محللون: بنوك الإمارات تواصل تشديد الإقراض بعد أزمة «دبي العالمية»
رجّح محللون أن تواصل بنوك الإمارات تشديد سياسات الإقراض في السنوات المقبلة حتى إذا تمكن القطاع من تجنب ضربة وشيكة من جراء إعادة هيكلة ديون مجموعة دبي العالمية. وتوشك المجموعة المملوكة لحكومة دبي والتي تبلغ ديونها 26 مليار دولار على الانتهاء من إعداد خطة لإعادة هيكلة الديون لتقديمها إلى دائنيها الذين يبلغ عددهم 97. وعبر محللون عن قلقهم من نضوب الإقراض المحلي إذا اضطرت البنوك لتحمل خسائر هائلة بسبب ديون ترتبط بدبي العالمية. وقدر صندوق النقد الدولي أنه سيتعين على البنوك في أنحاء المنطقة جمع عشرة مليارات دولار إذا اضطرت لتحمل خسائر بنسبة 50 في المائة من قروض دبي العالمية.
وقال تقرير لبيت الاستثمار العالمي «جلوبل» إنه في عام 2009 أعلنت بنوك مقرها دبي عن تراجع بنسبة 31 في المائة في صافي الأرباح. وكان بنكا المشرق ودبي الإسلامي الأكثر تضررا فيما يرجع بشكل كبير إلى ارتفاع مخصصات القروض المتعثرة.
وقال جاناني فاماديفا المحلل المصرفي في إتش سي للسمسرة «ستسلك البنوك نهجا حذرا في التوسع في الائتمان إلى أن تصل قروضها المتعثرة إلى ذروتها. كما ستكون السيولة أيضا عاملا أساسيا في معدلات القروض إلى الودائع.. بعد إعلان دبي العالمية». وعوضت أسهم البنوك بعض الخسائر خلال الأيام العشرة الماضي فيما تراجعت المخاوف من النتيجة المحتملة لإعادة هيكلة ديون «دبي العالمية». وقالت تقارير حديثة إن المجموعة ستقترح على دائنيها تسديد الديون على سبع سنوات.
وقال خبير مصرفي طلب عدم الكشف عن اسمه «أما أن تتحمل التأثير مرة واحدة أو توزعه على السنوات السبع إلى العشر التالية.. لكن في الحالة الثانية سيكون هناك تأثير في مستوى الربحية، وقد تكون البنوك أقل قدرة على المنافسة فيما يخص الأسعار». وصدمت أزمة «ديون دبي العالمية» الأسواق الدولية وأثارت مخاوف بشأن جودة ديون الإمارة وزادت من عبء التسعير على مصدري السندات المحتملين.
وقال وزير المالية الإماراتي قبل أيام إن الحكومة الاتحادية ستدعم دبي التي تجاهد لإعادة هيكلة ديون بقيمة 62 مليار دولار، وأنها تتوقع تسوية المشكلة في وقت قريب. وأفادت تقارير قبل أيام أنه من المتوقع أن تقوم شركة دبي العالمية، وللمرة الأولى، بعرض مقترح رسمي أمام دائنيها خلال الأيام المقبلة، وذلك حول إعادة هيكلة ديونها والبالغة 22 مليار دولار. وبحسب التقارير، ستعقد «دبي العالمية» اجتماعات مع دائنيها بشكل منفرد، للإعلان عن تفاصيل المقترح الرسمي بشأن إعادة هيكلة الديون.
ومن المتوقع أن يتضمن المقترح خيار إعادة الديون خلال عدة سنوات لكنها ستخضع لتخفيضات، كما سيتضمن المقترح خيار إعادة الديون على المدى الطويل مع احتمال ضمانها من حكومة دبي. وقالت وكالة «رويترز» في حينها، إن الاقتراح النهائي لجدولة الديون قد تأجل بسبب الجهود المبذولة لتقييم أصول شركة نخيل بدقة. ولفتت إلى أن حجم الأموال التي سيتلقاها الدائنون مرتبط بتقييم موجودات «نخيل» وتحديد حجم الدعم المالي الذي ستتلقاه «دبي العالمية» من حكومتي دبي وأبو ظبي.
من جهة ثانية، قال سانتوش جوزيف رئيس شركة لؤلؤة دبي التي تقوم بتطوير مشروع اللؤلؤة الذي تم إحياؤه في الاونة الأخيرة بتكلفة أربعة مليارات دولار، إن هؤلاء الذين ليس لديهم خبرة مباشرة تذكر بالسوق بالغوا في ضعف قطاع العقارات في دبي. وقال جوزيف في مقابلة مع «رويترز» على هامش معرض للعقارات «اعتقادي الراسخ أن الذين يقللون من شأن دبي سيكونون بين أوائل العائدين اليها».
وفي أقل من 60 عاما تحولت دبي من صحراء جرداء إلى إحدى أكثر المدن تطورا في العالم في ظل القيام بمشروعات ضخمة واحدا تلو الآخر بينها ناطحات سحاب ضخمة وجزر صناعية مرئية من الفضاء الخارجي. لكن كثيرا من العقارات أصبحت عبئا على شركات التطوير العقاري التي قامت بها إذ ساهم نموذج البناء الذي تنتهجه دبي في زيادة المعروض من المكاتب والفنادق والمنازل. وعلى الرغم من هذه الزيادة في المعروض استأنف فريق جوزيف أعمال الإنشاءات في مشروع لؤلؤة دبي في وقت سابق من هذا الشهر مما يعكس الثقة في سوق دبي ما بعد الأزمة. وذكر جوزيف «في نظري أن النموذج نجح على مدى العشرين أو الثلاثين أو الأربعين عاما الماضية فلماذا يتوقف الآن». وأضاف «بحلول عامي 2012 و2013 أتوقع استيعاب أغلب المساحات التجارية في دبي. أما المساكن فإنه يوجد معروض يراوح بين 16 ألف وحدة سكنية و18 ألفا سنويا على مدى الأعوام الثلاثة أو الأربعة المقبلة لكن نمو السكان السنوي يبلغ عشرة أمثال هذا المعروض تقريبا». ولا يشعر جوزيف بالقلق من عدم ترحيب عشرات الشركات الغربية بهذه الجهود بعدما تخلوا عن خطط توسعة الأعمال في دبي بعد تدهور الاقتصاد.