التورق ملبٍ للحاجة ورافع للحرج والتأمين لا يختلف معناه سواء كان تجارياً أو تكافلياً
الشيخ الدكتور عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء، وعضو في كثير من الهيئات الشرعية، وداعية مصرفية إسلامية له مكانته التي رافقت ولادة المصرفية الإسلامية منذ البداية، واكتسب مع الوقت قيمة ومكانة واحتراما كبيرا.
هذه الهالة وهذا الحضور اعتقد البعض أنه سينعكس سلبا على علاقة العالم بالناس، بأن تختلف طريقته في التعامل معهم، لكن هذا لم يكن فازداد العالم تواضعا وسعة علم وأفق, وكانت له آراء هي الأقرب إلى الصواب دائما.
عندما بادرنا طرح الأسئلة كان لدينا وفي جعبتنا كثير من الأسئلة، واعتقدنا أن وقت اللقاء محدود، خاصة أنه مشارك رئيس في عديد من الندوات والمؤتمرات وأنه يمضي وقتا في القراءاة والكتابة والبحث وكتابة بعض المقالات، لكن كان لمجلة "المصرفية الإسلامية" خصوصية, كونها الجانب الإعلامي المعبر عن الحراك المصرفي الإسلامي بمؤسساته وقادته ومفكريه وخبرائه.
كانت الأسئلة كثيرة وكنا ننتظر أن يستأذن المنيع بالتوقف عن طرح المزيد، وكلما وجدناه متفاعلا مع الحوار، وجدنا الجرأة الكافية لطرق عديد من الأسئلة واقتربنا أكثر من الدوائر الساخنة لنكتشف أن المنيع يدرك أهمية الإعلام المهني ودوره في تعزيز مكانة المصرفية الإسلامية.
المنيع شخصية غير عادية، حتى عندما دعاه البعض "أب المصرفية الإسلامية"، اعتذر واعتبر أن للمصرفية آباء كثرا في نطاق حيوي وفكري وثقافي إسلامي طالما أن المنهل الشرعي واحد, ولذا فإن تعدد البنوك والمؤسسات والهيئات الشرعية في نظر المنيع ليست حالة ضعف, بل دليل تفاعل وحراك وعمل, وأيضا دليل يسر. فإلى تفاصيل الحوار الذي أجراه مدير التحرير علي البلاونة والزميل سعد السهيمي:
ما مدى انعكاس أزمة دبي العالمية على المصرفية الإسلامية, وما مرئياتكم حولها؟
- في البداية أتقدم بالشكر لمجلة "المصرفية الإسلامية" وللقائمين عليها على إسهاماتها الهادفة في بناء المصرفية الإسلامية وتعميمها والدفاع عنها والتفاعل مع مقتضياتها ومع ما يمكن أن يكون سببا من أسباب انتشارها ومن أسباب الرد على من يحاول التأثير عليها أو الانتقاص من شأنها, فالحمد لله الذي وفق القائمين على هذه المجلة إلى أن تقوم بهذا الهدف النبيل. وأضاف قائلا: لا شك أن هذه المجلة تعتبر إسهاما فاعلا في سبيل محاربة الربا وبلواه والعمل على نشر منتجات المكاسب الإسلامية المباحة, التي من شأنها أن تعطي كثيرا من الآثار الإيجابية في سبيل تنقية المكاسب, وفي سبيل استجلاب رحمة الله ومرضاته وإحلال بركته على هذه المنتجات وعلى آثارها.
والحمد لله أن الله سبحانه جاء بالحق وأزهق الباطل فقامت المصرفية الإسلامية قياما نحمد الله سبحانه وتعالى على تيسيره وتيسير نشاطه بعد أن كانت حلما من الأحلام ووهما من الأوهام التي يتوهمها كثير من المتشائمين ومن الساخرين من المناداة بهذا الاتجاه المبارك, الذي هو محاربة من الله ومن رسوله ومن عباده المؤمنين لعنصر الربا ولأصحاب هذا العنصر. ومرة أخرى أكرر شكري للقائمين على هذه المجلة, وأدعو الله أن يبارك في جهودهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة. أما ما يتعلق بالأزمة المالية العالمية التي حلت بدبي باعتبارها مركزا إسلاميا أو باعتبارها مركزا ماليا عالميا، لا شك أولا أنها تأثرت بالأزمة المالية العالمية من الانتكاسة ومن الآثار السلبية التي نتج عنها ضياع كثير من الأموال في سبيل ما قامت عليه المصرفية الرأسمالية العالمية، ودبي هي مركز مالي عالمي للمصرفية العامة نالها ما نالها مع غيرها من المراكز الاقتصادية العالمية, وقد تكون حصلت على نصيب وافر من آثار هذه الأزمة لمجموعة من الأمور، الأول: أن الحركة الإنشائية العمرانية فيها سارت أكثر بكثير من الحاجة إليها, وقد احتاج الأمر إلى اقتناص مجموعة كبيرة من الأموال لتوفير هذا الهدف, ألا وهو أن يكون لديها من الإنشاءات العمرانية وفق ما تهدف إليه القيادة لهذه المصرفية، ففي الواقع نتج من ذلك الإقراض والاقتراض المالي الذي قيل إنه بلغ قرابة مائتي مليار دولار, ولا شك أن هذا يعد في الواقع حجما ماليا كبيرا جدا, ولا سيما في حال وجود تأثر بالمصرفية العامة العالمية, ومن ذلك أيضا وجود التعامل بالديون والسندات, وهذا لا شك أنه مغاير لهدف المصرفية الإسلامية، فإن أغلبية أهل العلم ــ إن لم يكن كلهم إلا من شذ ــ فإنهم يكادون يجمعون على حرمة التعامل بالديون بيعا وشراء، لأن الديون هي في الواقع نقود والنقود لا يجوز التعامل بها والمتاجرة إلا إذا اشتملت على شرطين أساسيين، أحدهما وجود التماثل بين العوضين في حالة اتحاد الجنس الذي هو محل البيع أو الشراء, والأمر الآخر وجوب التقابض في مجالس العقد. وهذان الشرطان مع الأسف الشديد مفقودان في هذه التصرفات.
