التوقعات تتضارب حول سوق الصكوك.. نمو مفرط وهبوط حاد

التوقعات تتضارب حول سوق الصكوك.. نمو مفرط وهبوط حاد

تضاربت التقارير والاستطلاعات حول سوق الصكوك (السندات الإسلامية) في العالم، ففي حين ترى تقارير أنها ستنمو هذا العام وربما تقترب في السنوات الأخيرة من حجم السندات التقليدية، ترى أخرى أنها ستتراجع بنسبة عالية هذا العام على وجه التحديد.
وقبل يومين أكد تقرير صادر عن «الأهلي كابيتال» السعودية – شركة مالية تابعة للبنك الأهلي، وكذلك تقرير أصدره مركز دبي المالي العالمي، أن سوق الصكوك ستكون في أفضل حالاتها هذا العام وسيصل حجمها حول العالم إلى نحو 200 مليار دولار. لكن استطلاعا أجرته «رويترز» أظهر أن هذه السوق ستشهد تراجعا هذا العام نسبته 20 في المائة.
وقال استطلاع «رويترز» إن إصدارات الصكوك العالمية ستكون أضعف من المتوقع هذا العام، إذ يتوقع بعض المحللين انخفاضا يصل إلى 20 في المائة عن العام الماضي مع تعرض المعنويات لضغوط جراء أزمة ديون دبي وزيادة متوقعة في تكاليف الاقتراض.
وشمل المسح 12 من المصرفيين الإسلاميين وخبراء القطاع توقع معظمهم أن يراوح حجم الإصدارات بين 15 مليارا و17 مليار دولار في 2010 مقارنة بتقديرات لمبيعات تزيد على 20 مليار دولار هذا العام في مسح مشابه أجري في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. ووفقا لبيانات «طومسون رويترز» بلغ إجمالي إصدارات الصكوك العالمية 19 مليار دولار. العام الماضي أصدرت الإمارات 20 في المائة منها.
وبالمقارنة بلغ إجمالي الإصدارات في السوق العالمية الناشئة ما يقرب من 200 مليار دولار العام الماضي وفقا لكوميرتس بنك ومن المرجح أن تصل لنفس الحجم هذا العام، إذ يتطلع المستثمرون مجددا للمزيد من الأصول التقليدية ذات العائد المرتفع.
وأظهر المسح أن احتياج الحكومات للاقتراض وتمويل مشاريع البنية التحتية سيقود مبيعات الصكوك هذا العام رغم تضرر السوق بشكل إجمالي من حالة عدم اليقين بشأن قوة تعافي الاقتصاد العالمي والمخاوف من التخلف عن سداد مستحقات مزيد من الصكوك.
وقال وان موريزاني وان محمد نائب رئيس مؤسسة التصنيف الماليزية «من المتوقع أن تؤدي أزمة ديون دبي العالمية التي أصبحت موضوعا رئيسيا في سوق الصكوك خلال الربع الأخير من 2009 إلى انخفاض حجم الإصدارات من هذه المنطقة نتيجة التصورات السلبية للمستثمرين».
وأضاف «ومع ذلك فالتحديات الائتمانية لدبي العالمية هي في الأغلب محددة بدولة معينة ومقترض معين وبناء على ذلك لا ينبغي أن تكون لها تداعيات على الطلب والتصنيفات في عالم الصكوك في مناطق أخرى».
وتلقت سمعة الصكوك كاستثمار آمن ضربة قوية بعد أن أصبحت شركة نخيل العقارية التي أصدرت أكبر سندات إسلامية في العالم جزءا من عملية إعادة هيكلة لديون بعض الشركات المملوكة لحكومة دبي.
