رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مرئيات حول العملة الخليجية

إن العملة الخليجية الموحدة التي من المفترض إصدارها عام 2010 يترتب عليها إنشاء مجلس نقدي يعد لإنشاء بنك مركزي يتمتع بالاستقلالية التامة يكون من مهامه رسم وتنفيذ السياسة النقدية، وسياسة سعر الصرف للعملة الموحدة، ومن ثم إصدار عملة موحدة تحل محل عملات دول الأعضاء مستندين في ذلك إلى تجربة الاتحاد الأوروبي وتوجه الدول الخليجية نحو الاندماج الضريبي والنقدي الكامل فتجربة اليورو الناجحة تحفز دول الخليج للتوجه إلى الاتحاد النقدي ومن ثم إصدار العملة الموحدة ويتطلب ذلك توحيد سياسات نقدية واقتصادية في الدول الأعضاء وقد تم إنجاز كثير منها من خلال مشروع الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والتي يتم في إطارها إزالة جميع الحواجز أمام السلع والخدمات والعمالة الوطنية ورؤوس الأموال بين دول المجلس.
لكن في ظل المستجدات التي طرأت على الاتحاد النقدي بانسحاب كل من عمان قبل ثلاث سنوات والإمارات في أيار (مايو).
إن موعد إصدار العملة الخليجية الموحدة سيتأجل وقدر موعد إطلاق العملة عام 2015 في حال تكثيف الجهود والعمل في اللجان المختلفة المختصة بالعملة، ويتضمن البرنامج الزمني لإطلاق العملة الخليجية خططا تشمل تقييم العملة حسابيا، وتسمية العملة، وتعريفها، وتحديد فئات العملة، إضافة إلى جميع الجوانب المتعلقة بإصدار العملة. حيث يكون من ضمن اختصاصات المجلس النقدي وبحسب ما يراه الأعضاء.
حينما نتطرق إلى موضوع العملة الخليجية الموحدة فإن الجانب الأهم في هذا الصدد هو ارتباط العملة الموحدة بالدولار الأمريكي أم سلة عملات؟!
مع العلم بأن ثلاث دول من أصل أربع دول مشاركه البحرين وقطر والسعودية عملتها حاليا مرتبطة بالدولار الأمريكي لسبب جوهري ألا وهو تسعير النفط بالدولار (والذي تعتمد عليه معظم اقتصادات الدول الخليجية) وبما أن العملة الموحدة مرتبطة بالدولار فلن يؤثر في متطلبات إقرارها كعملة ربط حيث إن الدولار عملة التدخل الرئيسة في عديد من الأسواق المالية الإقليمية والدولية، إضافة إلى الواردات والصادرات تقيم بالدولار، إضافة إلى ذلك استثمارات دول المجلس وأصولها بالخارج مقيمة بالدولار.
وتأكيدا على ذلك ما قاله محافظ مؤسسة النقد خلال اللقاء بأن ليس هناك أي عوامل عاطفية أو سياسية لإصرار المملكة على الاحتفاظ بالدولار كعملة ربط وقال «ما يجمعنا مع الدولار أسباب اقتصادية بحتة يأتي على رأسها أنه لا يزال عملة التدخل الرئيسة في أسواق العالم، كما أن 60 في المائة من احتياطيات العالم لا تزال مقومة بالدولار، إلى جانب أن معظم صادرات المملكة تقوم بالدولار كما أن ثلثي وارداتها مقومة أيضا بالدولار».
ومع ذلك فإن تأييد ارتباط العملة الموحدة بالدولار محفوف بالمخاطر ويجب على الدول الخليجية أن تتفادى هذه المخاطر من انخفاض الدولار الذي يرفع معدلات التضخم في الدول التي ترتبط عملتها بالدولار لذلك علينا أن ننوع مصادر الدخل من جهة ولا نعتمد على البترول كمصدر للدخل من ثم فإن هذه العوامل التي ذكرتها تحفز الدول الخليجية لتبني ربط العملة الموحدة بالدولار الأمريكي. إلا أنه يعاب على هذا الارتباط في الأوقات التي يميل فيها الدولار الأمريكي نحو الهبوط فإن ذلك سيعني هبوط قيمة العملة الخليجية الموحدة ، ومن ثم تعاني تلك الدول من ارتفاع في الأسعار نتيجة ارتفاع أسعار الواردات من الخارج، وانخفاض القوة الشرائية لاحيتاطياتها من النقد الأجنبي وكذلك انخفاض القيمة الحقيقة لاستثماراتها في الخارج.