ولا شك أن الله سبحانه وتعالى لا يأمرنا بشيء إلا آثاره محققة فالله ــ سبحانه وتعالى ــ خالقنا والعالم بأحوالنا. ونتيجة لهذه المخالفة الشرعية صارت هذه الحالة بندا من بنود التثقيل على الأزمة المالية التي عاناها مركز دبي المالي. وهناك كذلك أمر مهم جدا وهو في الواقع مع الأسف الشديد يثير تحايلا على المصرفية الإسلامية ألا وهو ما يسمى بالصكوك الإسلامية، فلا شك أن الصكوك الإسلامية هي في الواقع بديل وبديل صحيح للسندات المالية سواء كانت سندات الخزانة الحكومية أو كانت سندات صادرة من خزائن المؤسسات المالية، فهم يريدون أن تكون بديلا عن السندات ولكنها في الواقع لا تختلف إلا من حيث الاسم، وأما من حيث الجوهر والاتجاه فهما ملتقيان السندات المالية وما يسمى بالصكوك الإسلامية, ذلك أن أغلبية هذه الصكوك تعتمد على أصول وأصول وهمية لا من حيث الواقع وإنما من حيث التملك, فحملة الصكوك حينما هيأ لهم ما يعتبر لدى مدير صندوق هذه الصكوك أصولا فهي أصول وهمية, من حيث أن حملة الصكوك لا يملكونها بحكم وجود قيود واشتراطات على تملك هذه الأصول، فمثلا يأتي من عنده أصل من الأصول فيعرضه على مصدر أو مدير إصدار الصكوك وفي الأمر نفسه يشترط عليه أن يؤجره له, بمعنى يشترط بائع هذه الأصول على مدير إصدار هذه الصكوك أن يشترى هذه الصكوك وأن يؤجرها إلى بائعها وأن يعيدها إليه بعد مدة معينة يجري الاتفاق عليها كعشر سنوات مثلا وبالسعر الذي اشتراها به، فهي في الواقع ظلال مخيفة من الربا نفسه, من حيث إن المسألة تتعرى أن يكون عبارة عن اقتراف ثمن هذا الأصل وأن تكون فائدته الربوية هي الأجرة التي يبذلها البائع للمشترى بعد أن يستعجله, وأن تكون خلال مدة معينة مدتها عشر سنوات أو خمس سنوات أو أقل, ثم بعد ذلك يعيد حامل الصكوك أو مدير حملة الصكوك هذا الأصل إلى بائعه الأول وبالثمن الذي بيعت به, وفي الأمر نفسه يقول مدير حملة الصكوك إنه يعطيهم نسبة معينة, وما زاد عن ذلك من الأجرة فهي له, على اعتبار أن ذلك حافز, بمعنى أنهم لا يستحقون لقاء تملكهم هذه الأسهم إلا نسبة معينة كما هو الحال مع من يأخذ فائدة ربوية على وديعة استثمارية وفق المؤشر العام للفائدة.
ولا شك أن هذه ليست هي الصكوك الإسلامية، وبناء على هذا فقد صارت سببا من أسباب هذه الأزمة المالية، وقد تحدث بعض فقهاء العصر عن حجم هذا التعامل فذكر أنه يبلغ %85 من الحجم العام للصكوك الإسلامية, بمعنى أن الصكوك الإسلامية بحقيقتها وباشتمالها على القيود والشروط والمقتضيات الإسلامية لا تمثل من مجموع الصكوك المستخدمة إلا %15 والباقي %85, هذا ما هو في الوقع إلا ذر الرماد في العيون وظل مخيف على الفائدة الربوية، وبناء على هذا فقد صارت هذه الصكوك من أسباب وجود هذه الأزمة الثقيلة على دبي، لذلك فقد نادي مجموعة كبيرة من فقهاء العصر بضرورة تصحيح هذا المسار, وصدر من هيئة المراجعة والمحاسبة بيان بتوجيه الصكوك الإسلامية وأن تكون مشتملة على قيود وشروط تعطي القناعة التامة بأن حملة الصكوك يملكون أصولا ملكا كاملا يتصرفون فيها عن طريق مديري هذه الصكوك تصرف المالك في أملاكه، وقد اتجه الآن كثير من المؤسسات المالية التي تقوم بإصدار هذه الصكوك، اتجاها وفق هذا البيان.
هناك نوع من الصكوك الإسلامية تقول الهيئات الشرعية إنها تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية, في حين نجد أن هناك حديثا عن وجود خلل في تطبيق هذه الصكوك, فما صحة هذا القول؟
- في واقع الأمر أنه بعد ظهور عيب تطبيق الصكوك الإسلامية على وضع عشوائي فوضوي غير مبني على إرشاد شرعي, وبعد أن ظهر ذلك العيب وظهرت آثاره السيئة تبنت الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية توجها سليما من خلال المراقبة والمتابعة للصكوك الإسلامية وكذلك متابعة تطبيقها لتعزيز الطمأنينة والثقة بها, فما ذكرتم الآن موجود من حيث إن كل جهة تقوم بإصدار صكوك إسلامية لا بد أن تكون الجهة الرقابية الشرعية لهذه المؤسسة ولا بد أن تكون قد درست النموذج الذي تسير عليه هذه الصكوك المراد إصدارها، وفي الأمر نفسه أؤكد القول إن هناك مجموعة من الصكوك الإسلامية هي في الواقع تعدل مسارها وأضحت الآن ذات قيمة وذات قناعة بأنها بدل السندات القائمة. أما بالنسبة لوجوب وجود هيئات شرعية فقد وجدت الآن وتم تصحيح أمور كثيرة، وطالما أننا شعرنا بالنقص وبالخلل في التطبيق, وجدت العوامل لتصحيح هذا الاتجاه وبالتالي لتصحيح التطبيق.
ولقد رأينا آثار هذا ووجدت الآن صكوك إسلامية مبنية على مقتضيات شرعية من حيث التملك ومن حيث الاستغلال ومن حيث العائد الذي يعود لحملة الصكوك أنفسهم, وكذلك من حيث إفراز اختصاص مدير حملة صندوق هذه الصكوك وأنه يجب أن يشعر بأنه أجبر وأن ما يطمح إليه من تحفيزه لا يكون له إلا في حال وجود ما يعطي القناعة, وأنه يستحق أن يشجع وأن يعطى حافزا. وفي الأمر نفسه كذلك هذا الحافز جاهدت الهيئات الشرعية لئلا يعطى كامل ما يتعلق بالباقي, بل ما بقي بعد التصفية يجب أن يرجع إلى حملة الصكوك, ولا بأس أن يعطى المدير إن كان مستحقا للحفز والتشجيع نسبة من هذا المبلغ الباقي مثلا %5 أو %10 زيادة على أجرته التي يعطى إياها كأجرة سنوية أو شهرية. وبناء على هذا الأمل أن تعطي الصكوك الشرعية ثمارها وأن تعطي نتائجها ، وفي الواقع لو أردنا أن ننظر في حقيقة هذه الصكوك لوجدناها في الواقع لا تختلف عن الصناديق الاستثمارية ولا عن الأسهم في الشركات المساهمة القائمة إلا من حيث الاصطلاح في أنها صالحة للتداول دون غيرها، ولعل هذا هو السبب في جعل لها إيثار على الصناديق الاستثمارية لأنها صالحة للتداول, فيكون عندي اليوم مثلا مليون سهم في مؤسسة أو في صندوق صكوك إسلامية ويكون لي القدرة على بيع ما تيسر منها أو شراء كذلك ما يعرض من ذلك، وفي الوقت نفسه تكون حقيقة بديلا عن السندات.
#2#
سمعنا في الفترة الأخيرة اتهامات للمصرفية الإسلامية بأنها السبب وراء أزمة دبي .. فما مدى صحة هذا الكلام؟
- إن ذلك منافٍ للحقيقة, فالذي حدث في مركز دبي فيما يتعلق بالتعامل المصرفي الإسلامي هو سوء التطبيق, فسوء التطبيق جاء فيما يتعلق مثلا بالصكوك الإسلامية وأنهم كانوا ينظرون إلى الصكوك الإسلامية كبديل ولكنهم في الواقع من تطبيقها لم يبتعدوا عن السندات القائمة وإنما مشوا مع السندات القائمة فيما يسمى بالصكوك الإسلامية المنفذة في دبي أو في غيرها, صارت تمشي مع طرفي السندات بخطين متوازيين قريبين من بعضهما بعضا ويلتقيان في حوض واحد، وبناء على هذا فقد جاء الانتقاد والاعتراض والإنكار على الصكوك الإسلامية. لكننا نقول ليس هذا موجها للصكوك الإسلامية وإنما موجه إلى سوء تطبيق الصكوك الإسلامية.
