انخفاض الاستثمار العالمي 39% ولدول المنطقة 43% عام 2009
أعادت «الأونكتاد» تقديراتها للاستثمار العالمي عام 2009 وخفضته في آخر نشرة أصدرتها بنسبة 39 في المائة ليبلغ تريليون دولار، بعدما كانت تقدر انخفاضه إلى 1.2 تريليون دولار في بداية العام الماضي، ثم رفعت تقديراتها إلى 1.4 تريليون دولار في أيلول (سبتمبر) 2009 بالمقارنة مع 1.7 تريليون دولار عام 2008.
وفيما يخص التدفقات الاستثمارية لدول غرب آسيا التي تضمن دول مجلس التعاون الخليجي، توقع تقرير «الأونكتاد» انخفاضها من 90 مليار دولار عام 2008 إلى 51 مليار دولار عام 2009، أي بانخفاض نسبته 43 في المائة.
وفيما يخص العام الجاري 2010، توقع التقرير حدوث انتعاش متواضع وذلك في ضوء المؤشرات العالمية التي تشير إلى إمكانية حدوث تحسن بطيء في المناخ الاستثماري العالمي بناء على توقعات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي الذي توقع نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.1 في المائة في العام الحالي مقارنة مع انكماش بنسبة 1.1 في المائة في عام 2009.
وعزا التقرير التراجع في التدفقات الاستثمارية العالمية إلى تفاقم حدة الأزمة المالية العالمية وتداعياتها القوية على عمليات الاستحواذ والدمج عبر الحدود التي هوت بنسبة زادت على 66 في المائة نتيجة تجمد مصادر السيولة وضعف أداء الأسواق.
ووفقاً للتقرير، فقد طال التراجع الحاد المجموعات الاقتصادية الرئيسية في العالم كافة بلا استثناء وذلك للعام الثاني على التوالي، حيث سجلت الدول المتقدمة انخفاضاً قوياً في التدفقات الاستثمارية القادمة إليها في عام 2009 وفقاً لتقديرات «الأونكتاد» بنسبة بلغت 41 في المائة لتصل إلى 565.6 مليار دولار مقابل تدفقات في عام 2008 بلغت 962 مليار دولار.
كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصاديات النامية بنسبة 35 في المائة من 621 مليار دولار عام 2008 إلى 405 مليارات دولار عام 2009، كما انخفضت الاستثمارات لدول جنوب شرق أوروبا بنسبة 39 في المائة من 114 مليار دولار عام 2008 إلى 69 مليار دولار عام 2009.
وبحسب «الأونكتاد»، فإن حجم التدفقات على الأرجح سيظل في مستوياته الحالية نفسها، مع ملاحظة أن قسما رئيسيا من الزيادة الحالية في الاستثمارات العالمية يعود لقيام الشركات العالمية بإعادة استثمار إيراداتها في البلدان التي توجد فيها، بينما حركة الاستثمار في رؤوس الأموال الخاصة ظلت تقريبا دون تغيير، ما يشير إلى الحذر الذي لا يزال مسيطرا على خطط الشركات العالمية في التوسع. ويضيف التقرير أن بلدان الدول الصناعية كانت هي المستفيدة الرئيسية من تلك الزيادة ولكن ليس كلها، بل بشكل خاص فرنسا، ألمانيا، السويد، إيرلندا، وإسبانيا، ومن الدول النامية البرازيل، والهند، بينما ظل الاستثمار المتوجه للصين شبه مستقر.
وبحسب التقرير، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر الذي أصدرته المنظمة أن الأزمة العالمية غيرت صورة الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث سجل ارتفاعا شديدا في نصيب اقتصاديات البلدان النامية والاقتصاديات التي تمر بمرحلة انتقالية من التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلى 43 في المائة في عام 2008. وهذا التغير في نمط التدفقات الوافدة يعزى جزئياً إلى الانخفاض الكبير في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان المتقدمة التي تقلصت في عام 2008 بنسبة 29 في المائة لتصل إلى 962 مليار دولار أمريكي، مقارنة بالمستوى الذي وصلت إليه في العام السابق. ومع ذلك، ظلت الولايات المتحدة أكبر البلدان المتلقية للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم، تليها فرنسا فالصين والمملكة المتحدة والاتحاد الروسي، ويدل ظهور الصين والاتحاد الروسي بين أكبر خمسة بلدان متلقية على تغير صورة الاستثمار الأجنبي المباشر.
ويشير التقرير، إلى أنه في أعقاب الأزمة، حالما يشق الاقتصاد العالمي طريقه نحو الانتعاش، يمكن لسحب الأموال الحكومية من الصناعات المعتلة أن يشكل محفزاً لموجة جديدة من عمليات اندماج وشراء الشركات عبر الحدود. ويفيد التقرير أن الشركات غير الوطنية التي تعمل في صناعات أقل تأثراً بدورة الأعمال التجارية، والتي تشهد طلباً ثابتاً إلى حد ما (مثل الأعمال التجارية الزراعية وبعض الخدمات)، فضلاً عن تلك التي يحتمل أن تشهد نمواً إيجابياً طويل الأجل (مثل المستحضرات الصيدلانية) هي التي تبدو آفاقها الأكثر إشراقا فيما يخص الاستثمار الأجنبي المباشر، وبالتالي من المحتمل أن تدفع عجلة الرواج المقبل للاستثمار الأجنبي المباشر.
وتفيد «الأونكتاد» أن بإمكان الاستثمار الأجنبي المباشر أن يوفر تمويلاً وخبرة فنية تمس الحاجة إليهما من أجل الزراعة في البلدان النامية، الأمر الذي يشكل حافزاً حاسم الأهمية من أجل زيادة الطاقة الإنتاجية والإنتاج في وقت يسوده قلق عالمي متواصل بشأن الإنتاج الزراعي في البلدان الأفقر، إلا أن ما لهذه الاستثمارات الوافدة من إمكانات هو أمر لم يدرك إلى حد كبير. وجاء في التقرير أن الشركات عبر الوطنية ما برحت تؤدي دوراً في إضفاء طابع تجاري على الزراعة وفي تحديثها في كثير من البلدان النامية، وإن لم تكن تلك الشركات العوامل الوحيدة المحركة لهذه العملية وهي نادراً ما تكون العوامل الرئيسية المحركة لها، ولم تنهض الشركات عبر الوطنية بهذا الدور من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر فحسب «بإنشائها مزارع مثلا» بل أيضاً من خلال الزراعة التعاقدية، وهي شكل من الانخراط لا يقوم على المساهمة في رأس المال، حيث يقوم مثلاً أحد المتاجر الكبرى أو إحدى شركات تجهيز الأغذية بشراء المحاصيل من خلال ترتيب يتم بموجبه تحديد السعر والكمية والجودة وتبين الدراسة الاستقصائية السنوية لـ «الأونكتاد» المتعلقة باتجاهات الاستثمار أن المشاركة الأجنبية في الزراعة آخذة في التزايد ويمكن أن تؤدي دوراً مهماً في الإنتاج الزراعي للبلدان النامية التي هي بحاجة ماسة إلى الاستثمار الخاص والعام لرفع مستوى الإنتاجية ودعم قطاعاتها الزراعية. ويبين التقرير أن المشاركة الأجنبية في الزراعة يمكن أن تأخذ أشكالاً عدة أهمها الاستثمار الأجنبي المباشر، والزراعة التعاقدية، وتتمثل المحفزات الرئيسية للاستثمار الزراعي في توافر الأراضي والمياه في المواقع المستهدفة وتسارع نمو الطلب في البلدان التي هي مصدر الاستثمار الأجنبي المباشر، وقد يشهد عدد من هذه البلدان ارتفاعاً في واردات المحاصيل الغذائية.
وكان معهد التمويل الدولي قد أصدر تقريراً عن التدفقات الاستثمارية للدول النامية قدر فيه انخفاضها من 667 مليار دولار عام 2008 إلى 435 مليار دولار عام 2009، بانخفاض نسبته 35 في المائة، إلا أن المعهد اعتبر هذه النسبة من الانخفاض تطوراً إيجابياً، حيث إنه كان يقدر نسبة الانخفاض بنحو 48 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، معتبرا ذلك دليلا على سرعة تعافي الاقتصاد العالمي، كما أن الوقت بات مواتياً لتدفق الاستثمارات العالمية للدول النامية. وقد توقع أن تصل هذه الاستثمارات إلى نحو 721 مليار دولار عام 2010، متخطية ما كانت عليه في العام 2009 بنسبة 8 في المائة.
وفيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي، وبعد أن قام المعهد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بتضمين عينة المسح للدول النامية المشمولة بالبحث كلا من السعودية والإمارات لتضم العينة الآن 30 دولة تمثل 85 في المائة من اقتصاديات الدول الناشئة في العالم، توقع المعهد أن تنخفض التدفقات الاستثمارية لدول الشرق الأوسط وإفريقيا من 105.5 مليار دولار عام 2008 إلى 43 مليار دولار عام 2009، بسبب تراجع التدفقات الاستثمارية لكل من دولة الإمارات ومصر، بينما سترتفع لعدة دول أخرى، من بينها السعودية ولبنان. بينما توقع أن ترتفع التدفقات الاستثمارية لدول الشرق الأوسط إلى 68.5 مليار دولار عام 2010.
