منتجو النفط ومستهلكوه يسيرون في خطين متوازيين دون نقطة التقاء

منتجو النفط ومستهلكوه يسيرون في خطين متوازيين دون نقطة التقاء

اتفق منتجو النفط ومستهلكوه في العالم على أن بلوغ أسعار النفط لمستوى 75 دولارا القياسي يمثل خطرا على الجميع لكنهم اختلفوا جليا حول سبل خفض هذه الأسعار.
وقال إدموند داوكورو رئيس منظمة أوبك للصحافيين في اليوم الثاني من
محادثات الطاقة العالمية المنعقدة في الدوحة "الطرفان يسيران في خطين متوازيين دون أن تكون هناك نقطة التقاء".
وارتفعت أسعار النفط الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق مع استمرار إيران في تحدي الضغوط العالمية لوقف برنامجها النووي ومع توقف ربع إنتاج نيجيريا بعد هجمات شنها المتشددون ووسط أزمة تكتنف صناعة النفط العراقية.
والمخاوف تتملك الدول المستهلكة بدءا من المستهلك الأكبر الولايات المتحدة وانتهاء بالدول الإفريقية الفقيرة من أن تضر تكاليف الطاقة العالية
باقتصادها. وقال أندريس بيبالجس مفوض الطاقة الأوروبي إن أسعار النفط
اليوم تدمر النمو في دول الاتحاد الأوروبي.
أما المنتجون فيخشون انهيارا مدمرا في الطلب على النفط.
لكن الآراء انقسمت حول كيفية تهدئة الأسعار وإرجاعها عن المستوى الذي تجاوز 80 دولارا للبرميل بحساب معدل التضخم الذي بلغته عام 1980 بعد الثورة الإيرانية.
فالمستهلكون يريدون مزيدا من النفط بينما يريد المنتجون التأكد من أن
الاستثمار في حقول جديدة سيأتي بثماره. وانتقد الجانبان شركات النفط الكبرى لعدم بناء مصاف جديدة بحيث تتماشى خطى التكرير مع الطلب المتزايد على الوقود.
وقال المحلل جون هول "كل جانب يحمي مصالحه الخاصة. لن يتغير شيء على الإطلاق".
ويشارك في الاجتماع وزراء من 65 دولة منها الولايات المتحدة وأعضاء
منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"،إضافة إلى رؤساء شركات عالمية مثل "شيفرون"، "إكسون موبيل"، "بي. بي"، "رويال داتش شل"، و"أوكسيدنتال".
وسيعقد وزراء "أوبك" اجتماعا غير رسمي اليوم في الدوحة لكن لا يتوقع
كثيرون أن يتمخض عن أي تغيير في سقف إنتاج المنظمة البالغ 28 مليون برميل يوميا.
والمنظمة التي تزود العالم بأكثر من ثلث نفطه تنتج بالفعل الكميات التي
يمكن للمصافي استيعابها. ولم يلق اقتراح كويتي بأن تضع المنظمة طاقتها الإنتاجية الاحتياطية البالغة مليونا برميل يوميا تحت تصرف السوق صدى لدى وزراء آخرين.
ويشير أعضاء "أوبك" إلى أنهم رفعوا الإنتاج بأكثر من 10 في المائة منذ عام 1999. وستنفق السعودية وحدها 50 مليار دولار على مدى
السنوات الخمس المقبلة لتطوير حقول وبناء مصاف جديدة.
وعلى النقيض من ذلك لم تقم الولايات المتحدة، التي تستهلك ربع نفط العالم
وأكثر من 40 في المائة من بنزينه، بإنشاء مصفاة جديدة واحدة على أراضيها منذ عقود.
وكان سام بودمان وزير الطاقة الأمريكي قد قال إن طرح بنزين جديد أكثر
حفاظا على سلامة البيئة في الولايات المتحدة كما هو مزمع هذا الصيف قد يحدث خللا في الإمدادات على المدى القصير وهو أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار.
ويريد المنتجون أن يبدي المستهلكون وضوحا بشأن خططهم المتعلقة بالطاقة، وهم يشيرون إلى تصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش بأنه يهدف إلى وقف اعتماد الولايات المتحدة على النفط كمصدر للطاقة وحديث بودمان عن أنه يأمل في العودة للطاقة النووية.
وقال شكيب خليل وزير الطاقة الجزائري "إنها دائرة مفرغة... هناك جانب
يريد "ضمان الإمدادات" وآخر يبغي "ضمان الطلب"."
ويشير بعض مندوبي "أوبك" أيضا بإصبع الاتهام إلى السياسة الخارجية
الأمريكية. وقال أكبر مسؤول نفطي في ليبيا إن المخاوف من توجيه ضربة أمريكية لإيران رابع أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم أسهمت في رفع سعر برميل النفط بواقع 15 دولارا.
وكان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي عهد قطر قد افتتح المؤتمر المنتدى أمس، في الدوحة للحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة للنفط في الوقت الذي يسعى فيه كل جانب إلى تحميل مسؤولية ارتفاع أسعار النفط للجانب الآخر.
وقال الشيخ تميم في افتتاح المؤتمر، الذي يتواصل حتى الثلاثاء، إن المنطق
والمصلحة يدعوان إلى ضرورة العمل الجاد لإعادة الاستقرار إلى الأسواق النفطية".
وأضاف أن ما تعانيه أسواق الطاقة في الوقت الحالي من تقلبات مسؤولية مشتركة تتطلب من الجميع حلولا مناسبة لتفادي أية أزمة في المستقبل أو على الأقل التخفيف من حدتها.
ويتفق القادة الحاضرون في المنتدى إجمالا على حقيقة أساسية مفادها أنه بالرغم من أن السوق مزودة بشكل كاف وأنه لم يقع أي نقص في الإمدادات فإن الأسعار مرتفعة جدا ومتذبذبة جدا. وتثير هذه الحقيقة قلق المنتجين والمستهلكين.
غير أنهم يحذرون من أن القضية معقدة ولا يمكن حلها سريعا لأن المشكلة أساسا هي مشكلة استثمارات تتطلب عدة سنوات.
وبيّن عبد الله العطية وزير الطاقة القطري في افتتاح المنتدى أنه ليس من المتوقع أن تصدر عن المنتدى أي قرارات أو تبرم أي اتفاقات لها تأثير مباشر وسريع على أسواق الطاقة العالمية أو مستويات الأسعار.
 في الوقت نفسه نوه العطية  بأن ما يستهدفه المنتدى هو توفير فرصة لتعميق الحوار بين القيادات السياسية المعنية بشؤون الطاقة, وتشخيص المجالات التي تحقق زيادة التعاون والشفافية على الطريق إلى التخطيط المتناسق بهدف ضمان استمرار تدفق وتوافر إمدادات الطاقة الضرورية المطلوبة لاستمرار نمو الاقتصاد العالمي.
 وأشار إلى أن الحوار بين المنتجين والمستهلكين الذي بدأ في العاصمة الفرنسية باريس قبل 15 عاما أثمر في تجاوز العديد من الحواجز والمعوقات للتفاهم والتعاون وتعميق النقاش بشفافية متزايدة لموضوعات كانت من المحرمات عند البداية.
 وقال العطية إن من أهم الأهداف المشتركة هو إدامة التوازن بين العرض والطلب لنضمن استقرار أسواق الطاقة وسهولة التخطيط للمستقبل.
  وهيمن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية على أعمال المنتدى، وكان هناك شبه اتفاق على أن الارتفاع الحالي للأسعار يضر بالاقتصاد العالمي وبالدول النامية وأن الأسباب الجيوسياسية هي المؤثر الأول في ارتفاع الأسعار وليست الأسباب التقنية ومنع الصحافيين من حضور الجلسات المغلقة التي اقتصرت على المشاركين فقط ولم تصدر عن المنتدى أية توصيات أو قرارات حسب آلية العمل فيه وفقا لمسؤول في سكرتارية المنتدى.
وقال كلود منديل المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية إن الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي المسال حتى عام 2015 يحتاج إلى استثمارات لا تقل عن 1.2 تريليون دولار

الأكثر قراءة