هل هناك خوف من المصرفية الإسلامية في الغرب أن تكون بعيدة عن الشروط المتوافقة مع الشريعة الإسلامية, خاصة بعد أن ازدهرت المصرفية الإسلامية في لندن وباريس وألمانيا وكثير من الدول الغربية بعد الأزمة المالية العالمية؟
- رب ضارة نافعة .. فالحقيقة أن المصرفية الإسلامية صار لها مزيد من الاهتمام والتطلع, ولا سيما بعد أن وجدت الأزمة المالية العالمية .. ولماذا؟ لأنهم نظروا إلى الآثار المترتبة على المؤسسات المالية من حيث تعاملاتها ووجدوا أن المؤسسات المالية الإسلامية أقل تأثرا من حيث الأضرار والخسائر والتوجه السيئ نحو تحقيق عوائد استثمارية أو نحو ذلك. وبناء على هذا فقد طرح تساؤل: لماذا مؤسسات المالية الاسلامية كانت أقل تأثرا من حيث الأضرار من المؤسسات المالية التقليدية؟ الحقيقة هناك مجموعة من الأسباب, منها أن المصرفية الإسلامية تعنى بأن يكون التعامل تعاملا حقيقيا ليس مبنيا على وهم وتوهمات مستقبلية وإنما يجب أن يكون مبنيا على حقائق فيما يتعلق بالشراء وفيما يتعلق بضرورة ملكية من يبيع وفيما يتعلق بضرورة أن يعلم المشتري من حيث رؤية ما اشتراه والبعد عن أية صفة تمنعه من الجهالة ومن حيث تحديد الثمن بحيث لا يكون الثمن مبنيا على نقليات مالية قد تزيد أو تنقص بعد تمام العقد نفسه, وهذا يعد خطأ ويعد من أكبر ما يجلب الضرر والغبن والجهالة وما يتعلق بالتعامل الربوي والتعامل القماري ونحو ذلك.
فبناء على هذا فقد وجدت الأسباب التي خلقت لجعل المصرفية الإسلامية أقل تأثرا من حيث الضرر بالنسبة للمؤسسات المالية التقليدية, لذلك فقد وجبت المناداة الآن بضرورة دراسة المصرفية الإسلامية وضرورة العمل على تطبيق المنتجات الإسلامية واعتبارها أثرا من الآثار الحالية للعوائد الاستثمارية .. كل ذلك في الواقع كان سببا من أسباب أن المصرفية الإسلامية كانت مطمحا وكانت هدفا لأن تكون بديلا عن المصرفية الرأسمالية التقليدية وبعد سقوط المصرفية الاشتراكية نفسها, لذلك نجد الآن إنجلترا تتطلع لأن تكون هي المركز الأول للمصرفية الإسلامية، وفرنسا منذ أيام كانوا في مجلسهم البرلماني يدعون إلى المصرفية الإسلامية وصدرت قراراتهم بالأغلبية على ضرورة أن المصرفية الإسلامية يجب الأخذ بها في بلادهم لأن الواقع برهن أنها بضوابطها ومبادئها وأخذها بالأمر الواقعي هي بعيدة عن الإضرار والغبن والجهالة والقمار وغيرها من الأمور التي صارت أكبر الأسباب للأزمة المالية.
يرى بعض الخبراء أن اختلاف الفتاوى حول المصرفية الإسلامية من أحد الأمور المعطلة لتطورها وانتشارها.. فهل هذا صحيح؟
- القول إن المصرفية الإسلامية الآن محل خلاف ما بين الهيئات الشرعية أعتقد أنه مبالغ فيه فالهيئات الشرعية الآن في الواقع متفقة في الغالب على جميع العناصر الأساسية فيما يتعلق بالأخذ بالمصرفية الإسلامية فليس هناك أية هيئة شرعية تبيح أن يكون هناك تعامل بالبيع أو الشراء بأصول وهمية وبأصول قد لا يملكها من يبيعها بمعنى أنه يبيع ما لا يملكه. فجميع العناصر الأساسية فيما يتعلق بالمصرفية الإسلامية محل اتفاق بين الهيئات الشرعية وبناء على هذا فنحن لا نرى ما يقال عن أن هناك اختلافات أو شيئا من هذا القبيل، فقد تكون الاختلافات في أمور جزئية والأمور الجزئية وجدت الاختلافات فيها بين المذاهب الإسلامية أو من اجتهادات أئمة الفقهاء السابقين واللاحقين كذلك، لذلك فهذا القول غير صحيح وفي الأمر نفسه المصرفية الإسلامية سعدت والحمد لله بمجموعة أمور، الأول: إن كل مصرفية إسلامية لديها هيئة شرعية توجه القائمين عليها إلى ما يجب أن يسيروا عليه. الثاني, إن أية إشكال عام هو في الواقع محل بحث لدى المجامع الفقهية. فقد بحثت مجموعة من المسائل منها مثلا حكم المنتجات في التعامل, فقد بحثت في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة الدول الإسلامية الموجودة أمانتها في مدينة جدة، وكذلك صدر من هيئة كبار العلماء قرارات ذات أهمية بالغة فيما يتعلق بالتعامل الإسلامي في مجموعة من المسائل فيما يتعلق بالشرط الجزائي وفيما يتعلق بالشفعة وما يتعلق بالتأمين ونحو ذلك من المسائل التي هي محل نظر، كذلك هناك الآن هيئة المحاسبة والمراجعة ومقرها البحرين, وهي في الواقع يتبعها مجلس شرعي يضم نخبة من فقهاء العصر وعددهم أكثر من 15 عضوا أصدروا مجموعة من المعايير الشرعية تتجاوز الثلاثين معيارا فيما يتعلق بمجموعة من أبواب المعاملات الشرعية.
ولا شك أن هذه طرق ممهدة للمصرفية الإسلامية وقد سلكت المصرفية الإسلامية هذه الطرق، وقد امتدت امتدادا كاملا فلم تكن مصرفية إسلامية سعودية أو خليجية ولا عربية ولا إسلامية فحسب ولكن أصبحت الآن مصرفية عالمية وجدت الآن استخداماتها في أمريكا وفي إنجلترا وفي الصين واليابان وفي جنوب شرق آسيا، وفي الهند, وبناء على هذا الانتشار والطموح والاهتمام العالمي بالمصرفية الإسلامية لا يتصور أننا نقول إن اختلاف الفتاوى يعوق المصرفية الإسلامية.
هناك نقص في أعضاء الهيئات الشرعية وهناك توسع في مجال المصرفية الإسلامية في الغرب, كيف تتم الاستفادة من الخبرات الشرعية لعلمائنا في ظل هذا النقص؟
- هناك مجموعة كبيرة الآن من زملائنا لهم نشاط كبير في إنجلترا وفي ألمانيا وفي فرنسا على اعتبار أنهم أعضاء هيئات شرعية في مؤسسات مالية قائمة هناك. أذكر منهم فضيلة الدكتور محمد علي القري، فضيلة الدكتور نظام اليعقوبي من البحرين، فضيلة الدكتور عبد الستار أبو غدة، فضيلة الدكتور نزيه حماد، كل هؤلاء لديهم حصيلة شرعية جيدة تمكنهم من القول في الأحكام الشرعية بما يرونه، ثانيا لديهم إجادة كاملة للغة الإنجليزية فهم يستطيعون أن ينشروا المصرفية الإسلامية وأن يبينوا مبادئها واتجاهاتها السليمة التي ضمنت لها في الغالب العوائد الصحيحة، ونحن إذا أردنا الآن أن نقارن بين المصرفية الإسلامية القائمة في البنك نفسه فلدينا في المملكة العربية السعودية الآن مجموعة بنوك وهي في الواقع كان أصلها بنوكا ربوية ولكنها اتجهت لإنشاء مصرفيات إسلامية داخل أقسام من نشاطاتها، وفي الوقت نفسه وجدت المقارنة من حيث العائد بين نشاط المصرفية الإسلامية ونشاط المصرفية التقليدية، اتضح أن هناك عوائد كبيرة لها وأصبح لها مصداقية وثقة كبيرة لدى كثير من العملاء. والواقع يدل على ذلك, فالبنك الأهلي يعد من أعرق البنوك وأقواها في المملكة ومع ذلك أول ما بدأ بدأ بفرع واحد فاشل ثم فكروا في تحويله إلى مصرفية إسلامية ولم يمض على تحويله إلا أشهر معدودة حتى صار من أحسن البنوك عوائد، بعد ذلك ثبت نجاح هذه التجربة فقام البنك بتحويل جميع فروعه إلى مصرفية إسلامية وهذا يدل على نجاح المصرفية الإسلامية وانتشارها.
#3#
انتقادات عدة وجهت لقرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن تحريم التورق حتى أن بعض الشخصيات الإسلامية ذكر أن عديدا من الأوراق المقدمة للمجمع كانت مع التورق لكنه ولضيق الوقت لم ينظر فيها وجاء القرار خلافا للآراء الشرعية المقدمة, فما رأيكم؟
- في البداية يتعين القول إن التورق هو ليس نازلة فقهية جديدة وإنما هو مسألة موجود التعامل بها في عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الأمر نفسه أخذ به مجموعة من فقهاء العالم الإسلامي وأصحاب المذاهب الأربعة، كذلك المصرفية الإسلامية وجدت أنها طريق من طرق التمويل, وتمويل بطريقة مباحة فأخذت بها.. لكن في الواقع الشيء الذي جعل الأخذ بها مثار جدل وقلق واعتراض هو سوء التطبيق, فيأتي العميل نفسه ويقول للبنك أريد 100 ألف ريال فيوقع على مجموعة أوراق ونماذج ويقول له البنك غدا إن شاء الله تجد المبلغ في حسابك، ماذا عمل هل باع واشترى.. هل رأى ... هل...؟ فهذا لا شك تطبيق سيئ, فالبيع والشراء لا بد أن يشتمل على مجموعة من الشروط. ذكر بعض أهل العلم أن هناك عشرة شروط قد تزيد أو تنقص, لكن من أهم الشروط أن يكون المبيع مملوكا للبائع، فهل أنا الآن عندي وأنا عميل لهذا البنك علم أن هذا البنك يملك السلعة التي باعها لي؟ لا أدري عن ذلك .. يقول إنه باع لي معادن في أوروبا أو غيرها .. ما هي هذه المعادن وما مقدار هذه المعادن وما نوعها؟ طبعا لا أدري عن شيء .. فهل هذا بيع وشراء؟ هذا ما يسمونه بالتورق المنظم وإنه حرام .. فنحن نقول إن هذا في الواقع لم يشتمل على شيء من شروط البيع والشراء, لذلك جاء المجمع الفقهي التابع لمنظمة العالم الإسلامي ليقول إن هذا التورق ليس تورقا شرعيا وإنما هو معاملة ربوية مظللة بظلال كاشف, فالمجمع دفع المصرفية الإسلامية إلى تصحيح الأخذ بنظام التورق. ورغم أنه وسيلة تمويلية شرعية, لكن يجب أن يكون مبنيا على تحقق لشروط البيع وتحقق لشروط الشراء ثم بعد ذلك قلنا لهؤلاء العملاء لا يجوز لكم توكيل هذا البنك، فلا توكيل في بيع ولكن يجوز لكم أيها العملاء وقد اشتريتم السلعة أن تأخذوا من البنك نفسه تفويضا للذي عنده سلعته وتذهبون إليه, لذلك اتجه التورق الآن إلى الاتجاه الصحيح في أغلبية البنوك، وأصبح الآن الثمن الذي في ذمة العميل نتيجة للبيع والشراء لا يزيد ولا ينقص وعليه أن يفي بالسداد لأن مماطلة الغني ظلم. فإذا جاء وقت السداد يجب عليه ألا يتأخر وإن تأخر فللبنك الحق في أن يوقع عليه غرامة تأخير. الرسول صلى الله عليه وسلم يقول "مطل الغني ظلم" ويقول في الرواية الثانية "لي الواجب يحل عرضه وعقوبته" إذن ــ والحمد لله ــ التورق من حيث الأصل يعتبر ملبيا لحاجة ورافعا للحرج الذي يقع على من يريد حاجة.
بعض البنوك والشركات تعاني قلة عدد أفراد الهيئات الشرعية وضعف الموارد البشرية .. ألا يوجد نوع من التعاون ما بين الجهات البحثية والمؤسسات المالية لتأهيل الكوادر البشرية للعمل في المصرفية الإسلامية؟
- أعتقد أن هذه دعوة جيدة, ولا شك أنني بصفتي أعمل في مجموعة من الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية فيما يتعلق بالمصرفية الإسلامية نرى أن المصرفية الإسلامية فقيرة جدا إلى الكوادر البشرية المؤهلة للقيام بأعمال المصرفية الإسلامية, وفي الوقت نفسه نحن نجد مجموعة كبيرة من المؤهلين تأهيلا شرعيا وتأهيلا فيما يتعلق بالمعاملات الإسلامية لكنهم في الواقع يجهلون اللغة الإنجليزية، ورغم أن اللغة الإنجليزية ــ للأسف الشديد ــ شر لا بد منه, أتمنى أن يكون هناك تعاون بين الجامعات والمؤسسات المالية فيما يتعلق بايجاد وتخريج كوادر شرعية مؤهلة فيما يتعلق بلغة المال العالمية ولغة المال العالمية هي اللغة الإنجليزية الآن. لذلك أرجو وأؤكد ضرورة التعاون ما بين الجامعات والبنوك على أهمية العناية بتعلم اللغة الإنجليزية ليكونوا مؤهلين في المصرفية الإسلامية سواء كان عاملا في المجال التنفيذي أو في المحال التوجيهي أو في مجال المراقبة والمتابعة.
حسب مصادر صحافية دعوتم إلى توحيد المؤسسات البنكية ولم نتأكد من صحة هل هذا القول صادر عنكم وهل فعلا هناك توجه لإقامة مجمع أو توحيد للمصارف الإسلامية؟
- اولا لم يصدر عني مثل هذا القول مطلقا لسبب رئيس ومهم وهو أني أعتقد أنه حينما تجتمع البنوك في بنك واحد ليس من المصلحة أن يتم تنفيذ هذا التوجه، فالمصلحة تكمن في تعدد البنوك والمصارف حتى يكون هناك حوافز وتنافس فيما بينها في اقتناص العملاء, وبالتالي لا يكون هناك احتكار لفائدة، فلا بد أن يكون السوق مفتوحا ومتعددا ومتجها للتنوع وأنا كعميل أختار وأفاضل بين هذا وذاك، فتعدد المصرفية الإسلامية لا شك في مصلحة انتشارها في السوق، ومن المصلحة أن يكون السعر معتدلا في تحقيق العائد.
