مطالب بضبط أجهزة الصدى في المساجد حتى لا تخل بالقراءة
طالب عدد من الدعاة بضرورة ضبط أجهزة الصوت (الصدى) إذا كانت تحدث تأثيرا وتشويشا على قراءة الإمام وصلاته في المسجد، وقالوا إن ذلك مدعاة لعدم فهم الآيات التي تتلى وما يقوله الإمام في صلاته، وأما إذا كانت لتحصين الصوت دونما تأثير في الصلاة وقراءة الإمام فإنه لا مانع في ذلك، وحذروا من رفع صوت الصدى مما قد يكون له تأثير أثناء الصلاة في المساجد المجاورة, وتطرقوا لأمور أخرى مهمة متعلقة بالصلاة .
تردد الصوت
#2#
أكد الشيخ الدكتور يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أهمية تحسين الصوت بالقراءة لندب الشارع الحكيم ذلك, يقول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن، يجهر به» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - والأحاديث في هذا كثيرة.
وأضاف أنه من هذا المنطلق فإن جهاز الصدى (تردد الصوت)، إذا ضبط على وضع يحسِّن الصوت دون تردد زائد يؤثر في الفهم أو يشوش على السامع، فإنه لا بأس به، ويمكن أن يستدل لهذا بحديث الترجيع الوارد في صحيح البخاري، عن معاوية بن قرة عن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- قال: «قرأ النبي – صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة سورة الفتح، فرجع فيها، قال معاوية ـ يعني: ابن قرة- لو شئت أن أحكي لكم قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم- لفعلت» قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري الترجيع: هو تقارب ضروب الحركات في القراءة، وأصله الترديد، وترجيع الصوت ترديد في الحلق، وقد فسره بقوله: أبهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة، ثم همزة أخرى، ثم قالوا: يحتمل أمرين: أحدهما: أن ذلك حدث من هز الناقة، والآخر: أنه أشبع المد في موضعه، الذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل..» أ.هـ.
ومضى يقول إنه في هذا الحديث المشار إليه وما قاله الحافظ ابن حجر يمكن أن يستأنس به في هذا الباب، وقد علق أبو بكر بن العربي على حديث عبد الله بن مغفل بقوله في أحكام القرآن (4/4): واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع، وكرهه مالك، وهو جائز لقول أبي موسى - رضي الله عنه - للنبي عليه الصلاة والسلام «لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً» رواه البيهقي في السنن الكبرى، وأصله في الصحيحين البخاري ومسلم يريد: لجعلته لك أنواعاً حساناً وهو التلحين.. وقد سمعت تاج القراء ابن لفته في جامع عمرو يقرأ «ومن الليل فتهجد به نافلة لك»(الإسراء: 79) فكأني ما سمعت الآية قط، وسمعت ابن الرفاء وكان من القراء العظام يقرأ، وأنا حاضر بالقرافة (كهيعص) فكأني ما سمعتها قط.. والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن، وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر، وأقرب إلى لين القلوب، وذهاب القسوة منها...» أ.هـ.
وأبان أن جهاز الصدى إذا كان على وضع زائد في التردد بحيث يشوش على المصلي، ويفوت عليه الخشوع، وربما ظن السامع زيادة بعض الحروف في الكلمة الواحدة، فهو حينئذ مناقض لمقصود الشارع من تحسين الصوت، فأقل أحواله الكراهة، بل ذهب بعض المعاصرين إلى تحريم استعماله حينئذ، ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - كما في مجموع الفتاوى والرسائل له ، وهو قول قوي. والله تعالى أعلم.
ينقسم إلى قسمين
من جانبه, يقول الدكتور خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم بالنسبة لهذا الصدى ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يترتب على هذا الصدى ترديد وتكرار للحرف, فهذا يعد محرما ولا يجوز لما في ذلك من عدم احترام لكتاب الله - عز وجل - وتعظيمه حق التعظيم وأيضاً فيه شيء من الابتذال بهذا العمل.
والأصل في القرآن هو التدبر والتذكر لأن الله قال: ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأْلبَابِ )) (ص الآية:29). ومراعاة مثل هذه الأمور تصرف هذه المصلحة الكبيرة بحيث يكون المراد من القراءة أو من الأذان ونحو ذلك من بقية الأذكار الشرعية هو مجرد الظاهر دون الباطن وهذا خلاف ما أراده الشارع.
القسم الآخر: ألا يترتب عليه ترديد للحرف وتكرار له وهذا لا بأس به وجائز، والأولى أن تكون عناية المصلي وكذلك أيضاً الإمام هي ما يتعلق بالتدبر والتذكر وعدم التعلق بالظاهر دون الباطن.
#3#
وذهب الشيخ خالد الهميش إمام جامع الفياض في الرياض والمشرف على موقع زواج إلى ضرورة حرص أئمة المساجد على ألا تكون أجهزة الصدى ذات تأثير في إخفاء حروف القرآن أثناء الصلاة وقال: إن هدف معظمهم هو تحسين الصوت لكن مع هذا أهيب بإخواني أئمة المساجد أن يعملوا على عدم ارتكاب أي محذور شرعي في هذا الشأن خصوصا ما يتعلق بعدم ظهور الصوت بشكل جيد وعدم ظهور بعض الأحرف أثناء الصلاة, ما يؤدي ربما إلى بطلان الصلاة خاصة إذا كانت تظهر في قراءة الفاتحة كما ذكر أهل العلم ومنهم الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز وسماحة الشيخ عبد الله بن جبرين -رحمهما الله تعالى- ونسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى.