للتوافق بشأن شبكة أمان مالي لمنطقة اليورو وضبط قواعد الميزانية
يسعى وزراء مالية منطقة اليورو إلى تهدئة الأسواق المالية المتوترة أمس، عن طريق الانتهاء من تفاصيل شبكة أمان مالي ضخمة لمنطقة اليورو، ومحاولة التوصل إلى قواعد انضباط مالي أكثر صرامة.
وتضع ألمانيا اللمسات الأخيرة على إجراءات تقشفية صعبة تستهدف ضرب مثل لأوروبا على دعم الميزانية والمساعدة في إعادة الثقة بالأسواق.
وقال مسؤولون، إن من المقرر أن يصادق وزراء من دول منطقة اليورو الـ 16 على ترتيبات تمكن آلية خاصة من جمع ما يصل إلى 440 مليار يورو لإقراض دول المنطقة التي تواجه مشكلات في سداد ديونها على غرار ما تواجهه اليونان.
وقال أولي رين مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية في الاتحاد الأوروبي للصحافيين "أنا واثق من أننا سنتوصل لاتفاق بشأن آلية الأغراض الخاصة". وأضاف "أن الوزراء سيناقشون أيضا استراتيجية الخروج المالي- من إجراءات التحفيز الاقتصادية- لأنه من الواضح أن كثيرا من الدول بحاجة إلى التعجيل بالدعم المالي". ومن المقرر أن يبحث الوزراء كذلك سبل تجنب أزمة ديون أخرى على غرار أزمة اليونان من خلال تشديد الرقابة على ميزانيات الدول، وفرض عقوبات أسرع وأشد على الدول التي تتجاوز حدود عجز الميزانية التي يسمح بها الاتحاد الأوروبي أو التي تحرف إحصاءاتها.
وأحجم المستثمرون الأسبوع الماضي عن شراء الأسهم والسندات الحكومية لدول منطقة اليورو، بسبب شكوك بشأن جدوى آلية الإنقاذ والملاءة المالية للبنوك الأوروبية المتعرضة لأزمة الديون السيادية. وزاد التوتر في أسواق المال بسبب القلق بشأن الاستقرار السياسي في إسبانيا صاحبة أكبر الاقتصادات المتعثرة في جنوب منطقة اليورو، والحديث الفضفاض لحكام المجر الجدد عن احتمال تعرض بلادهم لأزمة مماثلة لليونان. وما زالت حكومة المجر الجديدة تحاول التراجع عن تصريحات أدلى بها مسؤولون في الحزب الحاكم الأسبوع الماضي رغم أن تعهدها بخفض الميزانية هذا العام إلى المستوى الذي حدده صندوق النقد الدولي لم يقدم شيئا يذكر لدعم اليورو. فقد جرى تداول العملة الأوروبية الموحدة قرب أدنى مستوياتها في أربع سنوات دون 1.20 دولار، بعدما هوت يوم الجمعة الماضي لأسباب من بينها ترحيب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون بضعف اليورو أمام الدولار.
وهنا، قال رين إنه يتفق في الرأي مع جان كلود يونكر رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو على أن ما يبعث على القلق هو وتيرة التطور في سعر الصرف وليس المستوى الذي وصلت إليه.
واكتسب الاجتماع العادي الشهري لوزراء منطقة اليورو أهمية إضافية هذه المرة بسبب اضطراب الأسواق وضغط ألمانيا- أكبر اقتصاد أوروبي- للقيام بتخفيضات كبيرة في الإنفاق العام لتصحيح أوضاع الماليات العامة المثقلة بالديون. وذكر مصدر في الائتلاف الحاكم في ألمانيا أمس، أن الحكومة تعتزم خفض الإعفاءات الضريبية على الطاقة بمقدار مليار يورو في 2011 للمساعدة على دعم الميزانية. كما تعتزم خفض إعفاء الضرائب المفروضة على الطاقة بواقع 1.5مليار يورو سنويا بين عامي 2012 و2014.
ووافقت الحكومة الألمانية أمس على أكبر برنامج للتقشف في تاريخ البلاد. ويهدف البرنامج الممتد حتى عام 2016 إلى توفير نفقات بقيمة تصل إلى 51 مليار يورو في إطار الجهود الحكومية للحد من الديون. ومن المستبعد أن يشمل برنامج التقشف أي زيادة في الضريبة على الرواتب أو أي ضرائب تزيد من العبء على المواطن.
من جهتها، استدعت أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية وكبار معاونيها أمس ثلاثة وزراء وطالبتهم بـ"التضحية"، وذلك في إطار ثاني أيام المشاورات المتعلقة بتقليل الإنفاق في المؤسسات الاتحادية. وكما هو الحال بالنسبة لبريطانيا وإسبانيا، تعمل ألمانيا على تقليل الإنفاق حتى لا يصل العجز المالي إلى مستويات لا يمكن السيطرة عليها.
ومن المتوقع أن يتضمن خفض الإنفاق في الوزارات المعنية بالشؤون الاجتماعية والنقل والدفاع، وحذرت ميركل من أن معدلات خفض الإنفاق ستكون "غير مسبوقة". وكانت المحادثات قد استمرت خلال اليوم الأول لمدة 11 ساعة لتنتهي بعد منتصف الليل.
وقالت مصادر قريبة من المحادثات، إن الوزارات الثلاث تلقت تحذيرات تفيد بأنها لم تقدم التخفيضات الكافية.
وتم استدعاء الوزراء الثلاثة إلى مكتب ميركل، حيث تجتمع مع وزير المالية فولفجانج شويبله ووزير الخارجية جيدو فيسترفيله. ولم يتضح بعد حجم الخفض في الإنفاق العسكري، إلا أن فيسترفيله كان قد دعا في وقت سابق إلى وضع جدول زمني لسحب القوات الألمانية من أفغانستان. ووفقا لما قالته المصادر، فإن تقليل الإنفاق يوفر لموازنة العام المقبل فقط 11.1 مليار يورو، تليه ثمانية مليارات يورو من تخفيضات أخرى على مدار الأعوام الخمسة التالية.