استراتيجيات التخلي عن الرفاهيات والقضاء على النزعة الاستهلاكية

استراتيجيات التخلي عن الرفاهيات والقضاء على النزعة الاستهلاكية

يفكر الكثير من الناس في التخفيف من حدة الأنشطة الاستهلاكية التي ينخرطون فيها بصورة يومية، ولكن من النادر أن نجد من ينجح في هذا بالفعل.
يستعرض الكتاب التجربة الحية التي مرت بها الكاتبة عندما قررت التوقف عن التسوق والشراء إلا في أضيق الحدود وللضروريات فقط، حيث أنه لا يمكن التوقف تماما عن عملية الشراء، لأن الحصول على الطعام يستلزم القيام بهذه العملية، من هنا كان أكثر العناصر تشويقا في قصتها هو عملية تحديد وتعريف ما هو ضروري. فمثلا استغنت الكاتبة عن كل الرفاهيات مثل الإنترنت فائق السرعة والصابون المعطر والأطعمة الفاخرة وغيرها من المنتجات التي تتوافر بدائل أرخص لها.
قسمت الكاتبة فصول الكتاب بالشهر، حيث يستعرض الكتاب الأطوار والحالات التي مرت بها الكاتبة في تجربتها هذه والتي بدأتها بكل حماس في يناير وأنهتها مرهقة مكتئبة بحلول نهاية العام، حيث كان حماسها قد نفد بسبب الحرمان من المنتجات التي اعتادت استخدامها قبل البدء في التجربة.
استغنت الكاتبة عن الذهاب إلى السينما لمشاهدة الأفلام وعن الأكل خارج المنزل في المطاعم ما جعلها تسرد العادات الشخصية التي استغنت عنها والعادات الجديدة التي اكتسبتها وتأثيرها على علاقاتها الاجتماعية.
على الرغم من أن الفكرة الأساسية للكتاب هي استكشاف تأثيرات الثقافة الاستهلاكية وليست التوفير، إلا أن الكاتبة تمكنت بنهاية العام من توفير ثمانية آلاف دولار. لهذا أيضا فإن الكتاب يستعرض العديد من حركات مقاومة الاستهلاك التي انضمت الكاتبة إلى إحداها وشاركت في أخرى كما استشارت خبراء في قضايا تتعلق بالاستهلاك وترشيده.
من أهم النقاط التي نجح الكتاب في إبرازها هي كفاحها في تخفيض استهلاكها اليومي من المنتجات وتعريفها للفارق الدقيق بين الاحتياج إلى شراء المنتج والرغبة فيه.
بعد تخليها الطوعي عن النزعة الاستهلاكية حاولت الكاتبة الاستمرار في مهنتها والحفاظ على علاقاتها الاجتماعية بالآخرين والحفاظ كذلك على هويتها وروح المرح لديها. في استعراضها لهذه التجربة تناولت الكثير من المفاهيم المرتبطة بالاستهلاك مثل الندرة والإحساس بالأمان الناتج عن القدرة على صرف المال.
يطرح الكتاب سؤالا مهما: هل يمكن للنظام الاقتصادي أن يزدهر إذا تخلى الناس عن شراء منتجات الرفاهية غير الضرورية؟ للإجابة عن هذا السؤال يكون علينا أولا تحديد هذه المنتجات، وهنا تنشأ الصعوبة، فما هو ضروري وأساسي لمجتمع ما قد يكون تافها وغير مهم لمجتمع آخر. تظهر هذه المفارقة حتى على مستوى الأفراد.
لا يقدم الكتاب دعوة للحياة البسيطة والتخلي عن الرفاهيات، وإنما يقدم اعترافات مستهلكة كانت كمعظم الناس تتخيل أنه ليس في إمكانها التخلي عن بعض السلع التي لا تتخيل الحياة بدونها. كما يلقي الكتاب الضوء على تفشي النزعة الاستهلاكية في العالم.

الأكثر قراءة