دبلوماسية الأمن الجديدة للصين
على الرغم من أن الصين حاربت ضد اليابان مع الولايات المتحدة وحلفائها في الحرب العالمية الثانية، إلا أن الولايات المتحدة تخلت عن الصين الشيوعية لصالح حركة شيانج كاي شيك القومية في تايوان، بل تمادت إلى حد إقامة تحالف مع اليابان خصمها السابق.
وبالتالي فقد كان الشركاء الدوليون الرئيسيون للصين في النصف الثاني من القرن الـ 20 من رفاقها الشيوعيين كالاتحاد السوفياتي وكوريا الشمالية. تحت قيادة الرئيس ماو، كانت الصين تؤكد على مفاهيم الحرب والثورة. تغيرت هذه النغمة على يد الزعيم الصيني دنج شياو بينج الذي استبدل هذه الأفكار وجاء مكانها بفكرة أن العالم يسير نحو التنمية وتعدد الأقطاب، حيث يحكم العالم عديد من البلدان والمنظمات العالمية مثل الأمم المتحدة. كما أكد حاجة الصين إلى بيئة دولية مستقرة لتتمكن من تحقيق الإصلاحات الداخلية.
في فترة التسعينيات من القرن الماضي، ومع انهيار الاتحاد السوفياتي، انهارت فكرة تعدد الأقطاب في العالم وبرزت الولايات المتحدة باعتبارها القطب الأوحد للعالم. وبناء عليه قامت الصين بصياغة سياستها الخارجية والأمنية الجديدة التي تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة هي:
1. تأمين بيئة دولية سليمة، ولا سيما في البلدان المجاورة لتتمكن الصين من التركيز على التنمية الاجتماعية والاقتصادية الداخلية.
2. دعم ثراء الصين وسلطتها بطريقة لا تهدد جيرانها.
3. موازنة ما تراه «نفوذا أمريكيا مفرطا في المنطقة».
يتطلب تحقيق هذه الأهداف الثلاثة من قادة الصين إدخال ثلاثة تغييرات هائلة في المواقف الصينية التقليدية فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية والأمنية، حيث إن عليهم السعي إلى:
1. اتخاذ نهج جديد لاتفاقيات وشراكات ومبادرات الأمن الإقليمي.
2. التأكيد على قضايا انتشار وتداول الأسلحة.
3. إبداء مزيد من المرونة بشأن قضايا السيادة، واستخدام القوة والتدخل العسكري.
تمثل دبلوماسية الصين الجديدة الموجهة نحو الأمن فرصا وتحديات للولايات المتحدة التي تدرك أن عليها إدارة التعامل مع هذا الملف بنجاح. فالعلاقات بين الدولتين تعوق تطورها خمس قضايا طويلة الأمد، ألا وهي:
1. تايوان: على الرغم من أن تايوان تبلغ 0.5 في المائة من مساحة الصين إلا أن سيادة الصين على تايوان من الأمور شديدة الحساسية للصين التي عانت كثيرا على أيدي القوات الأجنبية.
2. اليابان: الذكريات المؤلمة والتنافس على الموارد الطبيعية يوتر علاقات الصين مع اليابان ويذكي نيران هذا التوتر اتفاق اليابان مع الولايات المتحدة على النظر إلى قضية تايوان على أنها قضية أمنية مشتركة.
3. الخلافات مع كوريا الشمالية: تتفق الصين مع الولايات المتحدة على نزع السلاح النووي من كوريا إلا أن الصين ترى أن تحقيق هذه الغاية يجب أن يتم في إطار سلمي ودبلوماسي في حين تفضل الولايات المتحدة استخدام القوة.
4. بدائل للتحالفات مع الولايات المتحدة: تتعمد الصين استبعاد الولايات المتحدة من المشاركة فيما تراه أنشطة سياسية إقليمية.
5. الصين وحلفاء الولايات المتحدة: أقام الاتحاد الأوروبي وغيره من حلفاء الولايات المتحدة علاقات استراتيجية مع الصين بما يمثل تهديدا للهيمنة الأمريكية.