رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تعليمنا .. للخلف دُر

تثير قضية خريجي دبلوم اللغة الإنجليزية المرفوعة أمام ديوان المظالم, والمحدد للنظر في أمرها هذا الشهر أكثر من علامة استفهام تتعلق بالقوى البشرية التربوية التي تفتقر إليها وزارة التربية والتعليم.
فإذا كان هؤلاء الخريجون الـ 800 خريج وخريجة وقبلهم 110 خريجين من أصل 1500 خريج قد لبوا نداء إعلان جامعة الإمام بالتعاون مع أكاديمية الفيصل العالمية, والتحقوا بها لنيل شهادة الدبلوم لعامين ونصف العام على أساس توظيفهم معلمين للغة الإنجليزية في مدارس وزارة التربية والتعليم, ولم يتم توظيفهم, فإن هذا الوضع يتعدى مسألة التوظيف من عدمه إلى كشف حالة التخبط التي تميز أداء وزارة التربية والتعليم في تخطيطها مناهج الدراسة وإعداد الكوادر.

أقول هذا وفي البال الأزمة الطاحنة التي عاشتها هذه الوزارة وعاشها معها أبناؤنا ولا يزالون بسبب غياب المنظورين البعيد أو حتى القصير المدى سواء في تضمين مقررات مراحل الدراسة البائد البالي من العلوم والمعارف التي لا تحفل بها مقررات مدارس العالم, لأن العلم تجاوزها وتم إدخالها ضمن تاريخ العلوم أو كذلك تضمينها التناقض الفج بين مقرر يقول بتحريم الصور مثلا بينما تشكل مادة الرسم إحدى المقررات, علاوة على ما تمتلئ به صفحات الكتب من الهجاء إلى المطالعة إلى سائر الكتب من صور البشر والحيوانات وغيرهما. علاوة على استمرار بقاء بعض النصوص المتشددة والمغالية في ظل ما نعانيه من تهم وافتراءات ضدنا عن مناهج تحوي البغضاء والكراهية للآخرين.
فإذا نحن تجاوزنا هذه الغيبوبة الدهرية التي غصت بها مقرراتنا في تخلفها وتكدس الغث فيها واجترارها أجيالا من الأجداد إلى الأحفاد وكأن العصر محنط لا حراك فيه, واجهتنا هوجة التخليط لا التخطيط, رغم العزف المستمر من قبل المسؤولين التربويين على السياسة التعليمية وأهدافها المحددة في كل مناسبة.
وكمثال فاقع اللون والصوت والصورة دونكم هؤلاء الشباب من فلذات كبد الوطن, يتم تعليمهم وشفط نقودهم على أمل أن يتم توظيفهم ثم يتركون يتسولون على الأبواب فرص العمل, ويجبرون على الركض في أروقة القضاء وديوان المظالم.
يحدث هذا, في وقت شهدنا فيه كيف عاشت وزارة التربية التعليم وعاش أبناؤنا بسببها محنة عدم توافر كوادر بشرية لتعليم اللغة الإنجليزية التي قررت الدولة إدخالها ضمن منهج المرحلة الابتدائية, وعدم توافر كوادر بشرية أيضا لتعليم الحاسب الآلي الذي أصبح مقررا هو الآخر.

أليست هذه فضيحة منهجية تربوية بالأساس؟ أن تظل وزارة التربية والتعليم لعقود تفتتح كليات إعداد المعلمين وتعد خطة للعمل بقصد مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات ومتطلبات التنمية, فإذا هي لم تفكر أصلا في جعل كليات المعلمين قادرة على توفير معلمي اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي, ولم تنسق في ذلك مع وزارة التعليم العالي بشأنها, وأنها لم تكتشف نباهة وبصيرة تخطيطها المؤسي إلا حين صدع ولي الأمر بتقرير تدريس الإنجليزية والحاسب الآلي. عندها هرولت الوزارة بشكل يدعو إلى الرثاء إلى الترقيع والتلفيق بكوادر بشرية ممن هب ودب, والاستنجاد بخريجي دبلومات المعاهد التجارية الخاصة للكمبيوتر وما تيسر من معلمي الإنجليزية لكنها تورطت في أن الشق اتسع على الراقع, كما يقول المثل, فلم تجد وزارة التربية والتعليم, حفظها الله, بُداً من طرق الباب السحري المنقذ من الفضيحة وهو باب الاستقدام, فإذا بالآلاف من المعلمين يتقاطرون أفواجا (دعما لسياسة السعودة!) ليعلموا أبناءنا اللغة الإنجليزية بلسان هجين هو محل تندر في العروض الكوميدية في برامج التلفزيون الأجنبية, الأمر الذي سيوفر لأبنائنا نطقا هجينا غرائبيا للغة الإنجليزية يجمع بين لكنة بلاد البهارات وأهل الصحارى.
فيا له من مجد وإنجاز! ويا له من تخطيط سديد! ويا لها من تربية وتعليمّ ويا لسوء حظ الـ 1500 خريج حاملي دبلوم الإنجليزية وغيرهم والوزارة المعنية بالتربية والتعليم تضرب مثالا على التربية في باب كيف يتم إخلاف الوعود وتفضيل القادمين من وراء البحار والحدود على أهل هذه النجود؟!
والسؤال: هل تعليمنا يتقدم أم أن أداء وزارة التربية والتعليم ينطبق عليه: للخلف دُر!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي