تقارير مصرفية: ذروة الجمود وخفوت المخاطر ينموان بالقروض البنكية في 2010
تتفق معظم التقارير المصرفية التي ظهرت خلال الفترة القريبة الماضية, على أن البنوك السعودية وصلت إلى المنطقة الدنيا في جمود الائتمان, وأن العام الجاري سيشهد ارتفاعا في قروضها للقطاع الخاص، وهي تدعم هذه التقارير توقعاتها بعدة عوامل محرضة على نمو الائتمان المصرفي. ووفق تلك التقارير، فإن النشاط الائتماني هذا العام سيستند إلى متانة الاقتصاد الوطني مدعوما باستقرار أسعار النفط فوق المقدر في الميزانية العامة للدولة لعام 2010، وكذلك الميزانيات القوية للبنوك المحلية، وكذلك خفوت المخاطر المرتبطة بتعثر بعض الشركات.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
تتفق معظم التقارير المصرفية التي ظهرت خلال الفترة القريبة الماضية على أن البنوك السعودية وصلت إلى المنطقة الدنيا في جمود الائتمان وأن العام الجاري سيشهد ارتفاعا في قروضها للقطاع الخاص، وتدعم هذه التقارير توقعاتها بعدة عوامل محرضة على نمو الائتمان المصرفي.
ووفق تلك التقارير، إن النشاط الائتماني هذا العام سيستند إلى متانة الاقتصاد الوطني مدعوما باستقرار أسعار النفط فوق المقدر في الميزانية العامة للدولة للعام 2010، وكذلك الميزانيات القوية للبنوك المحلية، وكذلك خفوت المخاطر المرتبطة بتعثر بعض الشركات على غرار ما حدث لمجموعتي الصانع والقصيبي، والعامل الأخير يتمثل في انحسار تداعيات الأزمة المالية العالمية التي قادت القطاع المصرفي حول العالم خلال العامين الماضيين إلى رفع المخاطر إلى أعلى الدرجات ما أدى إلى جمود غير مسبوق في الإقراض.
واستطاع القطاع البنكي – المصارف المدرجة في السوق حيث لا تشمل الأرقام البنك الأهلي – تحقيق 51.975 مليار ريال إيراداً بنهاية العام الماضي, فيما بلغت أرباحه 21.7 مليار ريال، ومثلت هذه الأرباح 35.7 في المائة من إجمالي أرباح الشركات المدرجة في سوق المال السعودية.
وتعزز توقعات التقارير المالية حول الائتمان المصرفي في السعودية، بيانات حديثة أعلنتها مؤسسة النقد خلال الأيام الماضية، حيث أظهرت أن الائتمان المصرفي للقطاع الخاص استأنف نموه مع بداية هذا العام حيث بلغ نحو 709.8 مليار ريال بنهاية كانون الثاني (يناير) الماضي مقارنة بنحو 708.7 مليار ريال بنهاية كانون الأول (ديسمبر) 2009، أي بنسبة ارتفاع 0.2 في المائة، وهو ما قد يعزز الآمال في أن تنتهج البنوك أسلوبا أقل حذرا في إقراض شركات القطاع الخاص. ومع احتساب قيمة استثمارات القطاع الخاص في الأوراق المالية الخاصة لدى البنوك فإن إجمالي مطلوبات المصارف التجارية من القطاع الخاص يرتفع بشكل طفيف - وهو مؤشر رئيسي على ثقة البنوك بالاقتصاد - مع نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي إلى 735.6 مليار ريال مقارنة بـ 734.2 مليار ريال خلال كانون الأول (ديسمبر) 2009، أي بنسبة نمو 0.2 في المائة.
وآخر التقارير التي تصب في توقعات نمو الائتمان المصرفي، تقديرات أورتها شركة «عودة كابيتال» – الذراع الاستثماري لبنك عودة اللبناني وهي شركة تعمل في السوق السعودية، حيث أكدت أن البنوك في المملكة باتت قادرة على التعامل بشكل أفضل مع أية تداعيات إضافية للأزمة العالمية في ظل عودة الاقتصاد للنمو واستقرار التطلع متوسط الأجل لأسعار النفط.
وتوقعت «عودة كابيتال» أن يعاود الإقراض النمو بأكثر من 10 في المائة خلال العام الجاري بدعم من وفرة السيولة والسياسات المالية والنقدية المتبعة. وتوقع التقرير أن تحقق البنوك السعودية نموا في أرباحها الصافية بنسبة تقترب من 22 في المائة خلال عام 2010. في المقابل، لم تستبعد «عودة كبيتال» مزيدا من مشاكل الائتمان في القطاع المصرفي خلال النصف الأول من العام الجاري متوقعة أن تبلغ المخصصات التي ستأخذها المصارف هذا العام نحو سبعة مليارات ريال.
كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري الدكتور سعيد الشيخ يؤيد معاودة الائتمان إلى النمو، حيث قال قبل فترة قصيرة: إن «الصورة الاقتصادية على المستوى العالمي كانت سلبية في العامين الماضيين واستمرت حتى الربع الأول من 2009، الأمر الذي دفع البنوك للتحفظ فيما يتعلق بمسائل الإقراض، إلى جانب أن مشكلة بعض البيوت العائلية التي ظهرت في العام الماضي زادت من تخوف البنوك المحلية من أن أزمة هذه البيوت ليست مقصورة على أسرة أو اثنتين وإنما تصبح ظاهرة قد تعم معظم البيوت العائلية في المملكة، مما زاد الخوف لدى البنوك والتحفظ عن الإقراض خلال النصف الأول من 2009 وقامت البنوك بأخذ مخصصات كبيرة بالنسبة لمحفظة القروض».
ويضيف الشيخ «في الوقت نفسه لا بد أن ننظر إلى جانب الطلب فالشركات العاملة أجلت بعض مشاريعها أو خطط التوسع المستقبلية وهناك بعض المشاريع التي ألغيت، وهو ما أدى إلى انخفاض مستوى الطلب وساهم ذلك في تباطؤ الإقراض خلال عام 2009، لكن وتيرة الإقراض بدأت في التحسن خلال الربع الرابع من عام 2009 وهناك مستويات جيدة من السيولة لدى البنوك السعودية سواء بصافي الاستثمارات الأجنبية التي ارتفعت بشكل كبير، أو الاحتياطيات التي تضعها البنوك لدى مؤسسة النقد، الاقتصاد السعودي مرتبط بما يحدث عالمياً الذي بدأ التفاؤل فيه يعم، وبدأنا في المملكة نشعر به وسنجد أن هناك استجابة سواء في العرض أو الطلب ويعاود الإقراض النمو في الوقت الذي عرضت فيه الحكومة مشاريع ضخمة مما سيحفز الطلب على الإقراض في القطاع الصناعي والمقاولات ولكن الأمر بلا شك سيكون تدريجيا».
وفي السياق ذاته، يعتقد تقرير أصدرته شركة جدوى للاستثمار أن عمليات الإقراض أصبحت مهيأة للانتعاش خلال هذا العام، حيث بدأت الثقة تعود إلى البنوك التي يبدو أنها أصبحت أكثر ارتياحاً بشأن مستويات انكشافها، وذلك بسبب عدم ظهور أي مشكلات مالية جديدة بين شركات القطاع الخاص. لكن البنوك المحلية، ورغم حالة تعزز الثقة، لجأت إلى تجنيب أكثر من سبعة مليارات ريال عام 2009 من أجل تغطية الخسائر رغم أن جميعها سجل أرباحا العام الماضي. ووفق التقرير، ظلت البنوك تتمتع بسيولة عالية، حيث سجلت ودائع البنوك من الاحتياطي الإلزامي لدى مؤسسة النقد في نهاية كانون الأول (ديسمبر) زيادة عن المستويات المطلوبة كانت الأعلى على الإطلاق حيث بلغت 98.3 مليار ريال. لكن نمو الإقراض لن يعود إلى مستويات ما قبل الأزمة المالية، حيث لا تزال البنوك تعاني من التوجس فضلاً عن احتمال حدوث حالات تعثر لدى شركات أخرى (عديد من الشركات لديها ديون قصيرة الأجل بمبالغ ضخمة يتوجب ترحيلها إلى فترات قادمة).
تقرير صادر عن البنك السعودي الفرنسي، يعتقد أن إحجام البنوك السعودية عن منح القروض الجديدة قد وصل إلى الحضيض، وأنها سوف تبدأ في الإقراض. ويؤكد التقرير أن إحجام الائتمان في الفترة الماضية كان سببا رئيسا في بطء الانتعاش الاقتصادي، لكن الصناديق الحكومية لم تقف مكتوفة الأيدي حيال هذا الوضع حيث باشرت الإقراض لكثير من المشاريع الحكومية وشبه الحكومية.