مؤسسات التصنيف الائتماني للشركات كانت تصنيفات بعضها غير منطقية وغير واقعية ما أثر في مصداقيتها وأسهم في عملية غش معلوماتية.. ألا يتطلب ذلك وجود مؤسسة تصنيف كمرجعية إسلامية؟
- هذا الأمر مهم جدا ولكن "وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا" فلا بد أن يكون وراء هذه المؤسسات التصنيفية جهة رقابية عامة تنظر لمصداقية هذه المؤسسة التصنيفية حتى لا يقع ما تفضلت به.
هناك من يطلق عليك في الصحافة والإعلام "أب المصرفية الإسلامية".. ألا ترى أن حمل ذلك كبير؟
- جزاهم الله خيرا في ثقتهم بي، وإنني دون ما قالوا وإنني أسير مع إخواني, والله سبحانه قد يسر لي زملاء لهم اعتبارهم وقيمتهم ولولا زمالتهم لما كان لي مجهود يذكر، فالفرد الواحد لا يستطيع عمل كل شيء بمفرده دون تعاون وشراكة مع الآخرين في الهدف نفسه، فأشكر الله عز وجل أن هيأ لي مجموعة متعاونة، فأنا لست أفضلهم وإنما واحد منهم .. نحن نتعاون في الخير والبر والتقوى ومصلحة الأمة, ونرجو الله أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى.
هناك من يرى أن التأمين الحالي تأمين تجاري وليس تعاونيا أو تكافليا .. كيف تنظرون لذلك؟
- في الواقع التأمين على وجه العموم هو أداة من أدوات حفظ المال, والله سبحانه وتعالى أمرنا بحفظ المال. فقال تعالى "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم" وقال: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا", كذلك أطول آية جاءت في آخر سورة البقرة "يا أيها الذي آمنوا إذا تداينتم بدين فاكتبوه....." إلى آخر الآية أكثر من نصف صفحة تتحدث عن حفظ المال وعن وجوب العناية به, كذلك الأمر يدفعنا إلى التحدث فيما يتعلق بالحوادث التي يترتب عليها تلف أموال وتبدد ممتلكات .. الآن مثلا تجد مقيما يقود سيارة وهو فقير فإذا عمل حادثا ــ لا قدر الله ــ فإنه يوضع في الحبس والسجن. ليس هذا هو الحل، لذلك التأمين يعتبر وسيلة من وسائل حفظ المال، أيضا التأمين ما هو إلا قيمة التزام, فيأتي من يلتزم بضمان التعويض عن الأضرار التي نتجت عن الحوادث والحوادث هي أقدار من عند الله عز وجل، وبناء على هذا أرى أن التأمين وسيلة من وسائل حفظ المال وأنه سيعطي الاقتصاد الآن مزيدا من الانتعاش والقوة. من هنا أرى أن التأمين ما هو إلا التزام والوفاء بما التزم به, فمثلا إذا نذر شخص مبلغا معينا في سبيل الله فعليه أن يلتزم بتنفيذ هذا الالتزام لأنه يمثل عهدا بينه وبين الله .. وهذه في الواقع هي فكرة التأمين وإنما كون أن التأمين تعاوني أو تجاري, فإذا نظرنا بتعمق وتأمل للمضمون فإن التفريق بين الأمرين ليس له مبرر، فالتأمين هو التأمين سواء كان تجاريا أو تكافليا. لكن ما أود قوله للمهتمين أن يعطى موضوع التأمين ما يستحق من الدراسة وأن تكون دراسة على بحث الحقيقة، فالتأمين لا يزال بكرا لم يبحث بتعمق. أما تطبيق التأمين حاليا فالدافع والجوهر أنه تأمين تجاري لا شك في ذلك.
عندما حدثت الأزمة المالية في العالم لفتت المصرفية الإسلامية الأنظار, والسبب في عدم تأثرها كان نابعا من أخلاقياتها، وهناك مسؤولون عرب كثر أشادوا وأكدوا أن المصرفية الإسلامية حمتها أخلاقياتها من التعرض للأزمة . لماذا لا تكون أخلاقيات المصرفية الإسلامية في مختلف المجالات وليست في مجال واحد؟
- لا شك أن الدين المعاملة .. الدين النصيحة، ومن غشنا فليس منا, لا ضرر ولا ضرار .. كل هذه في الواقع أخلاقيات وهي يجب أن تنسحب لدى الجميع للتعاون والتكاتف بين كافة أفراد الأمة الإسلامية، لذلك يجب أن يكون هذا الشيء واضح المعالم، وهذا الأمر ينطبق ولا شك على المصرفية الإسلامية فيما يتعلق بعمليات البيع والشراء والإجارة والشراكة، حيث تظهر مع زميله أو مع الطرف الذي يتعامل معه، سيكون لذلك آثار جيدة, فالأمر مبني على حقائق وليس على ربا ولا غرر ولا غبن ولا جهالة ولا تدليس.. إلخ، ولا شك أن هذا مبني على سلامة الاتجاه, وبناء على هذا فنحن الآن نقول ونتحدث دائما عن المنتجات وعن التعامل في الغرب ونقول عندهم قصد وعندهم إخلاص وإتقان للعمل, ونحن نقول نعم هذا صحيح لكن يجب أن يكون الذي عندنا أكثر مما عندهم لأنهم في الواقع هم الآن يعملون على الأخذ بهذا الشيء (المصرفية الإسلامية) على اعتبار أنها تضمن لهم سلامة العمل، لا يرجون ثوابا من الله ولا يعترفون بهذا الشيء وإنما يطلبون سلامة واستمرارية هذا العمل، حيث إنه مبني على أخلاقيات, فهذا يعني الثقة والاطمئنان، نحن في الواقع نقول نعم يحسن لنا هذا ويحسن لنا كذلك الثواب عند الله، رحم الله امرأ عمل عملا فأتقنه، كذلك يقول الله تعالى:" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" فأنت حينما تعمل أو تتعامل مع أخيك الذي ائتمنك فيجب أن تؤدي الأمانة.
