الضعف في سوق الائتمان المحلي يعود لعوامل هيكلية تتعلق بالمؤسسات المحلية
وصف تقرير مالي حديث الإنفاق المقرر في الميزانية السعودية للعام الجاري بأنه أكثر جرأة. وقال التقرير الصادر عن ''الرياض المالية'' ـ الذراع الاستثمارة لبنك الرياض ـ إن الموازنة السعودية لعام 2010 أكدت استمرار الالتزام الحكومي بدعم الاقتصاد السعودي وذلك خلال الأوقات العصيبة.
وبلغ حجم الإنفاق المتوقع لعام 2010 ما يعادل 540 مليار ريال وبلغت الإيرادات 470 مليار ريال.
#2#
ويعد الإنفاق المستهدف طموحاً جدا قياساً بحجم الإيرادات المنخفضة بشكل كبير، مما يدل على العزم الحكومي على دعم الاقتصاد بالرغم من العجز الحاصل في الموازنة والبالغ 70 مليار ريال.
وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن الحكومة غالباً ما تنفق أكثر من حجم الموازنة، فإن حجم الإنفاق المستهدف يعتبر أكثر جرأة.وفي عام 2009، تجاوز حجم الإنفاق حجم الموازنة بمقدار 16 في المائة. وتتسم موازنة هذا العام بالحذر حيث قدرت الحكومة الإيرادات بشكل متحفظ، تاركة المجال لعجز بسيط أقل مما هو متوقع، هذا إذا لم يكن هناك إنفاق فعلي إضافي.
في عام 2009 على سبيل المثال حين بدأت أسعار النفط عند مستويات قياسية منخفضة، تجاوز حجم الإيرادات الحكومية الفعلية إيرادات الموازنة بمقدار 23 في المائة، محققة بذلك عجزاً أقل حيث بلغ 45 مليار ريال، حتى مع الإنفاق الإضافي.
وكما هو الحال أخيرا فإننا نتوقع أن تكون السياسة المالية أكثر تحفيزاً من الموازنة.وسيتم تخصيص ربع حجم الإنفاق في الموازنة الجديدة والبالغ 540 مليار ريال لقطاع التعليم وتدريب القوى العاملة.
ويدل تخصيص 137.6 مليار ريال للتعليم والتدريب على رغبة الحكومة في الاستثمار في المواطنين السعوديين. كما تم تخصيص جزء من الموازنة لبناء جامعات جديدة في كل من الدمام والخرج والمجمعة وشقراء. ولبناء 1200 مدرسة، واستكمال المدن الجامعية في عدد من الجامعات القائمة، وكذلك إنشاء عدد من الكليات التقنية والمعاهد المهنية.
وسيتم تخصيص 61 مليار ريال لقطاع الصحة والتنمية الاجتماعية، وتخصيص 22 مليار ريال لقطاع الخدمات البلدية.
وقد تم تخصيص 46 ملياراً لقطاعات المياه والزراعة والصناعة، كما تضمنت أيضاً تمويل مشاريع لتجهيز البنية التحتية للصناعات التعدينية في رأس الزور. كما تضمنت الموازنة أيضاً تخصيص 260 ملياراً. فيما بلغت مخصصات قطاع النقل والاتصالات نحو 10.8 مليار ريال، بما في ذلك إنشاء عدد من الطرق السريعة والشوارع الجديدة، يبلغ مجموعها 6400 كيلومتر كما تم تخصيص 1.49 مليار ريال لتطوير الموانئ البحرية، وكذلك 830 مليوناً للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية.
الاقتصاد السعودي
وفيما يتعلق بأداء الاقتصاد السعودي، فقد كان إعلان الموازنة مفاجأة إيجابية. ففي الوقت الذي توقع أغلب المحللين انخفاض النمو الاقتصادي الحقيقي في عام 2009، فقد أظهرت التقديرات الحكومية الأولية نمواً ايجابياً حقيقيا بسيطاً بمقدار 0.15 في المائة. كما أظهر القطاع الخاص غير النفطي نمواً حقيقياً بمقدار 2.54 في المائة، متماشياً مع توقعاتنا بنمو مقداره 2.5 في المائة، بينما كان نمو القطاع الحكومي أقل بقليل من توقعاتنا ''4 في المائة مقابل 5 في المائة''.
ومع ذلك، فقد كان الانخفاض الحاصل في القطاع النفطي أقل من توقعاتنا، مما نتج عنه تغير توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي من سلبية بمقدار 1.5 في المائة لإيجابية بمقدار 0.15 في المائة.وتظهر أغلب المؤشرات الاقتصادية والمالية أخيرا تغيراً مفاجئاً لوضع الاقتصاد السعودي في كانون الأول (ديسمبر). فقد انخفض عدد من المؤشرات، لذلك فإن عدد المؤشرات السلبية ''الحمراء'' أكثر من تلك عدد المؤشرات الإيجابية ''الخضراء'' والمحايدة ''السوداء''. ولا تزال التوقعات على المدى المتوسط تبعث على التفاؤل، ولكن أقل مما كانت عليه الشهر الماضي.
