علم التعاطف وكيفية التواصل مع الآخرين
ما الذي يفسر القدرة الملحوظة لبعض الناس على قراءة ما بداخل عقل الآخرين - أو لمعرفة في ماذا يفكرون وبماذا يشعرون. قراءة العقل هو جوهر ما يعنيه أن تكون إنسانا فهو يتعلق بإقامة الجسور بين الذات والآخرين ويعد عاملا أساسيا في تنمية الثقافة والمجتمع. ولكن حتى عهد قريب لم يكن العلماء يعرفون ما الذي يجعل هذا الأمر ممكنا.
يشرح طبيب الأعصاب ماركو إياكوبوني في هذا الكتاب أحدث الأبحاث الرائدة في مجال الخلايا العصبية المرآة والخلايا الذكية في الدماغ والتي تسمح لنا بفهم الآخرين.
من التقليد إلى الأخلاق، من التعلم إلى الإدمان، من الانتماءات السياسية إلى اختيارات المستهلك؛ يبدو أن الخلايا العصبية المرآة لديها من الخصائص ما يتعلق بجميع جوانب الإدراك الاجتماعي. هذا الاكتشاف سيتردد صداه في عديد من التخصصات العلمية، مغيرا فهمنا للثقافة والتعاطف والفلسفة واللغة والتقليد والعلاج النفسي.
درس مؤلف الكتاب ماركو إياكوبوني نظاما في الدماغ «نظام الخلايا العصبية المشابهة للمرآة»، والذي ينشط عندما يقوم المرء بأفعال معينة أو التفكير فيها أو رؤية الآخرين يقومون بها. وما توصلت إليه هذه الدراسة هو أننا نرى الآخرين كما لو كانوا صورتنا المنعكسة في المرآة.
وبسبب ردود الفعل الفطرية هذه للخلايا العصبية المرآة، فإننا مفطورون على التعاطف مع الآخرين وعلى الخير. كما يقول مؤلف الكتاب: «معظم الناس مثلك. عموما، كل الناس متشابهون. فإذا ما رأيت أحدا يبتسم فسأبتسم تلقائيا وإذا رأيت أحدهم يبكي فأنا أعرف تماما ما سأفعله لأن الخلايا العصبية المرآة في عقلي ستجعلني أشعر كما لو أنني بالفعل أبتسم أو أبكي».
إن التواصل المباشر بين الناس على المستوى الشعوري هو الذي يجعل الخلايا العصبية المرآة مثيرة للاهتمام. حيث إن هذا البحث يشير إلى قدرة المرء على الفهم الفوري لموقف ما أو لمشاعر شخص ما لأن الخلايا العصبية المرآة تتظاهر بأنني أمر بذات التجربة التي يمر بها الآخر. بينما وجهة النظر الإنسانية التقليدية تقول بأننا جميعا فرديين وأننا نهتم فقط بأنفسنا وبالحفاظ على ذواتنا.
أجرى مؤلف الكتاب تجربة مثيرة للاهتمام عندما قام هو وزملاؤه بعرض صور للمرشحين الجمهوريين والديموقراطيين في انتخابات عام 2004 على مجموعة من الناس ينتمي كل منهم لأحد هذين الحزبين، فكانت النتيجة أنه كلما رأي الشخص المرشح الذي ينتمي إلى ذات الحزب أثيرت لديه الخلايا العصبية المرآة بما يدل على التعاطف معه.