سيناريوهات نهاية الأزمة المالية تسيطر على منتدى دافوس
تخيم على المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أجواء من السيناريوهات المحتملة لمصير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ولاسيما بعد هجوم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الحاد على الرأسمالية والعولمة. في الإطار نفسه وجهت رئيسة مجلس الحكم الاتحادي السويسري دوريس لويتهارد انتقادات للأقوال التي لا تتبعها الأفعال وعدم تطبيق ما يتم الاتفاق عليه ليتفق الرئيسان في الهجوم على رجال البنوك الذين يتشبثون بمكافآت ورواتب ضخمة.
المشكلة كما يراها المحللون هنا هي أن الاقتصاد يحتاج إلى البنوك لتمويل المشاريع والمعاملات التجارية وبالتالي لا يمكنهم مناصبتهم العداء بينما يصر رجال البنوك على حرية مطلقة في تعاملاتهم دون قيود على حركة السيولة النقدية أو تحديد نسب المخاطر مقارنة برأسمال المؤسسة المالية.
في حين يرى الساسة والأكاديميون أن استمرار عمل المؤسسات المالية كما كان الأمر عليه قبل الأزمة هو أمر غير ممكن بل مستحيل لأن تلك الاستراتيجية هي التي أدت إلى الأزمة المالية وما أعقبها من ركود اقتصادي. وفي مثل تلك الحالة من عدم التوافق فإن عدم الاستقرار الاقتصادي يؤدي إلى توتر سياسي وعدم توازن في اتخاذ القرارات لتفقد معادلة العلاقة المتكافئة بين السياسة والاقتصاد مرحلة من الخلل التي يحاول فيها الطرفان البحث عن مقومات جديدة لإعادة ترتيب الأوراق مجددا ولكن وفق قواعد مختلفة عما كان سائدا وهو ما لا يرغب رجال البنوك سماعه. في المقابل لا يمكن للحكومات وفق قواعد الاقتصاد الحر أن تواصل دعمها للمؤسسات الصناعية والاقتصادية حيث سيؤدي هذا إلى مزيد من الدين العام ما يرسي دعائم أزمة جديدة من ديون هائلة ستؤدي حتما إلى زيادة معدلات التضخم. وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد الأمريكية البروفيسور كين روغوف «إن الأزمات المالية الحادة تنشأ عادة من تفاقم الدين العام» وشرح تلك العلاقة بأنها «نتيجة حرص الحكومات على تمويل المؤسسات الاقتصادية كحل آني للحيلولة دون انهيارها. ويبدو هذا الأمر واقعيا على المدى القصير لكن الدول التي تلجأ إلى تلك الطريقة ليست مستعدة لمواصلة هذا الدور إذا ما كانت الأزمة عميقة ولذا يتوقع رغوف تدخل صندوق النقد الدولي لإنقاذ بعض الدول الأوروبية. في المقابل يشير النائب الديموقراطي الأمريكي بارني فرانك إلى ضرورة ترشيد الإنفاق وتقليل ميزانيات الإنفاق العسكري وأبحاث الفضاء والدعم الحكومي في بعض المجالات بل ذهبت بعض الأصوات إلى مطالبة الدول الصناعية الكبرى المتضررة من الأزمة بضرورة تطبيق الأسلوب نفسه الذي كانت تفرضه على الدول النامية و الأكثر فقرا. وتبحث الأجواء السائدة في أروقة المنتدى هذا العام عن سيناريوهات ترضي جميع الأطراف مثل إرضاء طموحات البنوك والمؤسسات المالية كي تتمكن من أداء دورها في جذب الاستثمارات وتوفير الأموال اللازمة لتمويل المشاريع الاقتصادية في مقابل احترام هيبة الدولة التي تريد استعادة دور الرقيب المهذب على المشهد الاقتصادي من دون استخدام أدوات الاشتراكية المهيمنة أو ترك الحبل على الغارب للمؤسسات المالية تتحرك على الساحة كيفما تشاء وعندما تقع تهب الحكومات لنجدتها بأموال دافعي الضرائب. وبين الطرفين تقف مجتمعات تريد استقرارا معيشيا وتعليما وصحة وخدمات ولسان حالها يقول صناعة المال تطالبنا بإنقاذها من خلال أموال الضرائب عن أخطاء لم نرتكبها بينما تتجاهلنا تلك المؤسسات عندما تحقق أرباحا بمئات الآلاف من المليارات.
إلى ذلك، طالب قادة الأعمال الحكومات بالوفاء بالتزامهم باستكمال محادثات تحرير التجارة المتعثرة خلال العام الحالي ودعم الاقتصاد العالمي. لكن المفاوضين التجاريين متشككون في الإرادة السياسية للتغلب على الخلافات بين الولايات المتحدة وأسواق ناشئة رئيسية التي أحبطت التوصل إلى اتفاق في عام 2008 قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية التي أدخلت أغلب مناطق العالم في حالة ركود. وتعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل والانتخابات الرئاسية في البرازيل من بين العقبات السياسية أمام التوصل إلى اتفاق. ودعا مجلس الأعمال العالمي في المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري زعماء العالم للوفاء بتعهدهم الذي قطعوه في قمة مجموعة العشرين في بيتسبيرج في أيلول (سبتمبر) الماضي بالتوصل إلى اتفاق خلال 2010.