الطبيب المعوق والمسجد
هناك حالات من الصعب أن تمر عليك دون أن تتناولها أو تعلق عليها لأنها أضحت سمة ملازمة لأناس ربطوا أنفسهم بالله، وأصبحت العلاقة معه هي الأساس بالنسبة لهم، فهناك أشخاص لا يمنعهم أي شيء وأي عذر عن ارتياد المسجد والصلاة فيه، حتى وإن كان معوقا فهو يتقدم المصلين وجودا في المسجد، ما جعلني أضع هذه المقدمة مشاهدتي يوميا لأحد المعوقين الجيران للمسجد الذي يأتي يوميا لأداء الصلوات متكبدا كثيرا من المتاعب حتى يحضر إلى المسجد وقد كان هذا المعوق طبيبا يشار إليه بالبنان من الأطباء غير السعوديين، والله إنه يحضر إلى المسجد بصعوبة ويرفض ركوب السيارة رغم حرص أبنائه على الإتيان به للمسجد، ولا أخفيكم أنني عندما شاهدته لأول مرة وهو يمشي بهذه الطريقة الصعبة خامرني الشك بأنه من المتسولين الذين يأتون إلى المسجد وكنت حينها ساكناً جديداً في الحي لكن عندما وجدته يدخل المسجد، ويخرج منه بشكل منتظم حتى في صلاة الفجر بشكل يومي، دفعني الفضول إلى سؤال من يعرفه فأخبرني طبيب يعرفه يقول هذا كان من الأطباء المتمكنين لكنه تعرض لعدة جلطات جعلت حالته على هذا النحو، كنت أتحدث معه ذات مرة وهو يتكلم بصعوبة فكان يحاول أن يخبرني بأنه كان طبيباً فأحضر معه ما يدل على ذلك، إن حياة هذا الرجل مرتبطة ارتباطاً روحياً بالمسجد ولا يمكن أن يمنعه عنه إلا المرض الشديد الذي يقعده، والحقيقة أن مثل هذا المعوق كثيرون ممن ارتبطوا بالله لا يؤخرهم عن صلاة الجماعة أي شيء، وقد فقدته في المسجد فترة وكان ذاهباً لإجازة فأخبرني من يعرفه بذلك، مثل هذا ليس بعظيم في مكانته لكنه دون شك عند الله له مكانة كبيرة، والحقيقة أن هذه القصة هي مثال لكثيرين ممن ربطوا أنفسهم بالله لا يتركون الصلاة مهما كانت الأمور.
يزحف للمسجد
ولا أبالغ إذا قلت إن بعض المصلين ربما يأتي وهو يزحف لأداء الصلاة وهذا ما اطلعت عليه في قصة ذكرتها سيدة إماراتية تقول: هذه القصة تحكيها سيدة من الإمارات وتقول :في الطريق إلى دبي توقف زوجي عند مسجد صغير لأداء صلاة العصر.. وبينما كنت جالسة في السيارة لمحت شيئا ما يخرج من بين مجموعة البيوت الصغيرة المحيطة فمضى بعض الوقت إلى أن تبينت أن هذا الشيء هو رجل يزحف باتجاه المسجد.. وكان هذا الرجل يضع صندلاً من المطاط في يديه ويزحف متوجهاً إلى المسجد لأداء صلاة العصر جماعة مع غيره من المصلين وكان هذا الرجل يجر الجزء الأسفل من جسده على الأرض الصلبة من تحته وقد كان العرق يتصبب على جسمه كاملا من أثر الحرارة الشديدة ومع وصوله إلى سور المسجد كان كأنه يغرق في بحر من العرق وقد تلفح وجهه بالحمرة وقد مر به كثير من المصلين في طريقهم إلى المسجد بطريقة تشير إلى تعودهم رؤية هذا المنظر الغريب ولم أتصور كيف يمكنني مساعدته.. لقد أجهشت بالبكاء بعد رؤية هذا والقصص في هذا كثيرة، نسأل الله أن يرزقنا الإيمان الكامل والعمل الصالح.