خبير في المحاسبة: تعزيز الجانب الأخلاقي «صمام أمان» لحماية الشركة من التلاعب والفساد
عد خبير سعودي متخصص في مجال المحاسبة والمراجعة أن إيجاد لجان مراجعة للرقابة على الشركات العائلية والمساهمة أحد أهم الإجراءات التي يمكن اتخاذها للإسهام في تحقيق حوكمه الشركات الفعالة، مع الأخذ في الأولوية الجوانب الأخلاقية والدينية.
وأكد الدكتور إحسان بن صالح المعتاز أستاذ المحاسبة المشارك في جامعة أم القرى في مكة المكرمة، أن أفضل ممارسة لمفهوم حوكمة الشركات ينصب على دور لجنة المراجعة لكونها النقطة المركزية (محور الارتكاز) في تطوير التقارير المالية، لكنه رهن نجاح عمل لجان المراجعة في الشركات بالالتزام بالجوانب الأخلاقية والدينية، مشددا على أن أي محاولة لوضع نظام رقابي لحماية الشركات من التعثر والفساد دون النظر للجوانب الأخلاقية وتعزيز القيم الدينية لن يكون مصيره النجاح.
وأكد ضرورة تعزيز الجانب الأخلاقي والديني في الشركات والمؤسسات، والسعي لربط تصرفات جميع منسوبيها بهذا الأمر المهم باعتباره صمام الأمان والعنصر الأبرز لحماية الشركة من أي تهديد محتمل، وقال: «بغير الجانب الأخلاقي فلن تستطيع أي قوانين أو أنظمة مهما كانت قوتها أن تزرع الاطمئنان من عدم حدوث مشاكل التلاعب والفساد».
واستشهد بحادثة انهيار شركة إنرون المشهورة، حيث توافرت فيها جميع وسائل الرقابة التي وصفها بـ «الظاهرية» دون وجود العامل الأخلاقي الأبرز، مما عجل بانهيار هذه الشركة التي تعتبر إحدى أكبر الشركات في التاريخ الحديث.
وأوضح أن إيجاد لجان المراجعة في الشركات أحد المظاهر الرئيسة لحوكمة الشركات، وقد ظهرت أهميتها وازدادت كثيراً في السنوات الأخيرة نتيجة عدد من العوامل، لعل من أهمها: كثرة حالات الفشل، الاختلاس، والتلاعب في نتائج الأعمال المالية للشركات.
وقال الدكتور المعتاز أمام تجمع سعودي - سويدي ناقش أمس الأول وضع حوكمة الشركات في السعودية: «إن لجنة المراجعة تقوم بدور متابعة الإدارة والمراجع الخارجي، وكذلك المراجع الداخلي لحماية مصالح المساهمين، إذ يوصف دور لجان المراجعة في حوكمة الشركات بكونه أهم التطورات التي ساهمت في حوكمة الشركات في القرن العشرين.
وأضاف: «إن وجود لجنة للمراجعة تساهم في مد خط اتصال بين مجلس الإدارة والمراجع الخارجي، وكذلك بين لجنة المراجعة ومجلس الإدارة، وتساهم في التخفيف من مشكلة المعلومات غير المتماثلة هو ما ينظر له على أنه من أهم مؤشرات الرقابة الفعالة، وعلى ذلك فإن لجنة المراجعة الفعالة يمكنها زيادة نزاهة وفعالية عملية المراجعة ونظام الرقابة الداخلية والتقارير المالية».
ويرى أستاذ المحاسبة المشارك في جامعة أم القرى في مكة المكرمة أن تكوين لجنة للمراجعة بحد ذاته لا يعطي دليلاً على مستوى الرقابة الذي تقوم به في الواقع العملي، بل لا بد من وجود عدة مقومات لذلك.
وذكر أنه لا بد من أن يدخل ضمن إطار لجنة المراجعة أربعة عناصر رئيسية فالعنصر الأول هو الاختيار السليم عند ترشيح عضو اللجنة، إذ لا بد أن تكون هناك آلية واضحة للترشيح تتضمن المواصفات المطلوبة، والجهة التي من حقها الترشيح، حيث يتقدم الأشخاص المؤهلون إلى الهيئة السعودية للمحاسبين أو هيئة السوق المالية بمؤهلاتهم، وتقوم إحدى هاتين الجهتين بترشيح العضو إلى الجمعية العمومية للشركة التي تتولى التعيين. وأما العنصر الثاني فهو وجود لائحة بمثابة القانون الشامل وخريطة الطريق التي تعمل في ضوئها اللجنة، بحيث تبين وتوضح كيفية عمل اللجنة، من حيث المؤهلات والخبرات المطلوبة، وكيفية قيام اللجنة بعملها، عدد الاجتماعات ومواعيدها ومكافآتهم، البنود التي تناقشها في كل اجتماع، صلاحيات اللجنة، كيفية اتصالها مع الإدارة، مجلس الإدارة، المراجع الداخلي والخارجي، وكل من تتم الحاجة لاستدعائه والنقاش معه، إضافة إلى التدريب الذي تحتاج إليه اللجنة بين آونة وأخرى.
وبناءً على اللائحة المكتوبة تتبين إنجازات لجنة المراجعة أو قصورها في نهاية الفترة بمقارنة النتائج الفعلية بما هو منصوص عليه في اللائحة، بل إنه يمكن لكل عضو أن يقوم بالتقويم الذاتي لنفسه وأدائه بالطريقة نفسها.
ويتمثل العنصر الثالث في اجتهاد لجنة المراجعة، إذ تقتضي عضوية اللجنة ضرورة قيامها بعديد من المهام وبذل الجهد لتحويل الأفكار إلى واقع ملموس. ويظهر الاجتهاد في التحضير المسبق للاجتماعات، ودعوة جميع من يمكنه مساعدة اللجنة في عملها بما في ذلك المراجع الداخلي والخارجي، والوقت الذي يتم تكريسه للاجتماع وتحقيق أهدافه، ومتابعة توصيات اللجنة عبر اجتماعاتها السابقة، والحرص على قراءة وفهم وتحليل القوائم المالية لاكتشاف مواطن الخلل ومناقشة الإدارة بشأنه، والرفع بشكل دوري إلى مجلس الإدارة وإبلاغه بجميع مقترحات اللجنة وملحوظاتها. ويركز العنصر الرابع على الصلاحيات والبيئة المساعدة داخل الشركة ويقصد بها تقبل جميع من بداخل الشركة خصوصاً (القيادية) فكرة لجنة المراجعة واقتناعهم بجدواها، ومساعدتهم للجنة في إنجاح مهمتها. وهو ما يستلزم قبل البدء في عمل اللجنة شرح أهميتها، وأنها ما وجدت إلا لمصلحة الشركة وملاكها وجميع الأطراف الأخرى داخل الشركة وخارجها.