وقالت «نخيل» الأسبوع الماضي إنها قدمت مدفوعات نقدية بقيمة 10.3 مليون دولار على سنداتها التي تستحق في 2011 وقيمتها 750 مليون دولار. وثمة سندان قائمان لدى «نخيل» أحدهما بقيمة 3.6 مليار درهم يستحق في 13 أيار (مايو) والآخر بقيمة 750 مليون دولار ويستحق في كانون الثاني (يناير) 2011. وخفضت مؤسسات تصنيف ائتمان تصنيفاتها لعدة كيانات شبه حكومية في دبي بعد أن اتضح أن ديونها لن تكون مدعومة من الحكومة كما كان يفترض في السابق.
ويتوقع مصرفيون أيضا أن تتأثر الإصدارات بزيادة متوقعة في أسعار الفائدة مع تعافي الاقتصاد العالمي وهو ما من شأنه أن يرفع تكاليف الاقتراض. وعادة ما يجري تسعير الصكوك على أساس سعر الفائدة بين بنوك لندن إذ لا يوجد سعر قياسي للسندات الإسلامية.
لكن سايمون ايدل الرئيس العالمي للأنشطة المصرفية الإسلامية في «كاليون» قال إن السوق ستجد دعما من عودة أنشطة أسواق الائتمان في الخليج إلى حالتها الطبيعية وحاجة المؤسسات المالية الإسلامية لإعادة التمويل واستعداد الحكومات لزيادة الإصدار.
وأظهر المسح أن من المتوقع أن تكون الحكومات والمؤسسات شبه الحكومية بالإضافة إلى شركات البنية التحتية والخدمات المالية هي أكبر الجهات المصدرة وأن تأتي معظم الإصدارات من ماليزيا والشرق الأوسط.
ومازالت حكومات كثيرة عازمة على الحفاظ على الإنفاق التحفيزي لتعزيز النمو حتى تعود اقتصاداتها لنمو أكثر متانة.
وتراجع العائد على مؤشر HSBC وبورصة دبي العالمية للصكوك بالدولار الأمريكي 5.378 إلى 7.011 في 22 كانون الثاني (يناير) من آذار (مارس) العام الماضي مقارنة بمؤشر السندات التقليدية بالدولار الأمريكي في الشرق الأوسط الذي انخفض 3.356 في الفترة نفسها.
لكن الدراسة البحثية التي صدرت عن مركز دبي المالي العالمي، تتوقع أن تتجاوز قيمة إصدارات الصكوك في عام 2010 حاجز 200 مليار دولار رغم تراجعها في عامي 2008 و2009 مقارنة بـ 2007 وذلك بفعل الطلب المتزايد الذي يأتي بالدرجة الأولى من الصناديق السيادية والبنوك وشركات التأمين وصناديق المعاشات في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية.
وقال الدكتور ناصر السعيدي رئيس الشؤون الاقتصادية في مركز دبي المالي العالمي، إن مستوى إصدار السندات ارتفع بشكل كبير منذ عام 2003 ولكن لوحظ تراجع في عدد وحجم السندات الصادرة في عام 2008 أسوة ببقية أنحاء العالم، ومع انتعاش إصدارات السندات العالمية في عام 2009 أخذت الشركات المقترضة ذات العائدات العالمية تعود إلى السوق مجدداً وارتفعت إصدارات السندات الخارجية في الأسواق الناشئة حيث وصلت إلى 85 مليار دولار تقريباً منها 40 في المائة سندات سيادية.
في السياق ذاته توقع تقرير «الأهلي كابيتال» أن تصدر دول الخليج سندات إسلامية (صكوك) تقدر قيمتها بنحو 50 مليار دولار خلال العام الجاري 2010، مبيناً أن الصكوك سوف تتمكن من اللحاق بنظيرتها التقليدية التي شهدت تعافياً سريعاً في الخليج خلال الفترة الأخيرة. وكشف التقرير عن تعافي أسواق الدين الخليجية واستمرارها في التحسن خلال الربع الأخير من عام 2009، وذلك بإصدارات جديدة من السندات والصكوك بمبلغ 36.4 مليار دولار، ليصل المبلغ خلال العام بأكمله إلى ما يزيد على 73.2 مليار دولار.

الأكثر قراءة