تقلبات الأوضاع الاقتصادية في الخليج تجر أسواق العمل لتطورات سريعة

تقلبات الأوضاع الاقتصادية في الخليج تجر أسواق العمل لتطورات سريعة

أجمع خبراء اقتصاديون أن أسواق العمل في دول الخليج تشهد تحولات سريعة، كون العرض والطلب يخضعان للدورة الاقتصادية الخاضعة بدورها لأوضاع أسواق النفط، ويتمان في الأغلب الأعم على أيدي عاملة أجنبية، الأمر الذي يجعل من أسواق العمل الخليجية خاضعة لتطورات سريعة، حيث نما حجم الأيدي العاملة الأجنبية إلى أكثر من 16 مليون عامل يمثلون نحو 40 في المائة من السكان ونحو 60 إلى 80 في المائة من الأيدي العاملة.
ويقول تقرير للبنك الدولي: إن الظاهرة الأخرى التي تشهدها أسواق العمل الخليجية هي ظاهرة عولمة إنتاج السلع والخدمات، وانخفاض تكلفة الاتصالات والنقل، والتطورات الديموغرافية في العالم، الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد حركة الأيدي العاملة وانتقال الوظائف على الصعيد العالمي في العقود المقبلة.
وفي الإطار نفسه، سوف يتوقف نمو مستوى الدخل على المدى الطويل على مدى توافر أعداد كبيرة وكافية من الأيدي العاملة المتمتعة بمجموعة متنوعة من المستويات المهارية، والقدرة على التكيّف مع الاحتياجات المتغيرة.
ويستند تحليل البنك إلى افتراضين أساسيين: أولا، ثمة قوى كبيرة متزايدة ستضغط في اتجاه هجرة الأيدي العاملة والوظائف عبر مختلف مناطق العالم في المستقبل. وثانيا، فإنه سيتعين على البلدان والمناطق الاستعداد لمواجهة هذه التغيّرات العالمية، واغتنام الفرص السانحة، والتصدي للمخاطر المُرتقبة بشكل مباشر.
وتتضمن عولمة سوق العمل ظاهرة الهجرة المرتبطة بالسن من قبل الأفراد سعيا وراء فرص أفضل عبر الحدود والظاهرة حديثة العهد نسبيا بشأن انتقال الوظائف من خلال إسناد أنشطة الأعمال إلى جهات ومصادر خارجية outsourcing ونقل الوظائف إلى بلدان أخرى off-shoring. لعل أوجه التقدم الملموس الذي شهدته ميادين الاتصالات السلكية واللاسلكية ومجالات التنظيم والإدارة هي التي أتاحت إمكانية نقل الأنشطة إلى مواقع وأماكن أخرى وأضفت عليها قدرا كبيرا من الجاذبية، حيث أدت إلى تمكين الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء من بناء علاقات في الخارج للاستفادة من التقدم التكنولوجي والانتفاع بوفرة كبيرة في التكاليف. وتتطلع الشركات إلى تشغيل العمال الأكثر تكيفا بهدف تعظيم مردود استثماراتها. أما الأفراد فيتطلعون إلى حياة كريمة أفضل نوعية ـ حتى وإن تطلّب الأمر هجرتهم من بلدانهم الأم للعمل في الخارج. ونتيجة لذلك، يتزايد دخول الشركات إلى السوق العالمية للاستفادة من الخدمات، والمواهب والمهارات، والأيدي العاملة عموما، حيث تقوم بتوظيف المهاجرين ونقل الوظائف في مختلف أنحاء العالم.
ويزعم تقرير البنك أن البلدان الصناعية والبلدان النامية سوف تستفيد من برامج الهجرة الأفضل تنظيما، وازدياد الفرص المتاحة لهجرة الأيدي العاملة، والمواءمة الأفضل بين العرض والطلب على المهارات. وهذا هو الحال إلى حد كبير في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا، حيث توجد صلات وروابط مهمة في مجالات الهجرة. فالهجرة في الوقت الحالي هي الشكل الرئيسي للاندماج العالمي لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي مصدر مهم للمساهمة في زيادة دخول الأسر المعيشية ودعم الاقتصاد الوطني لبلدان هذه المنطقة. ومع ذلك، يوجد مجال واسع لتحسين النتائج المترتبة على الهجرة لمنطقتي أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث أصبحت عملية جذب فرص إسناد أنشطة الأعمال إلى جهات ومصادر خارجية outsourcing ضمن الملامح الرئيسية لخلق الوظائف في عديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وحول الآفاق العالمية لانتقال الوظائف والهجرة، يقول التقرير: تتفاوت هذه الديناميكيات تفاوتاً ملموساً حسب المناطق، إذ إن بعض المناطق، وخاصة أوروبا، ستواجه آفاق انخفاض سريع في عدد السكان والقوى العاملة. وفي غياب الهجرة وبافتراض بقاء معدلات المشاركة في الأيدي العاملة دونما تغير، فإن منطقة آسيا الوسطى والبلدان ذات الدخل المرتفع في شرق آسيا وكذلك الصين وأوروبا وأمريكا الشمالية سوف تفقد مجتمعة 216 مليون عامل فيما بين الوقت الحاضر وعام 2050. وسيفقد الاتحاد الأوروبي وحده 66 مليون عامل وهو انخفاض بمقدار الثلث تقريبا وبحلول عام 2050 سيكون هناك اثنان من المتقاعدين مقابل كل شخص في الخدمة. لأسباب شتى، سيكون المهاجرون المحتملون على الأرجح من فئة العمال الشباب أي البالغين في الشريحة العمرية 15 إلى 39 عاما، وقد تشكل هذه الشريحة 570 مليون عامل إضافي بحلول عام 2050.

الأكثر قراءة