المساجد وزيادة السكان .. التوسعة أم البناء الجديد؟
مع التزايد السكاني والمتغيرات الاجتماعية التي تشهدها المدن الإسلامية، تتزايد الحاجة إلى بناء مساجد جديدة، وهنا تتباين الآراء وتختلف، ولا سيما الهندسية منها، إذ يدعو فريق من المهندسين والناس العاديين إلى توسعة المساجد الموجودة بدلاً من بناء جديدة، ويعللون ذلك بالحفاظ على وحدة المسلمين وعدم تشتيتهم والأخذ بالسنة النبوية الشريفة في توسعة المساجد، واتباع السلف، وفي هذا الإطار يتحدث المهندس المعماري والاستشاري في الشؤون الهندسية أيمن آل عابد عن إمكانية العمل بهذا الرأي، ولكن مع مراعاة جميع الجوانب المتصلة بعملية التوسعة إذ يقول «نعم بالإمكان توسعة المساجد بقدر يفي بالزيادة في إعداد المصلين، وأما من الناحية الهندسية فإن هذا ممكن لكنه يعتمد على عدد من العوامل أهمها: جاهزية الهياكل الإنشائية وإمكانية التعامل معها في حالة التوسعة، وجود مساحات كافية حول المسجد تمكن من التوسعة، وجود الانسجام البيئي، وهذا مطلوب حتى لا تؤثر التوسعة في الإضاءة «حجب ضوء الشمس» أو التهوية الطبيعية على سبيل المثال لا الحصر، وكذلك حيث لا تؤثر سلبا في جيران المسجد من السكان.
#2#
ومن العوامل أيضاً ضرورة إجراء الحسابات الهندسية اللازمة قبل التوسعة للتأكد من أنها - أي التوسعة - ستفي بالاحتياج حتى لا يتكبد القائمون على أمر البناء المزيد من الخسائر المالية، وأضاف أن مثل هذه الخطوة تعين كذلك القائمين على البحث عن بدائل أخرى وذلك في حال التعرف على عدم جدوى التوسعة كأن يبنى مسجد آخر قريب في المنطقة.
ومن العوامل كذلك يقول آل عابد ضرورة وجود مساحات كافية لمواقف السيارات لمقابلة الزيادة في أعداد المصلين المحتملين.
وفي إطار التوسعة نفسها يدعو آل عابد إلى البحث في الزيادة الرأسية وليست الأفقية فقط وذلك بعد التأكد من الحمل الإنشائي، فكثير من المساجد يوجد بها أسطح مهجورة ومساحات مهدورة يمكن الاستفادة منها.
مواكبة الزيادة السكانية
وفي السياق نفسه دعا آل عابد إلى ضرورة مواكبة الزيادة الكبيرة في التعداد السكاني وتوسعة البناء قائلاً «لاشك أن الزيادة السكانية التي تشهدها السعودية»، وهي أكبر معدل زيادة سكانية في العالم حسب تقارير الأمم المتحدة «واكبها الكثير من العمل التخطيطي الذي هو في حاجة إلى التطبيق والتنفيذ».
ومضي قائلاً «جرت سنة الله سبحانه وتعالى في الكون بالزيادة في ظل استقرار المجالات الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية والأمنية والدينية، وهي زيادة لا بد أن يواكبها تخطيط لمقابلة الاحتياجات اللازمة، ومن أبرز هذه الاحتياجات الزيادة في أعداد المساجد (الجديدة) من جانب وتوسعة المساجد الحالية حني تتسع للمصلين الذين زادت أعدادهم».
دراسة الاحتياجات العمرانية
وفي تعليله لأسباب هذه الزيادة قال آل عابد هي جزء من مظاهر التحضر التي دفعت الناس إلى الانتقال من الريف إلى المدن بأعداد هائلة خاصة في دول العالم الثالث، ومن المشهود أن الدول المتقدمة استطاعت التعامل مع ظاهرة التحضر والظواهر المصاحبة لها بطرق علمية جيدة منها إعداد المخطط العام Master Plan الذي يهتم بدراسة الاحتياجات العمرانية المستقبلية بدقة وبطرق علمية مدروسة تعتمد على حساب معدل المواليد والزيادة السكانية في المدن ومعدل الوفيات، وبالتالي بالإمكان تحديد الاحتياج الفعلي والطلب المتزايد على الخدمات من مساجد ومدارس ومستشفيات وطرق... إلخ، إضافة إلى العناية بالمخطط الهيكلي Structure Plan والذي يعنى بدراسة الوضع الحالي والمستقبلي، وتحديد الاحتياج الفعلي للسكان، ولكن في المجالات العمرانية الثلاثة والاقتصادي والاجتماعي، ومن هنا أدعو إلى ضرورة العمل والتخطيط بشكل مستمر لمقابلة هذه المتغيرات.
#3#
استغلال المساحات في المساجد
من جهته، أيد الشريف هاشم النعمي إمام مسجد السلطان سابقا في الرياض ما ذهب إليه المهندس آل عابد وقال إن دراسة الاحتياجات العمرانية المستقبلية بدقة وبطرق علمية مدروسة أمر مهم، فالتخطيط في حياتنا له أهميتها، حيث إنه يسهم في تحديد الاحتياجات في شتى المجالات، وليس قضية المساجد فقط، كما أنني مع استغلال المساحات في المساجد التي غالبا ما تكون مكشوفة، حيث يمكن ضمها للمسجد الرئيس، ويمكن الاستفادة من مهارات المهندسين البارعين في تصميم هذه الإضافات، خصوصا أن بعض هذه المساحات تحتاج إلى جهد هندسي حتى تظهر بشكل مناسب، وكذلك لابد من متابعة الإحصائيات التي تفيد بتزايد النمو السكاني السعودي ومعالجة هذا الجانب من جميع الجوانب ومنها إنشاء مساجد بمساحات مناسبة يستفيد منها الجيل المقبل، وأرجو أن تكون هناك مراعاة لجميع مرافق المساجد ومنها إيجاد مواقف سيارات مناسبة تحل مشكلات المواقف التي يعانيها المصلون عند المساجد وخصوصا الأحياء الشعبية، وأسأل الله العلي القدير أن يوفق القائمين على هذه المسؤوليات لما يعود بالنفع على البلاد والعباد.