غياب دولتي عمان والإمارات عن العملة الخليجية الموحدة يجب علينا أن ننظر له من الجانب الاقتصادي وليس من الجانب العددي للدول المشاركة.
فلو تكلمنا عن الإمارات فهي تمثل 25 في المائة من الاقتصاد الخليجي وهي ثاني أكبر اقتصاد بعد السعودية فانسحاب الإمارات التي تملك عشر الاحتياطي النفطي العالمي وتملك أكبر صندوق سيادي في العالم وتعد مركزًا إقليميا للمال والأعمال قد ينزع من الاتحاد النقدي الهدف المرجو، خاصة في الأزمة المالية العالمية والآثار الاقتصادية السلبية الناجمة عنها.
وإذا نظرنا إلى انسحاب عمان بسبب عدم تطابق المعايير الاقتصادية للاتحاد النقدي وعدم تكافؤ اقتصادها مع بقية اقتصادات الدول المشاركة أدى إلى انسحابها ومع ذلك فالدول الأخرى المشاركة مضت في الاتفاقية التي طرحت من دون دولة عمان لكن الذي أثار زوبعة هو خروج الإمارات من الاتحاد النقدي وبالتالي من العملة الخليجية الموحدة الذي أثار استغراب الجميع وحطم آمالا كثيرة كانت تتطلع إلى هذا الاتحاد النقدي كاتحاد قوة يحتل المركز الثاني بعد الاتحاد الأوروبي وكعملة قوية لمواجهات الأزمات العالمية كأقوى عملة عالمية من بعد اليورو.
ورغم انسحاب كل من عمان والإمارات فإن ذلك لايثني عزم بقية الدول المشاركة والمضي في إتمامها وبالتالي انسحابهم لن يقضي على الاتحاد النقدي لكن سيخلق فراغا كبيرا فانسحاب الإمارات قد يضعف الوحدة النقدية كقيمة بعكس لو كانت منضمة إلى الاتحاد لكانت عملة خليجية قوية مكتملة.
والخسارة المترتبة على هذا الانسحاب لكلا الجانبين لكن لو قدرناها كنسبة فإن الإمارات ستتكبد الخسارة الأكبر بعد أن قطعوا مشوارا في مشروع الوحدة النقدية وحيث إن اقتصاد الإمارات يمثل ثاني أكبر اقتصاد في إقليم الخليج بأكثر من 100 مليار دولار وهو ما يعني تراجع قيمة العملة الخليجية الموحدة.
وخسارة الإمارات في انسحابها يترك تأثيرا في الهدف الأسمى وهو التكامل الاقتصادي الخليجي ولكن لا يعني خسارة الدول الخليجية خسارة حقيقية.
الإمارات في انسحابها تفقد الميزة التنافسية التي تتحلى بها لو أنها انضمت للعملة الخليجية الموحدة وأيضا ستتحمل قيمة تحويل العملات من الدرهم إلى العملة الخليجية الموحدة فذلك يشكل عبئا على الاقتصاد الإماراتي خصوصا أن حجم التبادل التجاري سيزيد جراء هذا الاتحاد النقدي.
أيضا الأزمات المالية العالمية ستتصدى لها دول الخليج المشاركة في الاتحاد النقدي كقوة مالية عالمية.
أما الإمارات ستتحمل أي أزمة مالية وطبعا سيكون تأثير أي أزمة مالية فيها أشد حدة من تأثيرها في بقية الدول الأربع المشاركة في الاتحاد النقدي.
ومازالت هنالك محاولات جادة تبذل الآن لإقناع الإمارات لمواصلة المسيرة الاقتصادية مع بقية الدول الأربع.
الدول الأربع بحسب إطلاعي على الموضوع ماضية في العملة الخليجية وقدر موعد إصدار العملة الموحدة عام 2015.
ورغم انسحاب عمان من الاتحاد النقدي في البداية إلا أن الدول الخليجية ومنها الإمارات ماضية في العملة الخليجية وحتى من بعد انسحاب الإمارات أخيرا فإنهم ماضون في العملة الخليجية والكل يترقب إصدارها بعد إقرار المجلس النقدي ومن ثم البنك المركزي وإصدار العملة بشكلها النهائي بجميع فئاتها إلى جانب العملات المحلية إلى أن تصبح العملة الموحدة لدول الخليج.
