الرئاسة العامة للإفتاء بيدها المبادرة لقطع الطريق على كل متطفل على الفتوى
أكد الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله المخضوب الأستاذ المساعد في قسم الفقه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض أن المعاملات المصرفية الشرعية أثبتت نجاحها وبقوة؛ لذلك وجدت مصارف عالمية تطبق المصرفية الإسلامية، وأضاف أن هناك أرباحا مغرية للمتعاملين بالمصرفية الإسلامية كفلها هذا الدين, وأوضح أن الحديث عن الرخص من الأهمية بمكان؛ لأنه يظهر بوضوح جانباً من جوانب التشريع الإسلامي ألا وهو اليسر والسماحة ورفع الحرج ومراعاة أحوال المكلفين في زمن وصف فيه الإسلام بأنه دين التشدد والتزمت والتضييق ودين الإرهاب والقتل وهو دين البشرية الذي يناسب كل زمان ومكان، وطالب بوجود هيئات ولجان شرعية متخصصة تكون مرجعاً للإفتاء في المسائل المالية التي تعم بها البلوى, ولا سيما نحن نعيش في زمن كثر فيه المفتون والمتعالمون مما أضعف ثقة العامة بما يصدر عنهم من فتاوى وأحكام، وتطرق في حديثه إلى صفحة "إسلاميات معاصرة" إلى أمور أخرى. وفيما يلي نص الحوار:
برزتم أخيرا ككاتب يومي يوجه وينصح من خلال كتابات يومية, ما مدى صدى هذه الكتابات في الوسط الذي يحيط بك؟
أحمد الله كان لها أثر طيب سواء في الوسط المحيط بي أو حتى عبر البريد الإلكتروني, وأسأل الله بمنه وكرمه أن يجعل عملي خالصاً لوجهه محققاً لرضاه.
ركزتم في مقالات سابقة على الحديث عن الرخص في العبادات, ما دافعكم في ذلك؟
أرى أن الحديث عن الرخص من الأهمية بمكان؛ لأنه يظهر بوضوح جانباً من جوانب التشريع الإسلامي ألا وهو اليسر والسماحة ورفع الحرج ومراعاة أحوال المكلفين في زمن وصف فيه الإسلام بأنه دين التشدد والتزمت والتضييق ودين الإرهاب والقتل, وهو دين البشرية الذي يناسب كل زمان ومكان، بهذا كان اهتمامي بهذا الجانب قديماً لذلك كان موضوع أطروحتي لرسالة الدكتوراة بعنوان "سقطات العبادة" وهي معنية بما ييسر العبادة ويخففها, ويسقطها عند تحقق سبب من أسباب إسقاطها، ولي كتاب موجود في السوق بعنوان "أعذار الصائمين".
هل وجدتم معارضة لهذه الأطروحات من قبل المتابعين لمقالاتكم؟
نعم, وحدث شيء يسير من بعض من يرى ترك الحديث عن جانب العبادات والحديث عن قضايا الساعة, وهذا قصور في الفهم, إذ العبادة يعيشها المسلم في حياته كلها فهو في أمس الحاجة إلى معرفة أحكامها وما يتعلق بها من تيسير حتى لا ينقطع عن أدائها.
بعض المتابعين للمقالات يقول إن حرصكم على الكتابة عن الرخص في الدين وتتبعها هو بسبب حرصكم على إبراز هذا الجانب دون غيره؟
ليس صحيحا, فأنا أحرص على هذا الجانب وغيره، ولكن في مجالات أخرى، ولكني أؤمن بالتخصص في الطرح حتى نستطيع أن نرتقي بمستوى التلقي.
يلاحظ اهتمامكم في الآونة الأخيرة بالكتابة في هموم الاقتصاد الإسلامي هل هناك أسباب معينة لهذا الاتجاه؟
الكاتب هو فرد من المجتمع الذي يعيشه يتألم بألمه ويفرح بفرحه، وما كنت أتصور أني سأكتب في مواضيع اقتصادية رغم أن لي اهتمامات كبيرة بالقضايا الاقتصادية والتأصيل للمعاملات المعاصرة؛ ولكن وجدت نفسي أكتب ولا أبالغ إن قلت لك باندفاع قوي, خصوصاً مع النكسات التي مرت على سوق الأسهم وكثرة الضحايا فيها، ولي مقالات كثيرة يعرفها المتابعون، ولقيت, ولله الحمد, صدىً قوياً في الساحتين العامة والخاصة.
كيف تجدون متعة الكتابة اليومية ما بين الصعوبة والسهولة فيها؟
الكتابة اليومية لها متعة متى وجد الوقت الكافي المركز، وأحياناً أجد نفسي محرجاً أمام المسؤولين عن الصحيفة إذا كنت في مكان بعيد لا أستطيع أن أرسل المقال، ومرة أمليت المقال عبر الهاتف الجوال وكنت في جولة برية في وقت الأمطار فصعدت جبلاً وأمليت المقال على المحرر وخرج بصورة جيدة وكان عنوانه: "لا أسهم نقية (2)" إلا أن الكتابة اليومية بحق فيها صعوبة وتحتاج إلى تنظيم وإعداد رصيد كاف تحسباً لأي ظرف طارئ.
ظهرت أخيرا في الغرب دعوات لتطبيق النظرة الإسلامية في الاقتصاد الإسلامي وبرزت بعض الشركات المتخصصة في هذا الجانب؟ كيف ترى هذا التوجه؟ وما سببه من وجهة نظرك؟
أثبتت المعاملات المصرفية الشرعية نجاحها وبقوة؛ لذلك وجدت مصارف عالمية تطبق المصرفية الإسلامية، بل إن البنك الدولي فتح تعاملاً مصرفياً شرعياً، ثم إن المسلمين يغلب عليهم جانب الالتزام في التعامل المالي, ويظهر هذا جلياً في النشاطات الشرعية وغير الشرعية, خصوصاً أن المصرفية الإسلامية أثبتت نجاحاً وأرباحاً مغرية, لذا كان الإقبال عليها منقطع النظير.
ظهور فتاوى متباينة من بعض المختصين في الاقتصاد الإسلامي وبعض الفقهاء سبب الحيرة لبعض الراغبين في دخول مجال الأسهم ما رأيكم في ذلك؟
فعلاً, ما ذكرته صحيح, ونحن الآن في حاجة ماسة إلى هيئات ولجان شرعية متخصصة تكون مرجعاً للإفتاء في المسائل المالية التي تعم بها البلوى, ولا سيما نحن نعيش في زمن كثر فيه المفتون والمتعالمون مما أضعف ثقة العامة بما يصدر عنهم من فتاوى وأحكام، وأوجه نداء للرئاسة العامة للإفتاء بأن تتولى هذا الجانب المهم حتى يغلقوا الباب أمام كل متطفل ودخيل على العلم وأهله صيانة وحماية للدين.
سوق الأسهم السعودية مرت بمراحل بين الصعود والهبوط, ما الأسس التي ينبغي أن تقوم عليها هذه السوق؟
الأسس التي تقوم عليها سوق الأسهم كثيرة جداً وأهمها أن يعكس السهم قيمته الحقيقية بحسب قوة الشركة؛ لأن المبالغة في قيمة السهم سيكون لها أثر عكسي يذهب ضحيته الكثير, وتضخيم سعر السهم له عدة أسباب ليس هذا مجال بسطها, كالمضاربة والشائعة وعدم الشفافية, وفي الآونة الأخيرة استفادت السوق مما مرت به من تصحيح ونكسات, خصوصاً وأن سوقنا لا تزال في مراحلها الأولى ولم تبلغ درجة من النضج الذي يجعلها استثماراً آمناً.
ما مدى مساهمة هيئة سوق المال في تذبذب أسعار الأسهم صعودا وهبوطا من وجهة نظركم؟
هيئة السوق عمرها الزمني قصير وحاولت أن تخطو خطوات سريعة لتسابق الزمن وبالفعل كان لها أثر إيجابي كبير ولا ينكر جهودها إلا مكابر فهي أسهمت في إنقاذ السوق من أخطار محدقة؛ ولكن من يعمل يخطئ وفعلاً وقع منها شيء لا أقول إنه خطأ بل اجتهاد غير موفق في بعض قرارات الهيئة من حيث التوقيت وظروف الإعلان وكذلك بعض منسوبي الهيئة ليسوا في مستوى الثقة والمسؤولية والأمانة فيلحظ تسريبا للمعلومات والقرارات, وينبغي أن نعترف بذلك ونحاسب المقصر والمتجاوز، وبإمكان مسؤولي الهيئة معرفتهم متى أحكموا الرقابة والمتابعة.
هل لكم أنشطة دعوية تحرصون على القيام بها؟
نعم لي عدة أنشطة من محاضرات وكلمات ودروس علمية ومشاركات إذاعية أسبوعية وفي التلفاز وغيرها، ولي عدة كتب في طريقها للنشر إن شاء الله.
إلى ما تعزو قيام الكثير من البنوك السعودية بتحويل معظم معاملاتهم إلى معاملات إسلامية بحتة؟
أعزو ذلك إلى الوعي بنجاح المصرفية الإسلامية وتفوقها على كثير من المصرفيات الأخرى والإقبال الباهر عليها من قبل أبناء هذا الوطن المسلم.
تدخل الدولة في الحيلولة دون مزيد من التدهور وإنشاء مصرف الإنماء؟
القرارات الحكيمة فيما تتعلق بتجزئة الأسهم وإعادة نسبة 10 في المائة وإنشاء مصرف الإنماء كان لها الأثر الكبير في أن يعكس المؤشر نزوله إلى الارتفاع وهي تعكس بحق شعور القيادة بأبناء شعبها وقوة ومتانة اقتصادنا والحب الكبير في الرفع من مستوى المواطن, فإن خصص 70 في المائة من مصرف الإنماء للمواطن مما سيكون له الأثر في الإسهام في تحسين مستوى المواطن, وأحثهم على المحافظة على أسهمهم ولا يكونوا فريسة سهلة لصائدي البطاقات، كما أدعو أن يكون المصرف إسلامياً في تعاملاته كلها ليحقق ما يهدف إليه ولاة أمرنا, وفقهم الله.
هل تؤيد دخول المساهمين بكل ما يملكون؟
للأسف اندفاع البعض وراء الطمع دفعهم لأن يزجوا بكل ما يملكون وربما تحملوا ديوناً أو باعوا بيوتهم ليدخلوا بها في سوق الأسهم وهذا فيه مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى الضياع والخسارة الفادحة، فسوق الأسهم كما أنها تضحك تبكي، بل قد يكون مرارة وجعها أشد من حلاوة فرحها، وظهر هذا جلياً في انتكاسة سوق الأسهم الماضية.
كلمة أخيرة؟
أدعو المضاربين أن يرحموا إخوانهم المتعاملين بالأسهم, وكما أدعو الشركات إلى تحويل جميع استثماراتها وتحويلها إلى استثمارات شرعية حتى لا يسهموا الآن بأكل الناس حراماً.. كما أدعو إخواني إلى عدم الانسياق وراء الشائعات والمطامع والشركات التي لا تعكس قيمة أسهمها حقيقتها العقلية، وأن يضعوا دائماً طريقاً للرجعة ولا يزجوا بكل ما في أيديهم في مجال الأسهم.