.. وجاء «عصر آسيا»
استعمل مصطلح «العالم الثالث»... لأول مرة سنة 1952 في مقالة صدرت للاقتصادي والسكاني الفرنسي ألفريد سوفي في إشارة إلى الدول التي لا تنتمي إلى مجموعة «الدول الغربية» (أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا واليابان وجنوب إفريقيا) ولا إلى مجموعة الدول الشيوعية (الاتحاد السوفياتي والصين وأوروبا الشرقية). وقد استوحى سوفي هذه التسمية من الفئة الثالثة في المجتمع الفرنسي أثناء النظام القديم وقبل الثورة الفرنسية. وانتشر على نطاق واسع كمصطلح سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، يقصد به الدلالة على الدول التي لا تنتمي إلى العالمين الأول والثاني، وهما الدول الصناعية المتقدمة. أو بمعنى آخر الدول النامية وهي دول ذات مستوى معيشي منخفض مقارنة بالدول المتقدمة، ولا يستقيم فيها التوازن بين سرعة نمو السكان ودرجة التقدم الاقتصادي، وتعاني هذه الدول من التخلف الاقتصادي، إذ يرى بعض الدارسين أن دول العالم الثالث هي التي لم تستفد من ثورة القرن التاسع عشر الصناعية، وعلى هذا تعد دولا آخذة في النمو أو دولا متخلفة. اليوم كل تلك الخصائص لهذه التسمية لم تعد مطابقة لواقع آسيا الصفراء.. وهذا ما صادق عليه قبل أيام صندوق النقد الدولي ومن قبله تداعيات أعتى أزمة مالية في تاريخ الذاكرة الحديثة، عندما أعلن أن ما اصطلح الاقتصاد الدولي على تسميته « العالم الثالث».. واستخدم لاحقا كوصمة عار على جبين هذا العالم أينما ذهب .. بات في حكم التاريخ.
نعم آسيا اليوم هي منطقة أكبر نمو اقتصادي في العالم ..آسيا اليوم تستحوذ على ثلاثة أرباع أنتاج العالم من الطاقة وتستهلك أكثر من نصفه.. ونحو 66 في المائة من إنتاج الحديد .. و71 في المائة من إنتاج واستهلاك الغذاء الأساسي في العالم ( الأرز والحبوب).. آسيا اليوم ( الصين ..الهند ..منطقة الخليج..وماليزيا وسنغافورة) بالإضافة إلى اليابان هي أسرع دول العالم تعافيا من الأزمة العالمية. القائمة طويلة.. ولكن سأختصر على المهم والاستراتيجي.. آسيا أيضا هي أكبر مصدر للبتروكيماويات في العالم، وستصبح قريبا أكبر منتج ومستهلك للألمونيوم بقيادة الصناعة السعودية في هذا المجال،.. آسيا من أقل مناطق العالم بعد إفريقيا تأثيرا في المناخ وتأثرا بتغيراته.. آسيا هي أكبر قارات العالم وأكثرها سكانا بل إن التقديرات الدولية تقول إن نحو نصف سكان العالم هم آسيويون.. القائمة كما قلنا طويلة.
بقي أن أوكد أن المملكة ركيزة أساسية في العناصر التي دفعت بهذا المصطلح إلى «مزبلة التاريخ» بفضل استراتيجية تنموية ضخمة خلصتها في ظرف أقل من 70 عاما من مظاهر الدول النامية أو المتخلفة..بل تجاوزت ذلك لتصبح عضوا في أهم وأحدث منظمة دولية في العالم وهي مجموعة العشرين.. ( أكبر 20 اقتصادا في العالم)...أخيرا يمكنني اليوم التأكيد أنه جاء عصر «آسيا» فهل تستثمره في تطوير الإنسان والمكان كما فعل العم سام في أوروبا والأمريكتين.. أم أن البيئة السياسية والجيوغرافية للقارة قد تحول دون ذلك؟. 50 عاما أخرى ونعرف الإجابة.