وجود الاتحاد النقدي الذي يضم السعودية، وهي أقوى اقتصاد على مستوى الخليج والمنطقة، أنا في رأيي كاف لاستمرار العملة الخليجية وبجانبها كل من قطر والكويت والبحرين.
لا ننكر مواقف الإمارات وخصوصا أن مجلس التعاون انطلق من أرضها وتحتل المرتبة الثانية كأقوى اقتصاد لكن خروجها لأي سبب كان هو مسألة وقت آملة انضمامها في المستقبل القريب. لأن من فوائد العملة الموحدة إلغاء مخاطر العملات الوطنية، وتقاسم مخاطر العملة بين الدول الخليجية مما يعطيها قوة اقتصادية لا تتحقق للعملات المحلية منفردة وقدرتها في مواجهة أي أزمة مالية.
وبحسب ما قاله أحد المسؤولين أن الإمارات رفضت حاليا التفاوض في هذا المجال وهي في موقف ضعف بسبب أزمة دبي المالية إذن نستشف من ذلك أن انسحابها ليس نهائيا لكن مسألة وقت.
في رأيي أن انسحاب الإمارات من العملة الخليجية بسبب مقر البنك المركزي ليس سببا مقنعا وما زالت دولة الإمارات متحفظة على الأسباب.
لكن نحن نقر اختيار العاصمة الرياض كمقر للبنك المركزي وهذا القرار صائب من دون تحيز لعدة أسباب:
أولها أن السعودية تمثل أكبر قوة اقتصادية خليجية حيث تعد أكبر دولة مصدره للنفط ويحتل اقتصادها المرتبة الأولى على مستوى الخليج والشرق الأوسط حيث إنه يوازي ثلثي الاقتصادات الخليجية, ومن أكثر الدول عالميا امتلاكا لاحتياطات نقدية.
وحيث إنها الدولة الوحيدة في المنطقة المشاركة في عضوية الدول الـ 20 ومن الأعضاء الخمسة الدائمين فيها. ويأتي تأسيس البنك المركزي الخليجي ليكون بذلك ثاني مصرف من نوعه على مستوى العالم بعد البنك المركزي الأوروبي الذي يقع في مدينة فرانكفورت الألمانية.
وقد وقع الاختيار على فرانكفورت، نظرا لأن ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد بين دول الاتحاد الأوروبي المنضمة تحت لواء الاتحاد النقدي. يشار إلى أن بريطانيا، التي تعد عاصمتها أهم مدينة عالمية للخدمات المالية، قررت عدم الانضمام إلى المشروع الأوروبي.
وعلى ما يبدو لي أن الإمارات ستحذو حذو بريطانيا حينما انسحبت من الاتحاد الأوروبي.
أيضا السعودية مقبلة على طفرة في قطاع الخدمات المالية، وخصوصا بعد الشروع في إنشاء مركز الملك عبد الله المالي.
وقد حلت السعودية في المرتبة رقم 27 دوليا على قائمة أكثر الاقتصادات التنافسية في العالم، وقد تقدمت السعودية ثماني مراتب في غضون سنة واحدة، ما يعكس نجاح سياسيات الإصلاحات والنمو المتسارع للاقتصاد السعودي والهادفة إلى الحصول على المراتب المتقدمة كأفضل عشرة اقتصادات جذبا أو تنافسية في العالم.
تعيش السعودية عصرها الذهبي فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية على خلفية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وما صاحب ذلك من تطوير للقوانين والتشريعات الاقتصادية للمملكة لمواكبة هذا النمو المتسارع في الاستثمارات والقطاعات المالية.
علاوة على ذلك المكانة التي يتحلى بها الاقتصاد السعودي من مركز ثقل عالمي وموقع استراتيجي وقدرة الدولة على حماية مصالحها أمنيا.
«نحن نتطلع إلى موعد إصدار العملة الخليجية الموحدة ونترقب ذلك أيا كان المسمى» وتحقيق مفهوم مجلس التعاون الخليجي بكل حذافيره رغم التحديات في إقرار الاتحاد النقدي ومن ثم العملة الخليجية الموحدة».

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي