الركود الاقتصادي سينتج عالما ذا سرعتين .. حاصلون على النمو ومفتقرون إليه

الركود الاقتصادي سينتج عالما ذا سرعتين .. حاصلون على النمو ومفتقرون إليه
الركود الاقتصادي سينتج عالما ذا سرعتين .. حاصلون على النمو ومفتقرون إليه

ينبغي على قادة الأعمال الاستعداد لعالم ذي سرعتين سيتمخض عنه الركود الاقتصادي الكبير (الحاصلون على النمو) و(المفتقرون إليه) فهناك عديد من الدول النامية استطاعت تفادي الأزمة الاقتصادية العالمية حتى الآن على الأقل، الأمر الذي يدفع الشركات الغربية لإدراك حقيقة أنها ستواجه صراعاً شرساً لتحقيق النمو في السنوات العشر المقبلة إن لم تكن أدركت ذلك فعلاً.

وبناء عليه، سيكون لزاماً على الشركات العمل بشكل استباقي لتطوير نماذج أعمال تمكنهم من الاستفادة القصوى من فرص النمو أينما وجدت، وفقاً لما توصلت إليه مجموعة بوسطن الاستشارية بعد دراستها تأثيرات الركود الاقتصادي على أنماط النمو المحتملة.

#2#

الدول الخليجية سيكون لها موقع قوي بين الاقتصادات سريعة النمو على الصعيد العالمي خلال الفترة المقبلة، هذا ما أكده لـ «الاقتصادية» الدكتور سفن أولاف فاتجي الشريك والمدير الإداري في مجموعة بوسطن الاستشارية في الشرق الأوسط، ويقول: «تستفيد اقتصادات دول الخليج من بنيتها الاقتصادية الخاصة، فالحكومات تلعب دوراً قوياً في النشاط الاقتصادي، سواءً كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عبر الشركات القابضة الحكومية، ومع سياسات الإنفاق التوسعية، تمكنت الحكومات من تقليل تأثير الأزمة الاقتصادية إلى حد كبير، وبالنظر إلى المستقبل، سيكون من شأن الجهود المتواصلة لتحقيق التنوع الاقتصادي وبناء بنية تحتية مموّلة من العائدات القوية الناتجة عن الموارد الطبيعية، مساعدة اقتصادات دول الخليج على تبوء موقع قوي بين الاقتصادات سريعة النمو على الصعيد العالمي».

وعن التأثيرات الاقتصادية طويلة الأجل التي قد تواجه المستثمرين الخليجيين في أثناء الاستثمار في الشركات الغربية التي تقدم فرصاً اقتصادية مجدية في مثل هذه الأوقات، أشار الشريك التنفيذي والمدير الإداري لمجموعة بوسطن الاستشارية إلى أن قيام المستثمرين في دول الخليج بالاستثمار في الشركات الأجنبية يعتبر تقليداً طويل الأمد.

وأضاف «في الآونة الأخيرة، بات التوجه لشراء الأسهم في آسيا وأوروبا تحديداً موضوعاً على خريطة المستثمرين من دول الخليج، وذلك نتيجة لمستويات التقييم العالية التي تجذب اهتمامهم، كما أن زيادة الاستثمارات المباشرة التي يقوم بها مستثمرون من دول الخليج في شركات رائدة في أجزاء أخرى من العالم، من شأنها زيادة الوعي العام في مستثمري دول الخليج بصفتهم مستثمرين عالميين بارزين، إضافة إلى ذلك، يتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة في نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى دول الخليج مع دخول الشركات المستثمرة إلى المنطقة».

وأوضح الدكتور فاتجي أن النجاح الاقتصادي في دول الخليج سوف يعتمد على التأسيس الناجح لصناعات متنوعة، التي تقوم معظم الدول حالياً بالاستثمار فيه، وترتكز عوامل النجاح الأساسية على جذب أفضل المواهب إلى المنطقة، وتعبئة القوى العاملة المحلية (بما في ذلك المشاركة النسائية في القوى العاملة)، إضافة لتأسيس بنية تحتية متطورة تدعم النمو الاقتصادي (لا سيما في مجال الخدمات التعليمية والصحية).

وبالعودة إلى الدراسة التي أعدّتها مجموعة بوسطن الاستشارية أخيراً، فإن الواقع العملي للشركات سيصبح أكثر صعوبة وليس سهولة، حيث سيضطر المسؤولون التنفيذيون للدخول في صراع شرس من أجل تحقيق النمو في العهد الجديد الذي يشمل «الحاصلين على النمو» و»المفتقرين إليه».

وتشير الدراسة إلى أن الإقتصادات سريعة النمو في العالم تتجه لترقى باسمها في أعقاب الركود الاقتصادي الكبير، ولتقلص فجوة الثروة بينها وبين الاقتصادات المنافسة في الغرب.

ففي الفترة الممتدة بين العام 2010 و2015، وفي حال اتباع الاقتصادات النمط التاريخي المعتمد للنمو الذي يلي الركود الاقتصادي الذي وضعه صندوق النقد الدولي، من الممكن أن تنخفض معدلات النمو السنوي طويل الأمد في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان إلى ما دون 2 في المائة.

في المقابل، من المرجح أن تعاود معدلات النمو في كل من الصين والهند والبرازيل تحقيق مستويات مشابهة للمستويات المسجلة قبل الأزمة وهي 8 – 9 في المائة بالنسبة إلى الصين، وما بين 6 – 7 في المائة في الهند، وبين 3 – 4 في المائة بالنسبة للبرازيل.

وبذلك فإن روسيا هي الدولة الوحيدة من مجموعة الدول سريعة النمو (BRIC) التي تواجه احتمال تسجيل معدلات نمو منخفضة حتى 2 – 3 في المائة، أي أقل بكثير من المعدلات المحققة قبل الأزمة.

وتوضح الدراسة أن الفكرة الرئيسية الكامنة وراء التقديرات المستقبلية المحتملة للاقتصاد العالمي هي أنه ينبغي على قادة الأعمال الاستعداد لعالم ذي سرعتين.

فهناك عديد من الدول النامية استطاعت تفادي الأزمة الاقتصادية، حتى الآن على الأقل، ويجب أن يدفع هذا الأمر الشركات في الغرب لإدراك أنها ستواجه صراعاً شرساً لتحقيق النمو على مدى السنوات الخمس حتى العشر المقبلة، إن لم تكن قد أدركت ذلك فعلاً.

ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تتجه الاقتصادات لاختبار «فجوة الناتج» في السنوات السبع التي تلي أي أزمة مصرفية، وتعني الفرق بين الناتج الفعلي المتحقق الآن ونمط النمو الذي كان متوقعاً قبل الأزمة وبمعدل وسطي، ينخفض الناتج الحقيقي بنسبة 10 في المائة عن اتجاهه ما قبل الأزمة.

وبناء على النتائج التي توصّل إليها صندوق النقد الدولي، ابتكرت مجموعة بوسطن الاستشارية نموذجاً لاكتشاف تأثيرات الركود الاقتصادي العظيم على أنماط النمو المحتملة، يظهر أن تكون فجوة الناتج أسوأ بكثير من المعدل في بعض الدول.

في روسيا، يتوقع نموذج مجموعة بوسطن الاستشارية تحقيق فجوة ناتج في العام 2015 بنسبة -29.7 في المائة، وفي المملكة المتحدة بنسبة -16.7 في المائة، وفي الولايات المتحدة بنسبة - 12.8 في المائة، وفي ألمانيا بنسبة -11.7 في المائة. وفي المقابل من المتوقع أن تتفوق البرازيل على اتجاه النمو المتوقع قبل الأزمة لتحقق فجوة ناتج بنسبة 1.3 في المائة.

وبالنسبة إلى الهند فمن المرجح أن تبلغ فجوة الناتج نسبة - 2.5 في المائة وفي الصين نسبة - 4.3 في المائة.

يُذكر أن هذه الدراسة التي تسلّط الضوء على الانبثاق السريع لعالم ذي سرعتين، تم إصدارها بالتزامن مع كتاب سيصدر قريباً تحت عنوان: الخروج السريع من الركود الاقتصادي العظيم: الفوز في ظل اقتصاد بطيء النمو من تأليف دايفد رودز ودانيال ستلتر وهما شريكان في المجموعة وتصدره دار ماكغرو- هيل، يناير 2010.

الأكثر قراءة