اتهامات ضد بنك جولدمان ساكس تهز الأسواق
هبطت الأسهم بصورة حادة بعد أن اتهمت هيئةُ الأوراق المالية والبورصات في نيويورك بنكَ جولدمان ساكس بالغش والتحايل بخصوص تعاملاته في المنتجات الخاصة بالقروض العقارية لضعاف الملاءة مع أحد صناديق التحوط. وفي مرحلة من المراحل هبطت أسهم بنك جولدمان ساكس بنسبة 14 في المائة على خلفية أنباء بأن هيئة الأوراق المالية والبورصات ستقوم بالتحقيق مع البنك.
وانتشرت تداعيات هذه الأنباء في جميع أنحاء القطاع المالي وفئات الموجودات الأخرى، في الوقت الذي قام فيه المستثمرون بالتخلص التدريجي من الرهانات الخطرة. حتى النفط هبط بنسبة 3 في المائة. وكانت الأسهم أصلاً تحت الضغط بعد صدور تقرير الأرباح من جوجل في اليوم السابق، وهو تقرير أخفق في إثارة إعجاب المستثمرين، وبعد أن أدى تشديد الأنظمة الخاصة بالمضاربات العقارية في الصين إلى تعميق المخاوف حول المزيد من إجراءات التشديد في السياسة النقدية.
وهوى مؤشر فاينانشال تايمز للأسهم العالمية بنسبة 1.6 في المائة من مستواه الذي قارب فيه أن يصل إلى معدل الذروة خلال 19 شهراً. ويجادل بعض المعلقين بأن عدة أسابيع من المكاسب المتلاحقة في الموجودات الخطرة جعلت الأسواق التي من هذا القبيل عرضة للتصحيح. وكان أحدث اندفاع نحو الأعلى قد جاء من البداية المتينة بصورة عامة في موسم أرباح الشركات الأمريكية عن الربع الأول من العام، ومن البيانات التي تساند الوضع العام حول الانتعاش في النمو الاقتصادي العالمي.
وقال سيباستيان جالي وهو محلل استراتيجي لدى بنك بي إن بي باريبا BNP Paribas في نيويورك «كان هناك ارتفاع هائل في الأسهم، وبالتالي فإن مما لا يمكن تجنبه أن يجد شخص ما سبباً لتصحيح هذه المكاسب الضخمة. وكثير من الأنباء الطيبة في الفترة الأخيرة كانت متوقَّعة من قبل المحللين، ونمر الآن بطور من التصحيح الفني.»
وأضاف حي وول ستريت إلى الخسائر الأوروبية والآسيوية بعد صدور الأنباء عن بنك جولدمان ساكس. وهبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 1.3 في المائة ليصل إلى 1192 نقطة، حيث عوض إلى حد ما بعض الهبوط الذي سجله حين وصل إلى المستوى المتدني عند 1186 نقطة في وقت مبكر من التعاملات في يوم الجمعة.
وفي مرحلة من المراحل قفز مؤشر فيكس، الذي يعتبر مقياساً لتقلب السوق، بمقدار 21 في المائة تقريباً ليصل إلى حدود 20 نقطة، وبعد ذلك ثَبَت فوق مستوى 17 نقطة الذي يراقبه المحللون من كثب، والذي يشير إلى تعمق مشاعر القلق.
ووجد المستثمرون أعذاراً أخرى تشجعهم على عمليات البيع، جاءت من الأنباء المخيبة للآمال حول أرباح الشركة الصناعية العملاقة «جنرال إلكتريك»، ومن الأرقام الضعيفة من مؤشر جامعة ميتشجان حول مشاعر الثقة. لكن بصورة عامة يحذر المحللون من أن مخاطر التصحيح الآتية من البنوك ليست كبيرة، وذلك بالنظر إلى ما كانت الأسواق في الفترة الأخيرة تقرأه في تقارير الأرباح من بنك جيه بي مورجان تشيس وبانك أوف أمريكا.
وقال زاك باندل المحلل الاقتصادي لدى بنك للأوراق المالية Nomura Securities «يبدو عصر يوم الجمعة وكأنه هروب واضح إلى منطقة الموجودات ذات النوعية الجيدة، حيث يجري بيع الموجودات الخطرة من أولها إلى آخرها في جميع أنحاء السوق، مع استمرار الاندفاع في سندات الخزانة الأمريكية، لكن البيانات الاقتصادية الطيبة في الفترة الأخيرة ينبغي أن تقيد المدى الذي ستتراجع فيه خلال الأسبوع المقبل». وأضاف «أهم ما في الأمر هو الحقيقة التي تقول إن هناك اعتدالاً الآن في معدلات التخلف عن تسديد القروض من البنوك. وهذه علامة على أن المخاطر المرتبطة بالبنوك لن تكون عائقاً يقف في الطريق».
وشهدت البورصات الآسيوية في فترة مبكرة موجةً من جني الأرباح، حيث خسر مؤشر فاينانشال تايمز لمنطقة آسيا الباسيفيك نسبة مقدارها 0.8 في المائة. وفي طوكيو تراجع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 1.5 في المائة، حيث تضررت أسهم شركات التصدير بفورة الين، الذي كان يستفيد من وضعية الملاذ الآمن في الوقت الذي تراجعت فيه الشهية نحو المخاطر.
وفي الصين هبط مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 1.1 في المائة، وفي هونج كونج هبط مؤشر هانج سينج بنسبة 1.3 في المائة مع تضرر أسهم شركات التطوير العقاري. اقتفت البورصات الأوروبية أثر وول ستريت وشهدت بعض التراجع. مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا هبط بنسبة 1.5 بالمائ، وفي لندن هبط مؤشر فاينانشيال تايمز 100 نسبة مقدارها 0.3 في المائة، حيث عملت أسهم شركات التعدين على جرجرة ذيول حركة الأسهم. أما البنوك، التي كانت في فترة من الفترات تسبح في وهج البريق الصادر عن تقرير الأرباح من بانك أوف أمريكا، فقد تراجعت بصورة قوية للغاية.
وكانت هناك حركة بيع قوية للسندات اليونانية، حيث كان المتداولون على استعداد لدراسة الأثر المتوقع من قصة إنقاذ أثينا يوم الجمعة التي أصبحت الآن قصة منتظمة. ارتفع العائد على السندات اليونانية لأجل عشر سنوات بنسبة 25 نقطة أساس ليصل إلى 7.39 في المائة. وارتفع العائد على السندات البرتغالية لأجل عشر سنوات بنسبة تسع نقاط أساس ليصل إلى 4.49 في المائة، وهو أعلى مستوى جديد لها منذ سبعة أسابيع، على خلفية مشاعر القلق بأن لشبونة تعاني هي الأخرى في سبيل تمويل العجز في ميزانيتها.
وتمتعت سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بوضعية الملاذ الآمن في أعقاب الأنباء حول بنك جولدمان ساكس، حيث هبط العائد بنسبة سبع نقاط أساس ليصل إلى 3.787 في المائة. أما سندات الخزانة لأجل سنتين فقد هبطت إلى ما دون مستوى 1 في المائة، بعد أن أشار حديث متشائم حول الاقتصاد الأمريكي من عدد من محافظي البنك المركزي الأمريكي يوم الخميس إلى أن توجه نحو رفع أسعار الفائدة يظل احتمالاً بعيداً إلى حد ما.
وحتى سعر التأمين على سندات بنك جولدمان ساكس شهد زيادة كبيرة، حيث ارتفع بنسبة 28 نقطة أساس، أو نحو 30 في المائة، بحيث وصل مستواه في التعاملات تقريباً عند مستوى السندات البرازيلية أو الروسية. هبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار أربع نقاط أساس ليصل إلى 4.01 في المائة، حيث اتخذ المتداولون في النسبة نظرة أقل تشاؤماً نحو آفاق المالية العامة البريطانية من زملائهم في تعاملات النقد الأجنبي.