لذلك فإن الأخلاقيات في التعامل لها أثر كبير, ولا سيما بين المسلمين الذين يحصلون على الأمرين الثواب من عند الله والثقة بك كمقدم منتج.
هل نستطيع القول إننا نشهد توجها بنكيا نحو المصرفية الإسلامية الكاملة؟
- إن شاء الله .. والوضع الآن يسير لتحقيق هذا التوجه، فكل سنة في الواقع نجد أن المصرفية الإسلامية تكسب أرضية جديدة، أول ما بدأنا من الصفر، البنك الأهلي الآن جميع فروعه إسلامية، عندنا بنك الرياض يطبق 75 في المائة وسيتحول كاملا للمصرفية الإسلامية، كذلك البنك العربي، أيضا بنك ساب وكذلك بنك سامبا الآن 85 في المائة من تعاملاتهم كلها إسلامية، فالأمر لا شك بدأ بالتدرج، والتوجه يسير في طريقه السليم لا يتوقف, وأملنا كبير أنه لن يمضي وقت طويل إلا والمصرفية الإسلامية قد سادت كافة البنوك.
هناك من يحاول الإشارة والإشادة بالمصرفية الإسلامية في ماليزيا, وفي نفسه نقد مبطن لها في الخليج والمنطقة العربية, ما السبب في رأيكم؟
- لماذا لا تقول إن المصرفية الإسلامية المنبعثة من البلاد العربية, ولا سيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج وغيرها هي في الواقع النواة الأولى للمصرفية الإسلامية. ماليزيا لم نعرف أنها أخذت بالمصرفية الإسلامية إلا بعد أن قطعنا مراحل وأشواطا كبيرة في هذا الشيء وقد جاءت وقلدتنا ونعم التقليد..
هل لديكم كلمة أخيرة تودون الإشارة إليها؟
- أرجو من إخواني طلبة العلم أن يتقوا الله وأن ينظروا إلى المصرفية الإسلامية كعامل من عوامل محاربة الربا, وإذا كان لدى أحد منهم وجهة نظر فينبغي أن يقدم وجهة نظره إلى إخوانه من خلال مؤتمر أو من خلال ندوة أو من خلال حلقة دراسية أو اجتماع بالهيئة الشرعية، وأتمنى من إخواني ألا تكون مجالسهم مجالس بهتان ومجالس إثم ومجالس اتهامات ويدعون أن المصرفية الإسلامية ما هي إلا كذبة يضحكون بها على الناس وأن الهيئات الشرعية تملي عليهم أوامر وتوجيهات معينة.. لذلك أقول لهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى في هذا الأقوال .. وإنني أسأل إخواني: هل الهدف من المصرفية الإسلامية من حيث الأصل هدف سليم أم غير سليم؟ هل الاتجاه الذي اتجهت به من حيث الأصل اتجاه سليم أم غير سليم؟
هل عليها أخطاء .. نعم هناك أخطاء تعالوا نجتمع ونتباحث ونناقش هذه الأخطاء (غير المنكر بيدك فإن لم تستطع فبلسانك فإن لم تستطع فبقلبك).
فنحن في الواقع مسلمون يجب أن يكون بيننا تعاون وتآخٍ وتواصٍ بالحق، الله سبحانه وتعالى قال "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر", فما هو التواصي بالحق، هو البحث عن الحقيقة والتوجيه بالتمسك بها، لذلك فإني أنصح إخواني حيث إنني أسمع منهم الكثير، وأقول هداهم الله لو كانوا صادقين فيما يقولون, فأبوابنا مفتوحة ولا مانع يا أخي أن تأتي وتناصحنا وتقول إنكم أخطأتم في كذا وكذا.. فنجلس ونتناقش معك وننظر وجهة نظرك، يمكن أن تكون مخطئا .. يمكن أن يكون تصورك غير صحيح .. ويمكن أن نكون نحن مخطئين بعد كذلك .. لكن النتيجة أن نظهر بمعرفة الحقيقة وإني أتمنى من إخواني أن تكون اعتراضاتهم مبنية على نصح حقيقي الغرض منه البناية والحفاظ على المصرفية الإسلامية لتكون متجهة اتجاها سليما لمحاربة الربا وآثاره.