المشاكل النسبية للمزارعين

المشاكل النسبية للمزارعين

<a href="mailto:[email protected]">Kalfuhaid@hotmail.com</a>

تتردد دائماً في الملتقيات الزراعية مقولة الميز النسبية وأهمية الاستفادة منها وتبرز هذه الميز للسطح في وطن أشبه ما يكون قارة، لتعدد مظاهر تضاريس المملكة بأشكالها المختلفة من جبال وهضاب وسهول وأودية وكثبان رملية، كما أن درجات الحرارة قد تصل إلى ما يزيد على 50 درجة مئوية أثناء النهار في فصل الصيف فيما تقل عن الصفر المئوي أثناء الشتاء في بعض المناطق، التي تنعكس بدورها وتؤثر في بيئة الإنسان ونشاطه وحياته المعيشية وتنقلاته، ومناطق المملكة بدورها تختلف من منطقة لأخرى من حيث المقومات الطبيعية (الموقع الجغرافي، ظروفها البيئية، معدلات الأمطار، التربة الصالحة للزراعة، مظاهر السطح، وفرة المياه المناسبة للزراعة وغيرها) والبشرية مثل عدد السكان كسوق استهلاكيا، ودخولهم، والبُنى التحتية للخدمات داخل كل منطقة، وتوافر رأس المال لأبنائها، وتلك الصفات مجتمعة أو منفردة تعطي منطقة دون أخرى ما يسمى "الميز النسبية" في القطاع الزراعي مع مراعاة أن الأنظمة والتشريعات وسياسة التمويل والإعانات موحدة في جميع المناطق. وعلى الرغم من وجود الاعتقاد السائد لدى البعض بأن الفوارق البيئية قد تذوب باستخدام وسائط التقنية المختلفة إلا أن الميز النسبية تُعد أحد العوامل المهمة المساعدة على نجاح وتميز منتجات زراعية دون أخرى إذا أُحسن استغلال الموارد الطبيعية والبشرية في القطاع الزراعي، بل إن الميز النسبية قد تُساعد في خفض تكاليف الإنتاج لتوافر الظروف البيئية المناسبة التي تعمل على خفض احتياجات المزروعات وتسهم في تحمل تلك الظروف إلا أن زيادة المعروض من المنتج نتيجة لتحقق هذه الميز قد يكون له أثر سلبي في التسويق من قريب أو بعيد، مما يعني أهمية تسخير الميز النسبية لرسم هوية لكل منتج من كل منطقة تُسخر بالتالي لرسم هوية وطنية خارج الحدود. وكما للإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ميز نسبية في المناطق فإن الملاحظ أن مشاكل المزارعين أيضا تختلف من حيث الأهمية النسبية لهم من منطقة لأخرى حيث يلاحظ تركز مشاكل محددة في منطقة دون أخرى من مناطق المملكة، فمثلا بعض المناطق تشكل تربية النحل والدواجن أهمية نسبية في حين مناطق أخرى تعتبر مشاكل إنتاج وتسويق البطاطس والخضار والقمح أهمية نسبية لهم، وفي المناطق الساحلية مشكلة صيد وتسويق الأسماك، وكذلك التمور في أغلب مناطق المملكة، إضافة إلى وجود مشاكل تسويقية تختص بالمناطق القريبة من الحدود مع الدول المجاورة، وقد تُعزى نسبية المشاكل إلى ارتباطها بنوعية المنتجات الزراعية المميزة نسبيا سواء نباتية أو حيوانية أو سمكية، وفي ظل وجود هذه المشاكل فإن الأمر يتطلب من المزارعين الرفع من كفاءة منتجهم وترتيب أوضاعهم للتغلب على المشاكل الإنتاجية والتسويقية التي قد تواجههم وخاصةً مشكلة التنافس بين المنتجين المحليين أنفسهم ويكون ذلك بالاستفادة من الميز النسبية التي قد تتحقق لهم سواء الطبيعية أو البشرية لخلق تكتلات وفي مقدمتها الجمعيات التعاونية تساعدهم لوضعهم منتجاتهم في وضع تنافسي أفضل مقارنة بالمنتجات الزراعية المستوردة لتحقيق عوائد مجزية، كما أن تلك الجمعيات ستقوم بدورها في رصد تلك المشاكل في كل منطقة للمساهمة في إيجاد حلول للتغلب عليها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ومن هذا المنطلق يأتي دور المزارعين كتكتل للاستفادة من الميز النسبية في كل منطقة دون الهرولة وراء مزارعي المناطق الأخرى في ظل مبدأ التقليد بين المزارعين وبالتالي البحث عن طوق نجاة لتسويق منتجاتهم والرضوخ لمشاكلهم النسبية.

الأكثر قراءة