جهود أوروبية إضافية لإنقاذ اليونان وحماية «اليورو»
يسعى كبار المسؤولين عن قطاع النقد الأوروبي مجددا إلى تحديد استراتيجية مشتركة لمساعدة اليونان على تجاوز الأزمة المالية غير المسبوقة التي تواجهها التي تهدّد بالتفشي في مجمل منطقة الوحدة النقدية والاقتصادية الأوروبية 16 دولة. حيث يعقد وزراء الخزانة والمال لدول منطقة اليورو اجتماعا في العاصمة البلجيكية بروكسل برئاسة رئيس وزراء لكسمبورغ جان كلود جونكر الرئيس الحالي لمنطقة اليورو، ويسبق هذا الاجتماع لقاء آخر على مستوى وزراء الخزانة والمال لدول التكتل السبع والعشرين مقرراليوم.
وتخيم شكوك كبيرة بشأن مصداقية الاستراتيجية الجماعية المتبعة حتى الآن على الصعيد الأوروبي في التعامل مع الأزمة اليونانية. وأخفق زعماء الاتحاد الأوروبي خلال القمة الاستثنائية التي جرت أعمالها الخميس الماضي في بروكسل في تقديم أية التزامات مالية محددة لليونان واكتفوا بالتلويح بدعم أثينا عند الضرورة.
ويقول الدبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي سيواصل مجرد ممارسة أكبر قدر من الضغوط على الحكومة اليونانية حتى تلتزم ببرنامج إصلاحات جسور ومحدد وتتخذ تعهدات أمام الاتحاد الأوروبي بأنها ستضع حدا للتسيب الذي أصاب مدفوعاتها العامة والخلل التي تمر بها الموازنة الحكومية. ومن المقرر أن يبحث وزراء الخزانة في منطقة اليورو حزمة من المقترحات المحددة التي اعتمدها المفوضية لفرضها على الحكومة اليونانية قبل التفكير في ضخ أية أموال محددة للخزانة اليونانية.
وتمنع القوانين المعمول بها في منطقة اليورو تقديم دعم مالي مباشر لأي من الدول الأعضاء ولكن رئيس الحكومة في لكسمبورغ جان كلود جونكر أوضح قبل لقاءات وزراء الخزانة الأوروبيين أن اليونان قد تحصل على دعم ثنائي تحت بند التضامن معها في حالة إبداء الحكومة اليونانية تجاوبا تاما مع مطالب الاتحاد الأوروبي.وقال جونكر إن الاتحاد الأوروبي يمتلك عدة آليات تمكنه من دعم اليونان لكنه لم يحدد أيا منها. وهناك اعتقاد بأن الاتحاد الأوروبي سيدعو حكومة رئيس الوزراء جورج باباندريو باعتماد خطة تقشف صارمة. ويقول خبراء الشؤون النقدية الأوروبية إن المصرف المركزي الأوروبي الذي يراقب سياسة اليورو قد يلعب دورا مهما في إدارة الخطة المقبلة لحكومة اليونانية .
وحددت المفوضية الأوروبية من جهتها أجندة ملزمة وصارمة لأثنيا بربط تحركها بأجندة زمنية تتم مراجعتها بشكل دوري خلال الفترة المقبلة. وتمارس أسواق المال أكبر حجم من الضغوط على المسؤولين الأوروبيين لاختبار قدرتهم الفعلية على الرد على الأزمة اليونانية أولا وتجنب تفشيها في كل من البرتغال وإسبانيا ثانيا. وأعلن جان كولد تريشي رئيس المصرف المركزي الأوروبي أن المصرف سيتبع صرامة تامة في التعامل مع اليونان.ويقول الدبلوماسيون إن الوزراء الأوروبيين سيبحثون بشكل غير معلن كيفية تجاوز العقبات القانونية التي تحول دون تقديم دعم مباشر لليونان وإن التفكير سينصب على احتمالات تقديم دعم ثنائي من دولة إلى دولة إلى جانب سبل تنفيذ توصيات المفوضية الأوروبية.
وتعتبر ألمانيا حاليا الجهة التي تتركز عليها جميع أنظار المضاربين بسبب الخلافات العلنية داخل الائتلاف الحاكم في برلين بشان دعم اليونان وكذلك بسبب تورط المصارف الألمانية في الديون اليونانية وديون كل من البرتغال وإسبانيا.ولا يمتلك الاتحاد الأوروبي هامش تحرك كبير حاليا خاصة أن القادة الأوروبيين مكنوا الخميس الماضي وللمرة الأولى صندوق النقد الدولي من مراقبة شؤون اليونان النقدية وفي خطوة أولى اعتبرتها أسواق المال بمثابة السماح لمؤسسة خارجية بإدارة شؤون اليورو.ولكن الاختبار الفعلي الذي يواجهه وزراء الخزانة والمال الأوروبيين خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة سيتمثل في قدرتهم من عدمها على إعطاء تفاصيل محددة لأية خطة لإنقاذ اليونان وتجاوز تقديم مجرد التضامن السياسي معها وهو ما تمسك به زعماء الاتحاد الأوروبي الخميس الماضي ولم ينل رضا أسواق المال. وعلى المدى المتوسط والبعيد ستضطر الفعاليات النقدية والسياسية الأوروبية إلى تغيير قواعد وضوابط التعامل مع اليورو بسبب الفوارق الكبيرة المسجلة على السياسات الضريبية لكل دولة ومتاعب موازنات الدول الأعضاء.