إعفاء الحديد..«ارتباك خليجي»
أحدث أصحاب القرار ''السياسي الاقتصادي'' الخليجي إرباكا للأسواق الخليجية التي كانت تنتظر قبل أيام قرارا بإعفاء الحديد والأسمنت من التعرفة الجمركية بعد أن شهدت السوق الخليجية نقصا حادا في المعروض منهما وارتفاعا في أسعارهما.
الإرباك تمثل في أن العشرات، إن لم يكن المئات من المشاريع الكبيرة والمتوسطة، توقفت عن شراء الحديد خلال الأسابيع الماضية، انتظارا للاستفادة من القرار المنتظر والذي كان سيحدث فائضا مطلوبا وملحا في السوق وخفضا للأسعار، ولكن أصحاب القرار خرجوا على ما يبدو ''منقسمين''، فجاءت عناوين الصحف متباينة بين إقرار للإعفاء ورفع للقادة وإعادة تقييم من مديري الجمارك.
وانتهى الأمر إلى توضيح من مصادر خليجية لـ ''الاقتصادية'' قالت إنه تقرر إحالة الموضوع إلى لجنة الاتحاد الجمركي في الأمانة العامة لمجلس التعاون والتي ستبحث خلال اجتماعها المقرر عقده في حزيران (يونيو) المقبل مقترح الكويت بشأن إعفاء بعض مواد البناء وبالأخص الأسمنت وحديد التسليح المستورد من الرسوم الجمركية،على أن ترفع التوصية النهائية بشأن المقترح إلى وزراء المالية في اجتماعهم المقبل.
ويعني هذا أن دول الخليج لم تقرر بشكل نهائي شكل القرار، إذ إن المصادر أكدت أيضا أن إحالة الموضوع إلى اللجنة المختصة في مجلس التعاون تضمن الطلب منها دراسة المقترح من جديد وطلب المرئيات حياله قبل حسم الموضوع وتمريره للتنفيذ، وذلك لن يكون قبل شهر من الآن.
نعلم أن العمل التكاملي السياسي والاجتماعي قد يحدث متاهات أكثر بيروقراطية من العمل المستقل وذلك تبعا لاختلاف التوجهات والمقومات لكل بلد، إلا أن ذلك يجب ألا ينطبق على التكامل الاقتصادي، الذي يحتاج العمل فيه إلى المرونة والسرعة التي تعني المحافظة على توازن الأسواق، ولنا في '' الفزعة'' الأوروبية لليونان والتي كانت مفاجئة وضخمة وسريعة خير مثال على أن تعقيد العمل الوحدوي الاقتصادي يعني الضرر المباشر لتلك الوحدة.
في منطقة اليورو خشي الأوروبيون أن يؤدي التهاون أو التباطؤ في حل الأزمة اليونانية في الداخل اليوناني أو بين شعوب دول الاتحاد الأوروبي، إلى تذمر من تلك الوحدة التي أعاقت إمكانية اليونان خفض عملتها وبالتالي تنفيذ إصلاح اقتصادي من جانب، وخشوا أيضا أن تهدد تلك الأزمة برفع عملة الوحدة الأوروبية'' اليورو'' ما يعني خفضا لمنافسة الصادرات الأوروبية للصادرات الأمريكية والصينية، وهذا في المحصلة إضرار بالاقتصاد الأوروبي.
لقد كان مقترح الكويت الطارئ اختبارا بسيطا للعمل التكاملي الاقتصادي الخليجي، عرض بصورة عاجلة على طاولة وزراء المالية الخليجيين بغية فك الاختناق الحادث في أهم القطاعات التنموية في دول الخليج وهو قطاع المقاولات والبناء، أو بمعنى آخر مشاريع البنية التحتية.. لكن النتيجة كانت تمديد الإرباك شهرا آخر.