وشهدت أسعار النفط تراجعاً كبيرا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث إن مستواها الحالي أقل من سعر النفط السعودي المريح والبالغ 75 دولاراً للبرميل. وجاء هذا الانخفاض بالتزامن مع التراجع العالمي في أسعار الأسهم والسلع خلال الأسابيع الماضية. أما بالنسبة لمؤشر سوق الأسهم السعودي فيتبع الأسواق العالمية (وأسعار النفط) المنخفضة بعد أن كان مستقراً لأشهر.
آما أن مؤشر إقراض البنوك للقطاع الخاص شهد تراجعاً لأول مرة منذ فترة. وفي ظل بقاء المتوسط المتحرك للقوة الدافعة خلال 12 شهراً مرتفعاً لعديد من المؤشرات فإننا نعيد النظر في توقعاتنا للاقتصاد السعودي على المدى القريب إلى ''مستقرة''.
عودة الغموض فيما يتعلق بالطلب العالمي على النفط
شهدت أسعار النفط انخفاضاً ملحوظاً في شباط (فبراير) بعد تحسنها في كانون الثاني (يناير). وتبقى القوة الدافعة إيجابية وإن كانت مستقرة كما أن الاتجاه الأخير إيجابي أيضاً. ويعزى هذا الانخفاض إلى تزايد الغموض حول الأسواق المالية العالمية أكثر من كونه عائداً لأساسيات سوق النفط حيث تفكر الولايات المتحدة وعدد من الدول المتقدمة في فرض قوانين وغرامات جديدة على البنوك الكبرى.
وبالنظر إلى عدم الثقة بالنسبة لانتعاش الاقتصاد العالمي وفي ظل دفء فصل الشتاء على غير المعتاد، فقد خفضنا توقعاتنا بالنسبة لسوق النفط من ''إيجابية'' إلى ''محايدة''.
أسعار الفائدة داعمة للطلب على القروض
أظهرت أسعار الفائدة زيادة بسيطة منذ تموز (يوليو). كما أن سعر الفائدة على الودائع مابين البنوك السعودية خلال. في المائة ثلاثة أشهر قد شهد ارتفاعاً إلى 0.77 في المائة في كانون الثاني (يناير) 2010 من أكبر انخفاض له في أيلول (سبتمبر) 2009 عند 0.65 ونتوقع استمرار أسعار الفائدة قريبة من المستويات الحالية، وذلك بالتزامن مع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على أقل تقدير حتى الربع الثالث من عام 2010.
وستكون الزيادة في المستقبل مرتبطة بنمو الاقتصاد العالمي والطلب على القروض في المملكة. ونبقي على توقعاتنا الإيجابية لهذا المؤشر حيث سيبقى منخفضاً مما يشجع الطلب على الاقتراض في المملكة.فيما يتعلق بالقاعدة النقدية - وهي الأموال المتوافرة للقطاع المصرفي لتحويلها إلى قروض- فقد شهدت انخفاضاً في كانون الأول (ديسمبر) بعد أن شهدت تحسناً لشهرين. ولا يعود السبب في هذه الزيادة فقط لاحتفاظ البنوك بهذه الأموال كودائع احتياطية مع مؤسسة النقد بدلاً من إقراضها. فالسبب يعود لعامل العرض والطلب حيث يقل الطلب على القروض إضافة لعدم رغبة البنوك بالإقراض.
القاعدة النقدية تدخل مرحلة تقوية
كما يواصل مؤشر عرض النقود انخفاضه. منذ نيسان (أبريل) 2009، حين بلغ النمو السنوي ذروته عند 18.3 في المائة، فقد شهد انخفاضاً في سبعة أشهر من أصل ثمانية. وكان المتوسط المتحرك خلال 12 شهراً سلبياً منذ كانون الأول (ديسمبر) 2008 والاتجاه سلبي (قيم المؤشر الحقيقية أقل من مؤشر القوة الدافعة منذ تموز (يوليو) 2008). ولكون عرض النقود مقياس حقيقي لقياس الطلب في الاقتصاد المحلي، فإن ضعفه من شأنه أن يبطئ النمو الاقتصادي. ولا يزال إقراض البنوك للقطاع الخاص يشكل مصدر قلق حقيقي بالنسبة للاقتصاد السعودي.
و بالرغم من وفرة السيولة وسياسة ساما بضخ سيولة إضافية في النظام إلا أن إقراض البنوك للقطاع الخاص يواصل تراجعه بلا توقف تقريباً منذ حزيران (يونيو) 2008.
وانخفض إقراض البنوك للقطاع الخاص في كانون الأول (ديسمبر) بمقدار 0.3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي.
وتعد هذه المرة الأولى للقروض في المنطقة السلبية منذ فترة. ويبدو واضحاً الآن بأن الضعف في أسواق الائتمان المحلية يعود إلى عوامل هيكلية تتعلق بمدى سلامة المؤسسات المحلية. فإن أي أخبار سيئة في المنطقة تثير القلق، مما يقود البنوك بتجنب المجازفة أكثر. لذا فإن توقعاتنا لهذا المؤشر أكثر سلبية حيث نرى بوادر تحسن بسيطة من السياسات المالية وأسعار الفائدة فقط.