وشدد المعهد أن مسار التدفقات الاستثمارية للدول الناشئة شهد خلال الربعين الثالث والرابع من العام الماضي تسارعا لافتا عوض عن النقص في الربعين الأولين وذلك للتعافي السريع الذي شهدته اقتصاديات هذه الدول مقارنة بالدول الصناعية، بل إن المعهد حذر من الطابع المضاربي لبعض تلك الاستثمارات والتي تهدف إلى تحقيق الربح السريع مستفيدة من انتعاش الدول الناشئة، حيث لاحظ أن الزيادة الكبيرة في الاستثمارات حدثت في استثمارات المحافظ الاستثمارية التي تحولت من انخفاض بالسالب بقيمة 93 مليار دولار عام 2008 إلى زيادة بقيمة 119.2 مليار دولار عام 2009، وهي زيادة تعكس الإغراءات التي تقدمها أسواق المال في الدول النامية للمحافظ الاستثمارية العالمية، في حين انخفضت الاستثمارات المباشرة من 506 مليارات دولار عام 2008 إلى 343.7 مليار دولار عام 2009.
أما بالنسبة للقروض المقدمة من البنوك والمؤسسات المالية، فقد انخفضت من 253.7 مليار دولار عام 2008 إلى سالب 27.6 مليار دولار عام 2009، وهو ما يشير بوضوح إلى تراجع دور البنوك العالمية في التدفقات الاستثمارية العالمية، ولجوئها إلى تصفية موجوداتها في الدول النامية.
وشدد التقرير أن الوقت بات مواتياً جدا للاستثمارات الأجنبية في الدول الناشئة، خصوصا أنها باتت جذابة أكبر وأقل مخاطرة، حيث يلاحظ أن الانتعاش الاقتصادي العالمي باتت تقوده بصورة أكبر الدول النامية وسوف ينمو بمعدل 4.3 في المائة في العام الجاري. وتوّقع التقرير تولي الصين والهند قيادة الانتعاش الاقتصادي العالمي المقبل، حيث ستحققان معدلات نمو تبلغ 10 و7 في المائة على التوالي، بينما ستحقق الاقتصادات الأمريكية والأوروبية معدلات نمو ستبلغ 3 و2 في المائة على الترتيب. كما توقع أن تستفيد الأسهم من النمو المتسارع للأسواق الآسيوية بصفة خاصة، ومن المتوقع أن توفر الأسهم المنكشفة على الاقتصاد الصيني والهندي والماليزي والإندونيسي والكوري الجنوبي، عائدات جذابة عام 2010، ونتيجة لذلك يتوقع أن يتفوق أداء أسهم الأسواق الصاعدة على أداء أسهم الدول المتقدمة.
وبحسب التقرير، ستستفيد السلع الأساسية من انتعاش الاقتصاد العالمي عام 2010 بحيث يبلغ متوسط سعر برميل النفط الخام نحو 85 دولاراً أمريكياً، في الوقت الذي ستواصل فيه أسعار الغاز الطبيعي الارتفاع، إلا أن عائدات الاستثمار في قطاع الطاقة ستكون أقل من الاستثمار في أسهم شركات الطاقة.
كما أوضح التقرير، أن التدفقات الاستثمارية لدول أمريكا اللاتينية ارتفعت لتبلغ 135.7 مليار دولار عام 2009 بالمقارنة مع 130.6 مليار دولار عام 2008، كما ارتفعت للدول الآسيوية الناشئة من 163.6 مليار دولار إلى 236.3 مليار دولار عام 2009 في حين انخفضت التدفقات الاستثمارية المتوجهة للدول الأوروبية الناشئة من 267.4 مليار دولار إلى 20.3 مليار دولار وإلى دول الشرق الأوسط وإفريقيا من 105.5 مليار دولار إلى 43 مليار دولار.
ويلاحظ التقرير أنه فيما يخص الدول الآسيوية الناشئة، فأنها ستظل مصدر للتدفقات الاستثمارية للدول الناشئة، خاصة الصين التي توقع التقرير أنها قامت باستثمار نحو 70 مليار دولار في الاستثمارات المباشرة في الدول الآسيوية.