رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الفائض السعودي في 2010.. «المصداقية»

إن أقصى ما يمكن أن يخشاه أي اقتصاد في العالم، هو حدوث عجز في المصداقية، وهذا بالتحديد ما تعانيه اليونان اليوم ويمكن أن يؤدي إلى انهيارها.. وكادت دبي أن تقع فيه لولا الفزعة '' الظبيانية''.. ويعكر صفو الكثير من الاقتصادات المتقدمة منذ انطلاقة الأزمة المالية العالمية في النصف الثاني من عام 2008..بل بأن السعودية اتخذت كل السبل الممكنة لتحاشي هذا النوع من العجز عند معالجتها لأزمة المجموعتين السعوديتين.. لأنها كانت تعلم مدى تأثير ذلك حتى في الاقتصادات الناجحة.
نعم.. لقد كشفت أزمة القرن الجديد عن جانب مهم يدير مسار الاقتصادات الدولية لا علاقة له بحجم الديون أو كمية السيولة التي يمتلكها أي اقتصاد..وهو فقدان ثقة المستثمرين في الداخل والخارج بسبب أزمة ما، إذ إن الخسائر المترتبة عن هذا العجز تفوق بعشرات الأمثال أي خسارة متوقعة نتيجة لحدوث عجز في الميزان التجاري أو تراكم الديون فجأة..لأن معالجة مثل هذا الخلل ممكن عبر رصد العشرات من الحلول الآنية والمستقبلية التي منها خفض الإنفاق أو الاستدانة أو حتى التكيف مع العجز .
ولكن العجز في المصداقية مشكلة أكبر.. حلها يبدو خارج السيطرة.. ونتائجها لن تقل عن هروب الرساميل، تراجع الاستثمارات المحلية والأجنبية، تذبذب الأسواق، مضاعفة الديون، تدهور الثقة بالحكومة، وجمود الائتمان.. ومساوئ أخرى كثيرة لا داعي لذكرها.
الفكرة التي أرغب في توضيحها أن المملكة وعدد قليل من اقتصادات العالم تتمتع اليوم بما يمكن تسميته ''فائض في المصداقية''.. ويلاحظ ذلك في ارتفاع ثقة المستثمرين المحلين بالاقتصاد السعودي والمتمثل في حجم الإنفاق والتوسع على المشاريع الخاصة في كل مدن المملكة واستمرار الأفراد والمؤسسات في البناء والتطوير..إذ لم ترصد السوق المحلية أي هدوء في هذا النشاط..وفائض في ثقة المستثمر الأجنبي أكده التصنيف الجديد للاقتصاد السعودي والحركة النشطة للشركات والمستثمرين الأجانب في اقتحام السوق السعودية، ليس آخرها تصريح عمدة الحي المالي اللندني قبل أيام الذي أكد من خلاله أن البنوك البريطانية تدرس السوق السعودية هذه الأيام باهتمام أكبر من ذي قبل، إلى جانب سهولة الحصول على ائتلافات أجنبية تنشط محليا في مشاريع ضخمة كمصافي التكرير أو مشاريع سكك الحديد أو بناء المدن الاقتصادية.
ولكن وهنا تحديدا ..أعتقد أننا لم ننجح حتى الآن في توظيف هذا الفائض بالصورة الصحيحة والتي تتلاءم وحجمه، إذ إن هذا النوع من الفائض يمكن أن يقفز بطبيعة التواجد الأجنبي في السوق السعودية الذي لايزال هامشيا بشكله وإن لم يكن بحجمه.. يكفي أن نقول إنه حتى هذه اللحظة لم نسمع عن تهافت كبير من السعوديين الباحثين عن عمل على الشركات الأجنبية وهذه الفائدة وحدها مطمع العشرات من دول العالم التي تعاني البطالة. في المحصلة أعتقد أنه علينا البدء في مضاعفة العمل واستغلال الفرصة التاريخية التي مكنتنا من تحقيق هذا الفائض وتوظيفه في خدمة الاقتصاد المحلي، لأنه وفق المعطيات الراهنة أعتقد أننا لا نزال نخزن هذا الفائض بين تقارير المؤسسات الدولية والصحف المحلية..بمعنى أننا لم نوظفه جيدا في استقطاب المزيد من السيولة الأجنبية ''الفاعلة''.. كما أننا لم نوظفه جيدا في أهم المؤتمرات والمنتديات العالمية كدليل على نجاعة الاقتصاد السعودي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي