رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


القطاع الخاص والمنافسة في توظيف السعوديين (2 من 2)

المتفائلون دائما يتساءلون: من غير الطالب السعودي الواعد يمكن أن يحقق للشركات السعودية أمل المستقبل؟. في الولايات المتحدة وضعت ونشرت بعض الجامعات خططها لعشر سنوات مقبلة أو يزيد (مثلما تم في جامعة ميريلاند)، لإيجاد شراكات مع شركات ضخمة تدعم توجهها البحثي شريطة الاهتمام بالموارد البشرية الوطنية. هدفها أن تؤسس بها شركات جديدة أخرى متخصصة في فروع علمية تقنية حديثة تقودها أيد شابة كانت تراقب مسار الاستثمار في هذه المجالات فتتمكن بعد ذلك من الريادة فيه. نحن هنا يمكن أن نسخر كل طاقاتنا في التركيز على أكثر المواضيع بحثا في هذه الأيام على المستوى الدولي مثل التغيرات المناخية، والبحث في مصادر الطاقة واستخداماتها، وحماية البيئة، حيث وضح أن هذه المجالات جمعت العلوم الأساسية والفرعية فتداخلت قوانينها لطرح الحلول الكفيلة بإنقاذ العالم من مشكلات التغيرات الطبيعية وغير الطبيعية. وما تطوير التقنية الحيوية ونقل الفكر الصناعي بين مختلف الأقطار في العالم، ومراجعة سياسات وإجراءات إدارة الموارد بأنواعها كافة إلا نتاج حراك فكري وعملي في كل مجال.
أعتقد أن أمام القطاع الخاص فرصا عديدة كبيرة لزيادة حجم استثماره في التعليم العالي ومخرجاته في المملكة وذلك بـ: (1) افتتاح مزيد من الكليات المتخصصة أو الجامعات على مستوى المملكة. (2) الاشتراك في إعداد بعض الخطط والمناهج الدراسية في كثير من العلوم لتخفيف وطأة مشكلة المواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات التنمية المستدامة، وذلك بإدخال أبعاد جديدة في النظريات والتطبيقات المختلفة بين أقطار العالم في هذا الفرع من العلم أو ذاك. قد يتحفظ الكثير من الأكاديميين على هذه الفقرة، ولكن لا بد أن يعاد النظر ونحن نخطط للمستقبل في اعتبار توجهات مثل: Career Oriented curricula, Cross-Cultural Oriented curricula, International Relations, Joint Degrees, Globalized Content. ... إلخ. (3) التنقيب عن المتميزين من المبتعثين في الخارج وتوظيفهم في الفروع الخارجية الدولية للشركات الكبيرة. (4) التنقيب عن العقول والأيدي السعودية داخليا في المدارس والمحافل العلمية والأنشطة الرياضية أو الثقافية لتعزيز المعارف والمفاهيم والمهارات. (5) المساهمة في صندوق تنمية الموارد البشرية ودعم «حاضنة بادر» وأمثالها بأسلوب جديد، كاحتضان الموارد الوطنية الواعدة وتسويقها، وجعل يوم المهنة يوما مختلفا في أهدافه وأسلوبه. (6) دعم الأبحاث في علم المناخ وعلوم الطاقة والصناعات المختلفة عن طريق التعاون مع المراكز والجامعات والمؤسسات المتخصصة داخليا أو خارجيا. كما يمكن إشراك الطلاب السعوديين في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في مثل هذه الأبحاث أو المشاريع فيتخرجوا متمكنين فكريا ومهاريا وإدارياً أيضا.
يمكن القول إن الطالب والأستاذ والجامعة والمؤسسة الوطنية الخدمية، وبالتالي المجتمع بأكمله سيجني الكثير من اقتران تفاعل القطاعين العام والخاص. فالطلاب سيحاولون إعادة تنظيم وإعداد وإقامة المؤتمرات الخاصة بهم. لتكون المحاور فيما يريدون محاكاته ويعود عليهم بالخير في عصرهم. كما سيستمرون في تواصلهم مع العالم بطروحات تشد انتباه شباب الأمم المختلفة من غير العارفين بتاريخنا. هذه الشريحة ستحاول الترقي في التعليم والتنظيم والتصنيع وإدارة الأعمال لتجذب لها اهتمام المجتمعات الأخرى بقدراتها. كما ستكون كـ «مجتمع الأعمال مستقبلاً» معتمدة على المقاييس والمؤشرات وتهتم بالمعايير لتأصيل الجودة والنجاح فيها. الأساتذة أنفسهم سيتلمسون احتياجات الطلاب ومعرفة حدود معارفهم الثقافية والعملية والاجتماعية؛ حيث يساعد ذلك في وضع المناهج الموائمة لمتطلبات التنمية الوطنية لتأمين إطلالة جديدة على أسواق العالم لمجاراة مستجدات متطلبات العولمة في عالمنا المتحرك والمتطور بسرعة هائلة.
الآن.. بما أننا نتوقع خلال خمس أو ست سنوات وصول أكثر من 50 ألف مبتعث إلى أرض الوطن، ومغادرة أمثالهم للهدف نفسه في تخصصات مختلفة وحديثة، للعودة بعد ذلك في غضون المدة نفسها تقريبا. كما نتوقع أن يتخرج قرابة الـ 500 ألف طالب في الثانوية العامة (خلال بضع سنين) متجهين لعدة مسارات بين الدراسة والتأهيل للعمل. فإن نهاية الخطة الخمسية التاسعة وخلال الخطة الخمسية العاشرة، ستشهد المملكة ـ بإذن الله ـ زخما علميا وعمليا يحركه تواجد عددي بشري، قد يضاهي (نسبياً) ما صرح به الرئيس السابق للمملكة المتحدة (توني بلير) في عام 1999م. لقد أعلن أن التعليم العالي في جميع الفروع العلمية سيكون مجالا غير مسبوق عالميا، في القبول واستحداث التخصصات، واستقطاب الطلاب من دول العالم المختلفة. لقد وضع خطته متوقعا زيادة نسبة القبول في الجامعات البريطانية إلى 100 في المائة في عام 2005م، وهاهم الآن يقيمون وضعهم على المستوى الدولي ويستقطبون طلاب الأمم كافة في تحرك لم يشهدوه من قبل.
ما سبق سيلقي بظلاله على أكتاف القطاع الخاص في المملكة ليحمله مسؤولية المشاركة في النماء والتطوير بالاستفادة من الموارد البشرية السعودية بأسلوب منظم من الآن. كما ستكون مطالب الكثير برفع مستوى الأداء في المرافق الخدمية المختلفة، وتطوير كثير من الهياكل الإدارية في المؤسسات المدنية. لذلك نأمل أن يتغير مبدأ الاتكال على الوظيفة الحكومية لعدم الشعور بالأمان الوظيفي في غيرها، والاهتمام بما سيقدمه القطاع الخاص لأبنائهم أبناء الوطن. لقد أصبح ابن التاجر وابن صاحب المصنع وابنة صاحبة المشغل وابنة صاحب المستشفى على مقاعد الدراسة، في أفضل وأعرق الدول في العالم وفي المملكة. وسيتخرجون عما قريب ليساندوا أهاليهم ومجتمعهم بما اكتسبوه من علم وخبرة خارجيا وداخليا. فهل سيكونون مع ممثلي الغرف التجارية في الموعد والمكان؟. أتمنى أن يوجد القطاع الخاص في أيام هذا المؤتمر الطلابي كمستثمرين أو من يمثلهم من «السعوديين»، لأهمية ذلك للطالب وهو ينظر لمستقبله من خلالهم. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي