الاقتصاد اليوناني.. «سقط متاع»
هبطت أسعار الأسهم في البورصات الآسيوية إثر إشارات عن تفاقم أزمة الديون في اليونان. ومازالت المخاوف تحاصر دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن، وقد تظل مستمرة لفترة حتى يتم الوصول إلى حل نهائي للأزمة التي تواجه اقتصادات منطقة اليورو التي تتمثل في اتساع عجز الموازنة، خاصة في اليونان وانتشار تلك المعضلة إلى دول أخرى مثل إسبانيا والبرتغال.
وشهدت الأسواق أمس، حالة التسارع الهبوطي عقب إعلان مؤسسة ستاندرد آند بورز بشكل مفاجئ خفضها التصنيف الائتماني لليونان في ضوء الاضطراب المالي الذي مازالت اليونان تحاول العثور على حل له على الرغم من الإجراءات التي التزمت بها الحكومة اليونانية لخفض عجز الموازنة الذي يعد الأعلى بين الدول الأعضاء في منطقة اليورو.
على جانب آخر، خفضت مؤسسة ستاندرد آند بورز التصنيف الإئتماني للبرتغال التي تضاهي أزمة ديون اليونان في ضوء ارتفاع عجز الموازنة والمرشحة لتكون الأزمة التالية بعد اليونان، وفي إثر هذه البيانات تراجع اليورو إلى أدنى مستوياته أمام الدولار الأمريكي منذ عام تقريبا.
وانخفضت الأسهم الأوروبية لتظهر أسوأ أداء لها منذ الأشهر الثلاثة الماضية، وكذا تراجعت أسواق الطاقة وكان الرابح الأكبر الدولار الأمريكي والين الياباني مع ازدياد الطلب عليهما كملاذ آمن. وهذا ما يؤكد النفسية السيئة التي باتت تحيط بالمستثمرين وحالة الإحباط التي يأمل أن يتم الخروج منها في القريب العاجل.
الجدير بالذكر أن البيانات الاقتصادية التي تصدر عن منطقة اليورو وأهم اقتصاداتها لم تعد الشغل الشاغل بالنسبة للمستثمرين في الأسواق في الوقت الراهن، إذ إن أزمة ديون اليونان طغت تأثيرها في الأسواق وما يتبع ذلك من امتداد تلك الأزمة إلى دول أخرى في المنطقة. وانخفضت السوق اليابانية، مستندة إلى نيويورك، بنسبة نحو 3 في المائة في التداولات المبكرة، بينما افتتحت الأسواق المالية في أستراليا وكوريا الجنوبية على انخفاض بنسبة 2 في المائة.
وبدأ الاهتزاز في أسعار الأسهم بعد أن صنفت مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية ''ستاندرد آند بورز'' المديونية اليونانية إلى مستوى ''غير استثماري''، مخفضة التصنيف الائتماني لليونان من BBB+ إلى BB+، مؤكدة وجود نظرة سلبية تجاه قدرة الحكومة اليونانية الائتمانية على المدى الطويل. ويعد التصنيف الجديد من أقل الدرجات الاستثمارية التي توصف بشكل غير رسمي بأنها ''سقط متاع'' أو ''خردة''.
وسيدعو دومنيك شتراوس رئيس البنك الدولي، النواب الألمان إلى الاتفاق على إنقاذ الاقتصاد اليوناني، إذ سيسافر مع رئيس البنك المركزي الأوروبي جان - كلود تريشيه إلى برلين لإقناع السياسيين هناك بأن إعطاء اليونان مساعدات تقدر بمليارات اليوروات هو ''المحاولة الأخيرة''.
واستنادا إلى تقرير سينجز خلال الأيام المقبلة، سيقرر رؤساء الدول والحكومات تفعيل تسديد المساعدة التي يجري بحثها حاليا بين المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، والحكومة اليونانية طبعا''.
وأعلن هيرمان فان رومبوي رئيس الاتحاد الأوربي خلال زيارته لطوكيو الأربعاء الماضي، أن لقاء على مستوى رؤساء الدول والحكومات سيعقد في العاشر من أيار (مايو) المقبل لمناقشة الأزمة اليونانية.
وأكد أن المفاوضات بشأن المساعدات جارية ''على الطريق الصحيح''، وأنه ''ليس واردا إعادة الهيكلة'' للمديونية اليونانية.
وأضاف ''استنادا إلى تقرير سينجز خلال الأيام المقبلة، سيقرر رؤساء الدول والحكومات تفعيل تسديد المساعدة التي يجري بحثها حاليا بين المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، والحكومة اليونانية طبعا''.
إلى ذلك ذكرت صحيفة ''فايننشيال تايمز'' البريطانية أن البنك الدولي ينظر في رفع مساهمته في حزمة الإنقاذ بزيادة عشرة مليارات يورو إلى 15 مليار يورو الذي اقترح إقراضه إلى أثينا ليصبح المبلغ الجديد 25 مليار يورو.
ويقول مراسلون لإذاعة (بي. بي. سي) إن فكرة إنقاذ الاقتصاد اليوناني فكرة لا تلقى ترحيبا لدى الشعب الألماني الذي يشك في أنها ستنقذ اليونان من الإفلاس.
تصاعد المخاوف
واعترفت الحكومة اليونانية بأنها لم تعد قادرة على جمع الأموال من الأسواق العالمية.
ودعت الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لإطلاق حزمة الإنقاذ، لتتمكن من البدء بإعادة دفع الديون بدءا من الشهر المقبل.
وفي اليونان نفسها، دعا متظاهرون البلاد إلى التوقف عن سداد الديون، وبذا ستدفع البنوك العالمية ثمن الأزمة.
كما هبطت أسعار الأسهم في نيويورك، لندن، فراكفورت، وباريس الثلاثاء الماضي، بأكثر من 2 في المائة بعد أن أصبحت اليونان أول دولة عضوا في منطقة اليورو يصنف مستواها الائتماني إلى هذا المستوى غير الاستثماري.
وعندما تنزل مؤسسات التصنيف الائتماني درجة التصنيف الائتماني للبلد فإن ذلك يجعل من المجازفة بالنسبة للمستثمرين الاستثمار فيه. كما أن لدى بعض المؤسسات قواعد تمنعها من الاستثمار في المناطق ذات التصنيف الائتماني المنخفض.
وقال وزير المالية اليوناني جورج باباكونستانتينو ''إن التطورات الحالية ناجمة في جزء منها عن تحركات أوسع في السوق طالت عدة دول في المنطقة الأوروبية''.
وخفضت ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني للبرتغال بدرجتين من A+ إلى A- قائلة إن الحكومة ستواجه مصاعب في الحفاظ على نسب المديونية.
واعتبر محللون تخفيض التصنيف الائتماني للدولتين المنتميتين للاتحاد الأوروبي مؤشراً على استمرار هشاشة اقتصاد المنطقة الأوروبية. وصعدت هذه الخطوة المخاوف من انتشار هذه الأزمة في عموم أوروبا مما يجبر عددا من البلدان عن التخلف في سداد ديونها، الأمر الذي سيضر باليورو ويولد أزمة جديدة.
وانخفضت أسعار السندات المرتبطة باقتصادات الدول الأوروبية الضعيفة، مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيرلندا وسجلت تكاليف التأمين على السندات البرتغالية والإسبانية أعلى مستوياتها على الإطلاق. فيما ارتفع العائد على السندات اليونانية لمدة سنتين إلى 15 في المائة.
وامتد هذا القلق إلى آسيا، ما أدّى إلى انخفاض مجمل أسعار الأسهم في تداولات البورصات المبكرة.
ويقول المراسلون إن الأسواق المالية غير مقتنعة بأن الحكومات في منطقة اليورو لديها إرادة سياسية للوصول إلى اتفاقية لإنقاذ اليونان، وبشكل خاص ألمانيا.
وكررت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الثلاثاء الماضي قولها إن على اليونان أن تحدد أولا خطوات إضافية لتقليل العجز في ميزانيتها قبل أن تقر حكومتها إطلاق حزمة الإنقاذ البالغة 45 مليار يورو.
ورد وزير المالية اليوناني جورج باباكونستانتينو في بيان على قرار تخفيض تصنيف اليونان المالي، بالقول إنه ''لا يتطابق مع المعطيات الفعلية للاقتصاد اليوناني ولا مع التقدم الذي سجلته أبرز مؤشراته المالية''. وأضاف ''أن التطورات الحالية ناجمة في جزء منها عن تحركات أوسع في السوق طالت دولا عدة في المنطقة الأوروبية.