دمج الثقافات: نقد تاريخي واقتصادي للثقافة ودفاع عن العولمة!

دمج الثقافات: نقد تاريخي واقتصادي للثقافة ودفاع عن العولمة!

يطرح الكتاب موضوعا مهما وهو: إلى أي مدى تؤثر الثقافة في التنمية الاقتصادية؟ فغالبا ما تفرض الثقافة قيودا على سلوك الأفراد والمجتمعات، إلا إنه في بعض الحالات يمكن أن تتغير ملامح الثقافات بسرعة ملحوظة. يقدم الكتاب محاولة لشرح هذا اللغز الثقافي.
"يتفق علماء الاقتصاد في العديد من النقاط، على الرغم مما يعتقده الكثير من الناس، إلا أن أغلبهم يتفقون في آرائهم حول الثقافة لدرجة أنهم لا يعطونها المزيد من التفكير." هكذا يبدأ الفصل الأول من هذا الكتاب لإيريك جونز، الذي يعد واحدا من رواد المؤرخين الاقتصاديين. يلقي الكتاب الضوء على موضوع العلاقة بين الثقافة والنظم الاقتصادية وأيها يحدد الملامح الرئيسية للآخر.
يستعرض الكتاب العولمة المعاصرة، مؤكدا أن التغيرات المتراكمة عبر قرون من المنافسة الاقتصادية قد نتج عنها دمج الثقافات في وحدات صغرى وكبرى، إلا أن هذه التغييرات في الوقت ذاته أدت أيضا إلى تكون ثقافات جديدة. كما يستعرض التفسيرات الثقافية للكثير من السلوكيات الاجتماعية في أوروبا وشرق آسيا والولايات المتحدة والشرق الأوسط، ما يضفي على الكتاب قيمة خاصة في مناقشته التغير الثقافي خلال فترة طويلة من تاريخ الاقتصادي العالمي.
تعد الثقافة عنصرا مهما فيما يتعلق بمخرجات النظام الاقتصادي وفي الوقت ذاته فإن الثقافة السائدة في أحد المجتمعات لا تتوقف عن الاستجابة لقوى السوق، حتى لو كانت بعض عناصر الثقافة تقاوم بضراوة متجاوزة الفترة الزمنية الذي يمكن تفسير هذه العناصر فيها في ضوء الضغوط الاقتصادية الموجودة في هذه الفترة، إلا أن الثقافات على المدى البعيد تصاب بهشاشة قد تدهش بعض المؤمنين بالحتمية الثقافية.
تأتي خاتمة الكتاب لتؤكد أن الانتقال التراكمي للثقافة عبر التاريخ أقل قوة بكثير مما يدعيه الاقتصاديون الجدد، إلا أن لها تأثيرا أكبر مما يعترف به الاقتصاديون عادة.
يعد ما يقدمه الكتاب من محاولة لإعادة تقديم وتحليل مفهوم الثقافة واحدة من أهم التطورات الواعدة في التفكير الاقتصادي في السنوات الأخيرة، حيث تبذل الآن جهودا متزايدة من أجل استخدام الفهم المتزايد للمفاهيم الثقافية في الإسراع من عملية التغير الاقتصادي.
يقدم الكتاب إضافة ممتازة لهذا الموضوع كما يحتوي على حلول مقترحة عن الحدود التي يمكن وضعها لاستخدام الثقافة كمرجعية شاملة لشرح كل شيء أو استبعادها كلية من التحليل عندما يتعلق الأمر بالمفاهيم الاقتصادية.
يدافع الكتاب بحرارة عن العولمة موجها النقد لمعارضيها وخصوصا مؤيدي الثقافة النسبية الذين يدافعون عما هو تقليدي حتى لو كانت ممارسات تتم بدافع الجهل والتعصب. يتميز الكتاب بالأسلوب الشائق وغزارة المعلومات لدى كاتبه، الذي يبدو ملما بالعديد من المجالات.

الأكثر قراءة