مخاوف من تلاشي 95 % من الشركات العائلية في الخليج

مخاوف من تلاشي 95 % من الشركات العائلية في الخليج

حذر مشاركون في ملتقى الشركات العائلية الذي انطلقت فعالياته في دبي أمس من اختفاء 95 في المائة من الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي التي يقدر عددها بنحو خمسة آلاف شركة، وتقدر أصولها بنحو 500 مليار دولار، بسبب عدم القدرة على الاستمرار مع تولي الجيل الثالث من العائلة مسؤولية هذه الشركات. وأوضح الدكتور حبيب الملا رئيس سلطة سلطة دبي للخدمات المالية في كلمته أمام الملتقى - الذي ينظمه مركز التحكيم التجاري في غرفة تجارة وصناعة دبي، أن 75 في المائة من الشركات العاملة في القطاع الخاص الخليجي هي شركات عائلية توظف نحو 70 في المائة من القوة العاملة. وأشار إلى عدد من العقبات التي تؤدي إلى انهيار الشركات العائلية الخليجية على حد وصفه وأبرزها عقبات تشريعية قانونية وإدارية. وأضاف أن الشركات العائلية تقوم بتجميع أعمالها وشركاتها واستثماراتها تحت كيان قانوني واحد يأخذ اسم "المجموعة" أو "الشركة القابضة" المملوكة بالكامل والمسيطر عليها من قبل العائلة، غير أنها تصطدم بعقبة التشريع. وأفاد أنه في الإمارات تواجه الشركات العائلية أزمة ناجمة عن غياب التشريعات القانونية الملائمة لعملها حيث يغيب مفهوم "الشركة القابضة" بالشكل الذي يجب أن يكون عليه ليساعد على بقاء الشركات العائلية واستمرارها. واستطرد "نظرا لغياب هذا المفهوم يضطر أصحاب الشركات العائلية إلى اتخاذ أنواع أخرى من الشركات لا تتلاءم مع عملها منها شركة ذات مسؤولية محدودة، وهي نوع من الشركات غير مخصصة أصلا لتحقيق مفهوم "الشركة القابضة".
وأشار الملا إلى العقبات التي توضع أمام تحول الشركات العائلية إلى مساهمة عامة، حيث ينص القانون على إلزام الشركة العائلية الراغبة في التحول بطرح 60 في المائة للاكتتاب العام، واحتفاظ المؤسسين بـ 40 في المائة، وهو ما يرفضه أصحاب الشركات الذين يطالبون باستمرار تملكهم حصة أغلبية، وإن كانت تعديلات القانون رفعت نسبة حصتهم إلى 60 في المائة وطرح 40 في المائة للاكتتاب، ومع ذلك لا تزال هذه الصيغة غير مشجعة لأصحاب الشركات على التحول.
من جانبه، اعتبر هشام الشيراوي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي المدير التنفيذي لمجموعة الشيراوي ـ وهي واحدة من كبرى الشركات العائلية في الإمارات، أن قرار تحول الشركات العائلية إلى مساهمة عامة ضرورة وليس خيارا رغم صعوبة اتخاذ القرار للمؤسسين، غير أن عالم التكتلات والتحالفات التجارية العملاقة تفرض علينا التحول خصوصا أن غالبية الشركات العملاقة حاليا كانت في الأساس شركات عائلية وتحولت إلى مساهمة عامة. وأوضح أنه في ظل متطلبات عضوية منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الحرة سيشهد القطاع الخاص الخليجي هجمات متنوعة على قطاعات اقتصادية مختلفة وبالتحديد القطاعات التي تحقق ربحية عالية، وهنا يتعين على الشركات الخليجية التفكير جديا في الاندماج فيما بينها.
أما المهندس صبحي بترجي رئيس مجلس إدارة مجموعة المستشفي السعودي الألماني مؤسس أكاديمية الشركات العائلية فقد عرض تجربة عائلة بترجي التي ينتمي لها في وضع ما اسماه "ميثاق العائلة"، وهو نظام داخلي مكتوب أشبه بالميثاق يساعد على تنظيم عمل الشركات العائلية ويجيب على تساؤلات عديدة تشغل بال الإخوة الشركاء منها من رئيس المجموعة المقبل؟ من أعضاء مجلس العائلة؟ وكيفية التعامل مع الأرحام؟
وأشار إلى أن النظام استغرق إعداده نحو ثلاث سنوات، واتفق كافة أعضاء العائلة على بنوده معتبرا أن الروابط العائلية لها تأثير كبير على عمل الشركات العائلية. وأوضح أن الشركات العائلية تتحكم فيما لا يقل عن 90 في المائة من الأعمال التجارية في العالم، لكن عادة ما ينقرض ثلثاها بحلول الجيل الثاني من ملاكها، كما أن 10 في المائة فقط يستمر إلى الجيل الثالث، لذلك فإن مساعدة الشركات العالية على الاستمرار والنمو من جيل إلى آخر يعتبر أهمية كبيرة لاقتصاد أي دولة. وأشار بترجي إلي تأسيس أكاديمية متخصصة في تقديم الاستشارات للشركات العائلية - وكما يقول فإنها مؤسسة لا تستهدف الربح وتسعى نحو مساعدة الشركات العائلية التي تواجه تحديات تتعلق بالهيكل التنظيمي في العائلة ونظام المستحقات والعلاوات المالية الخاصة بأفراد العائلة والتنافس بين أفراد العائلة من جميع الأجيال. كما تقدم أيضا استشارات للشركات العائلية الراغبة في تنظيم عمليات وراثة العمل العائلي أو ترغب في الاندماج أو في زيادة نسب النمو.
وكان الملتقى قد بدأ أعماله بكلمة الدكتور أحمد سيف بالحصا عضو المكتب التنفيذي في غرفة تجارة صناعة دبي ورئيس مجموعة بالحصا إحدى الشركات العائلية الإماراتية، أكد فيها أن الشركات العائلية أصبحت مؤسسات اقتصادية كبيرة تؤثر في مسار الاقتصاد الوطني، وتقوم بأدوار مهمة في مجالات عدة منها الخدمات والمقاولات والتجارة والصناعة وبالتالي فإن بقاءها واستمرارها يعتبر مصلحة وطنية عامة، وأن أي تغيير طارئ يحدث لها يؤثر سلبا على حركة الاقتصاد عموما وعلى العاملين والموظفين والمستهلكين ومتلقى خدماتها.
وقال إن الشركات العائلية مطالبة بضرورة الاستعداد والتحصين الإيجابي، خصوصا في ظل التطورات الإقليمية والعالمية البارزة، على المحاور الاقتصادية والسياسية كافة، من تفرد قوىً عظمى بقيادة العالم، فرض نظام عالمي جديد، العولمة الاقتصادية، منظمة التجارة العالمية، التحرر الاقتصادي، سيادة اقتصاد السوق، قيام الكيانات الكبرى القائمة على المصالح الاقتصادية المشتركة، وغيرها من العوامل الواقعية والافتراضية.
ودعا الشركات العائلية إلى إعادة النظر في سياستها ووضعها، فبعد أن كانت تتمتع بامتيازات تشكل لها سوراً واقياً، أصبح هذا السور مهددا مع الاتجاه المتنامي نحو العولمة وفتح الأسواق، وبالتالي إزالة كل أشكال الحماية، فأصبح من الطبيعي أن تتعرض هذه الشركات لتحديات جديدة تتهدد كيانها واستمراريتها.
واقترح بالحصا إعادة هيكلة عمل الشركات العائلية من خلال الاندماج مع شركات محلية أخرى أو عقد تحالفات استراتيجية مع شركات ومجموعات وطنية وإقليمية ودولية، أو التحول إلى شركات مساهمة عامة.
أما الدكتور علي لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق المتحدث الرئيسي أمام الملتقي فحدد خمس5 تحديات تواجه الشركات العائلية هي الثورة التكنولوجية، اتفاقية الجات، ظاهرة الاندماج، منافسة الشركات متعددة الجنسيات، والعولمة، متسائلا هل تستطيع الشركات العائلية في المنطقة بأوضاعها الحالية الصمود أمام الكيانات العملاقة؟

الأكثر قراءة