رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


دور المجتمع المدني في الرقابة على البرلمانات والمجالس التشريعية!

دُعيت قبل فترة وجيزة لحضور ورشة عمل بعنوان (تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة على البرلمانات في العالم العربي)، قام بالإعداد لها وتنظيمها مركز القدس للدراسات السياسية في مدينة عمان بالأردن، خلال يومي 20 و21 من آذار (مارس) الماضي، وقد بدا لي الموضوع مشوقاً لخلو ذهني من أي تصور لوجود مؤسسات مجتمع مدني تهتم بالرقابة على البرلمانات والمجالس التشريعية والنيابية في الدول العربية، وكاد الظن يذهب بي بعيداً إلى حد التشكيك في وجود مثل تلك المؤسسات، لما كان يحيط بهذا الأمر من علامات توجس وقيود على انطلاقها، وهو ما أذكى رغبتي في الحضور، بخاصة وقد شعرت بأن تحللي من أي ارتباط رسمي يتناسب وحضور مثل هذه الأنشطة!..، ولا أخفي أنني ابتهجت كثيراً للمشاركة، بسبب الفوائد التي حصلت عليها نتيجة الحضور، على المستوى الشخصي!...
لقد حضر وشارك في أعمال ورشة العمل تلك، التي اشتملت على ست جلسات عمل نشطة، ممثلون عن عدد من مؤسسات المجتمع المدني في بعض الدول العربية، كالأردن ولبنان والكويت والبحرين واليمن، والمغرب العربي، كما حضرها أكثر من 50 شخصية مستقلة تعد نفسها مهتمة بدور الحياة النيابية في بلدانها، ومتحمسة لتطوير هذا الدور، وقد تطرق البحث والنقاش إلى تطور الحياة السياسية في الدول العربية، والتحولات التي طرأت على النظم السياسية خلال العقود الماضية، وقد تركز البحث، بشكل خاص، على مواقع البرلمانات والمجالس النيابية من الكيانات السياسية، ودورها في الحياة العامة، واستعرض المشاركون أهم الفرص والتحديات والعوائق التي تواجه البرلمانات والمجالس في أداء أدوارها التمثيلية والرقابية والتشريعية، من خلال النظرة إلى الفصل بين السلطات، والتوازن بينها، وأكدوا على الحاجة إلى تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني الموجودة، الهادفة إلى تطوير أداء السلطات التشريعية، من خلال إشاعة ثقافة المشاركة المدنية في الرقابة على أداء السلطات التشريعية، باعتبار ذلك جزءاً لا يتجزأ من عمليات الإصلاح السياسي، والتحول الديمقراطي، واحترام المواطنة، وحقوق الإنسان!كما استعرض المشاركون تجارب بعض المجتمعات العربية في إنشاء مؤسسات مجتمع مدني للرقابة على البرلمانات، ولاحظوا، بوجه خاص، بروز الاهتمام بهذه الثقافة، من خلال التجارب التي تمت، بصرف النظر عن التسميات التي أخذتها، مراعية حجم ومستوى التباين والاختلاف بين النظم السياسية، وما يستتبع ذلك من تفاوت درجة نمو التجربة البرلمانية، وتطورها بين دولة عربية وأخرى، وقد خرجت الورشة بتوصيات كان من أهمها التأكيد على بناء رؤية مشتركة لمفاهيم الرقابة على البرلمانات، ومنهجيات عملها، وآلياتها، وتبادل الخبرات فيما بينها، وتأسيس الشبكة المدنية للرقابة على البرلمانات في العالم العربي، وذلك كله بما يؤدي إلى توسيع مظلة المؤسسات المدنية، ترسيخاً لمبادئ الشفافية والمساءلة في العالم العربي!..
ويعد عقد مثل هذه الورشة بمثابة بادرة تنم عن تنامي وعي المواطن العربي، ورغبته في المشاركة في عمليات التطوير والبناء فيما يؤدي إلى التكامل بين السلطات على اختلاف وظائفها!..، وعندما يصل وعي المواطن إلى تطلعه إلى ممارسة دور رقابي على السلطة التشريعية في بلده فذلك ما يعبر عن اهتمام هذا المواطن بدور هذه السلطة في توفير وسائل العيش الكريم له، من خلال الاطمئنان إلى توافر الخدمات المطلوبة من السلطة التنفيذية ..، فضلاً عن إشعار السلطة ذاتها بأن هناك من يتابع أداءها وينبهها إلى الأهم من القضايا!..
ولو أردنا النظر إلى المحاولات التي تمت من قبل المجتمع المدني للرقابة على السلطة التشريعية لوجدناها تختلف من حيث الأداء والفعالية من مجتمع إلى آخر، لكن يجمعها أنها تشترك في الاطلاع على أداء المجلس أو البرلمان، ومتابعة أداء الدور المرتقب منه، بما في ذلك متابعة أداء الأعضاء أنفسهم من حيث حضور الجلسات، والمشاركة في المناقشات، وطرح المقترحات ومشاريع الأنظمة!..
ولو أردنا الالتفات إلى ما يجري في المملكة، في هذا المجال، لوجدنا أنه رغم عدم قيام كيان مدني للرقابة على مجلس الشورى، إلا أن الساحة لا تخلو من ممارسات تصب في خانة الرقابة على أعمال المجلس من قبل المجتمع المدني، يتمثل ذلك في العرائض التي يقدمها المواطنون للمجلس حاملة الشكاوى حول قصور الخدمات التي تقدمها الجهات التنفيذية، والمقترحات التي يقدمونها لتطوير أعمال المجلس، كما يتمثل فيما تنشره الصحافة المحلية من مشاركات ورؤى تتناول عمل المجلس وما يقوم به من دور، وتطرح الكثير من المقترحات لتطوير هذا الدور، وتوسيع صلاحياته، إلى الحد الذي يؤمله المواطن من مشاركته في الحياة العامة!..
وينبغي ألا نغفل ما سجله بعض أعضاء المجلس السابقين من تجارب وخبرات عاشوها فيه، وبدت لهم من خلالها الكثير من الرؤى والآمال لتطويره، وقد تمثل ذلك في الكتب التي أصدروها بعد انتهاء عضويتهم في المجلس، نذكر منها كتاب (مجلس الشورى – قراءة في تجربة تحديثه) الذي وضعه ثمانية من أعضائه الذين أمضوا الدورات الثلاث الأولى، وكتاب (تجربتي في مجلس الشورى) للدكتور يوسف بن إبراهيم السلوم – رحمه الله – وكتاب (سنوات في مجلس الشورى) للدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن الثنيان، وربما غيرهم ممن يعمل الآن على تسجيل تجربته وإبرازها، وما تضمنته هذه المؤلفات من رصد وتقويم لأعمال المجلس، ورؤى ومقترحات لتطوير أعماله، ومنحه مزيداً من الصلاحيات، انطلاقاً من نجاح تجربته، وازدياد الحاجة لتقوية دوره، وتماشياً مع تطلعات المواطنين لما يقوم به، وما يعلقونه من آمال عليه، وتجاوباً مع الثقة التي يوليها خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز للمجلس، من خلال الخطابات التي يفتتح بها الأعمال السنوية، والدورات النيابية للمجلس.
والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي