رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الإرادة قبل الخبرة

قدم اليابانيون قبل أيام مشكورين للمملكة عصارة تجربتهم «التاريخية» التي نهضت بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في اليابان فأصبح لاحقا كل الاقتصاد الياباني - على اعتبار أنه بات يمثل اليوم أكثر من 90 في المائة من حجم الاقتصاد الياباني.. سلم اليابانيون تجربتهم لنا بعد أن تفحصوا هذا القطاع في المملكة من كثب، على شكل سبع سياسات عامة سميت «بالوثيقة النهائية» التي ستحقق لنا المكاسب الكبيرة وهذا ما نأمله، خصوصا أن كل محاولاتنا السابقة لم تنجح في إدراجه ضمن مقومات الاقتصاد السعودي الذي استعصى على الحل نتيجة لسيطرة العمالة الوافدة عليه أولا وبنسبة تفوق 70 في المائة.. ولغياب سياسات الدعم والتمويل المباشرة من جانب آخر والتي قدرتها الدراسات الرسمية بأنها لاتتجاوز 20 في المائة من حجم التمويل الذي تقدمه البنوك والمؤسسات التمويلية الأخرى للمشاريع الكبرى .. ولأسباب أخرى ليس المكان ملائماً لذكرها.
المنشأت الصغيرة التي تعرفها الدراسات الاقتصادية السعودية بأنها التي لا يزيد عدد العاملين فيها على 20 عاملاً ويقدر حجم رأس المال فيها بأقل من مليون ريال (دون الأرض والمباني) ولا تزيد مبيعاتها السنوية على خمسة ملايين ريال، هي «العمود الفقري» لاقتصادات الدول السبع و«لزاحفة» كالصين والهند.. والناشئة كالبرازيل وإندونيسيا، وهي الدعامة التي ساندت أهم الاقتصادات العالمية وهي تخوض أتون الأزمة العالمية.
من هنا فإن استحضار تجربة اليابان التي لديها جهاز حكومي عالي المستوى وهو «الوكالة اليابانية للمنشآت الصغيرة والناشئة والاختراعات الإقليمية» وثلاثة أجهزة تمويلية ضخمة هي جمعية التمويل الأهلية، وجمعية تمويل الصناعات الصغيرة، والبنك المركزى للتجارة والصناعة إلى جانب نحو 80 بنكاً تشكل قروضهم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الحصة الكبرى من نشاطهم..شيء جميل ..بل يمكن أن نصفه بالعظيم.. ولكن؟ هل يمكن أن تتحقق النتائج نفسها أو أقل منها بقليل .. الواقع والتجارب السابقة تقول لنا إن تبادل الخبرات دون إرادة حقيقية تعني مجرد «فلاشات».
نعم فالإرادة الثابتة والقوية التي لا يمكن لليابانيين اقتراحها ضمن وثيقتهم النهائية وأشاروا إليها تلميحا.. والنص هنا يقول « نقترح على السعوديين فتح حوار بشأن السياسات الخاصة بهذا القطاع وإشراك أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القرارات ذات العلاقة بالقطاع.. والقفز بعمليات تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة..»..هي من سيحقق النتائج وليست الخبرة وحدها.
أقول إن «الخبرة» هي الطريق السريع والطويل الذي علينا أن نسلكه وقد تم رصفه على طريقة اليابانيين.. ولكن تبقى «المركبة الحديثة» وهي الإرادة الجدية التي ستصل بنا إلى نهاية الطريق بأحسن النتائج .. فهل نمتلكها ومن سيقودها؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي