دروس من شنغهاي للحاق بزورق سريع إلى الصين
تشيد الكتب الاقتصادية المرة تلو الأخرى بالنمو الاقتصادي في الصين وتتناوله بالبحث والدراسة والتحليل لأسبابه وعوامله وتبعاته وجوانبه الإيجابية والسلبية الحالية والمتوقعة على المدى البعيد. ويبدو أن هذا الموضوع صار يؤرق الاقتصاديين في الولايات المتحدة، حيث يحذرون مرارا وتكرارا من معدلات النمو الصيني الفائقة التي تعد الآن أعلى معدلات للنمو على الإطلاق في العالم.
يوجه الكتاب نقدا لاذعا لنظام تحرير التجارة خاصة عندما يتعلق الأمر بظاهرة الاستئجار الخارجي للوظائف الأمريكية إلى البلاد الأجنبية والتي تقتضي بأن تستعين الشركات بموظفين من خارج الدولة لأداء أعمال خاصة بها من الدول التي يقيمون بها عن طريق وسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت دون الحاجة إلى انتقال الموظفين إلى مكان العمل أو الدولة التي تقع بها الشركة.
يؤدى انتشار هذه الظاهرة إلى فقدان المواطنين الأمريكيين وظائفهم التي يتم تصديرها لموظفين من دول أخرى تكون أجورهم أقل. يشير الكتاب إلى أنه لا يوجد أدلة تدعم التأكيدات التي يطلقها المؤيدون لحرية التجارة من أن فقدان الوظائف سوف يعوض عنه نشوء أسواق أرخص مما يساعد على الاحتفاظ بنفس المستوى المعيشي.
أصبحت الصين واحدة من الموردين الأساسيين للعمالة الرخيصة مما يقود مؤلف الكتاب إلى التساؤل عما يظنه العمال هناك عن دورهم في تشكيل الاقتصاد العالمي. قام المؤلف بإجراء دراسة اقتصادية عن العمال في شنغهاي التي صارت مركز جذب جديدا للاستثمارات الأجنبية.
كما يتناول الكتاب موضوع سعي الشركات متعددة الجنسيات إلى الاستفادة من التغيرات التي طرأت على الاقتصاد الصيني في التخطيط لمستقبل نموها هناك.
استخلص الكاتب في نهاية الدراسة أن العمال في الصين يعانون تقريبا ذات المشاكل التي يعانيها أقرانهم الأمريكيون. حيث تتبع الإدارة التقنيات نفسها في جميع أنحاء العالم ويلعب على وتر إحساس العمال بالأمن ليبقي الأجور منخفضة.
يستعرض الكتاب كذلك تاريخ جهود الصين في جذب الاستثمارات الأجنبية خصوصا تنافسها مع الهند في هذا المجال، وجهودها في توسيع مجال التنمية الاقتصادية لتصل إلى المناطق البعيدة في غرب الصين.
يلقي الكتاب الضوء على تأثير العولمة على العمال الصينيين، كما يستعرض التقدم الصيني التكنولوجي الهائل الذي سيتيح للصينيين عما قريب التنافس على الوظائف الأعلى مستوى، إضافة إلى ملئهم للوظائف الأقل في الاقتصاد العالمي في ظل نظام تحرير التجارة.
قضى مؤلف الكتاب وقتا طويلا خلال عام كامل في التحدث مع الموظفين الصينيين الأكفاء ومديريهم الأجانب في تايوان وشنغهاي وفي أقصى غرب الصين ليتمكن من كتابة تقريره عن القوى العاملة الصينية وتأثرها بفكر الشركات الكبرى التي تشجع التنقل الدائم للموظفين بين الوظائف المختلفة كأسلوب عصري للحياة.