أنباء الأرباح لا تجد قبولا في «وول ستريت»
هذا الأسبوع كانت تقارير الأرباح للربع الرابع إيجابية في اثنتين من الشركات الأمريكية الكبرى، وهي شركة إنتل وبنك جيه بي مورجان تشيس الذي فاقت أرباحه توقعات المحللين.
لكن رد الفعل البائس على هذين التقريرين القويين من تقارير الأرباح للربع الرابع (حيث هبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 1 في المائة) يؤكد عبرتين مهمتين حول سوق الأسهم: الأولى هي أن السفر أفضل من الوصول، والثانية هي أنه يجدر بالمستثمرين أن ينظروا إلى ما وراء الأرقام الجميلة التي تحملها عناوين الصحف.
وكانت «إنتل» الشركة العاملة في صناعة رقائق الكمبيوتر من أوائل الشركات في قطاع التكنولوجيا التي افتتحت موسم تقارير الأرباح للشركات الأمريكية للربع الرابع. وقد حطم التقرير توقعات الأرباح، وأعطى صورة إيجابية للغاية عن الآفاق حين أصدرت الشركة نتائجها بعد جرس إقفال الجلسة يوم الخميس.
وهذه الأنباء في البداية زادت من زخم التوقعات بتحسن الأسعار عبر البورصات العالمية، وكان يبدو عليها أنها وضعت الأساس لكي يتقدم مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في نيويورك من الرقم القياسي الجديد منذ 15 شهراً، والذي كان في حدود 1148 نقطة.
لكن جاءت بعد ذلك نتائج بنك جيه بي مورجان تشيس، أول البنوك الاستثمارية الكبيرة في وول ستريت الذي قرر المساهمة والقيام بأمر ما. فهل سيشعر البنك بالإغراء للظهور بمظهر التواضع والتحفظ حتى لا يثير غضب واشنطن أكثر مما فعل؟ الرقم الذي يتهامس به الجميع بين المحللين يوم الجمعة في وول ستريت هو أن البنك يمكن أن يبلغ عن دخل صاف مقداره 75 سنتاً للسهم الواحد، في مقابل الرقم الذي توقعه إجماع المحللين وهو 60 سنتاً للسهم.
ويا للعجب، فقد كان الرقم الذي أعلنه البنك هو 74 سنتاً للسهم الواحد، وماذا كان رد فعل السوق؟ هبط سعر سهم البنك بنسبة 2.5 في المائة، على اعتبار أن المستثمرين بدا عليهم الشعور بخيبة الأمل من نسبة الأرباح على الأسهم «التي بلغت في هذه الحالة 5 في المائة» وشعروا بالقلق من العدد الكبير من حالات التخلف في سداد دفعات بطاقات الائتمان. كان من شأن ذلك أن أدى إلى ضعف عام في الشركات المالية، وبالتالي تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز للبنوك العالمية بنسبة 1.6 في المائة.
وحتى سهم إنتل تراجع قليلاً، وخسر 1.7 في المائة من قيمته في الوقت الذي أخذ فيه المتداولون الأرباح بعد أن حقق السهم ارتفاعاً بنسبة 64 في المائة على مدى الشهور الاثني عشر الماضية.
وتراجع مؤشر فاينانشيال تايمز للأسهم العالمية قليلاً في أعقاب نشر تقرير الأرباح من بنك جيه بي مورجان، بنسبة 0.7 في المائة. في أوروبا فقد مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 مكاسبه، وتراجع بنسبة 0.7 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في لندن تراجع بنسبة 0.5 في المائة.
وفي التعاملات الآسيوية السابقة على التعاملات الأوروبية واصلت الأسهم تقدمها. تحسن وضع أسهم شركات التكنولوجيا بفعل تقرير الأرباح من إنتل، لكن النشوة تأثرت سلباً بفعل البيانات الاقتصادية الضعيفة من الولايات المتحدة يوم الخميس. وكان أداء الأسهم الصينية متبايناً، حيث سجل مؤشر شنغهاي المركب زيادة بنسبة 0.3 في المائة في الوقت الذي ارتفعت فيه أسهم شركات العقارات بنسبة 1.8 بعد عمليات البيع القوية في الفترة الأخيرة، لكن مؤشر هونج كونج تراجع بنسبة 0.3 في المائة. وساعدت أسهم شركات التكنولوجيا على رفع مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 0.7 في المائة ليسجل أعلى مستوى له منذ 15 شهراً.
وظل الطلب متواصلاً على السندات الحكومية في أعقاب مزاد ناجح آخر للسندات الأمريكية يوم الخميس. وعرضت الحكومة للمزاد سندات لأجل 30 سنة بقيمة 13 مليار دولار، وتخاطفها المتداولون بسرعة، ما ساعد على دفع العوائد إلى الأدنى بصورة حادة. وكان الحديث في قاعات التداول في شيكاغو يدور حول المتداول الغامض الذي اشترى السندات الأمريكية، الذي يرى معظم المراقبين أنه الحكومة نفسها، في خطوة تهدف إلى وضع سقف على العوائد المتصاعدة على السندات طويلة الأجل.
وفي يوم الجمعة تراجعت العوائد مرة أخرى بنسبة 6 نقاط أساس للسندات لأجل 30 سنة، بحيث وصل سعر الفائدة إلى 4.57 في المائة، وتراجعت العوائد في سوق السندات لأجل عشر سنوات بنسبة سبع نقاط أساس، ليصل سعر الفائدة إلى 3.67 في المائة. الأنباء القائلة إن أسعار المواد الاستهلاكية في الولايات المتحدة ارتفعت في كانون الأول (ديسمبر) بنسبة تقل عن التوقعات، هذه الأنباء أعطت مزيدا من المساندة إلى سندات الخزانة الأمريكية، في الوقت الذي أشارت فيه تحليلات المستثمرين إلى أن معدل التضخم الحميد قلل من الحاجة إلى قيام البنك المركزي الأمريكي بالإسراع في تشديد السياسة النقدية ورفْع أسعار الفائدة الرسمية. وسينشر تقرير جامعة ميشيغان حول المزاج العام للمستهلكين في فترة لاحقة.
وقبل أن تُنشَر بيانات مؤشر الأسعار الاستهلاكية أشار ديفد روزنبيرج، من مؤسسة جلاسكين شيف Gluskin Sheff، إلى أنه لن يكون هناك ضغط يذكر على البنك المركزي الأمريكي على نحو يدفعه إلى اتخاذ إجراء حول أسعار الفائدة في وقت قريب.
وقال «الاحتمال الذي يفترضه السوق بخصوص زيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي تراجع بصورة كبيرة ليصل إلى 34 في المائة بالنسبة للاجتماع الذي سيعقد في شهر حزيران (يونيو) 2010. وفي رأينا أن هذا الاحتمال سيصبح صفراً خلال فترة ليست بالطويلة».
والسمة الرئيسية في أسواق العملات الأجنبية كانت الضعف في اليورو، حيث كانت هناك تخمينات بأن أنجيلا ميركل يمكن أن تستقيل من منصبها كمستشارة لألمانيا، لكن تبين أنها تخمينات غير صحيحة، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تحسن المزاج العام بخصوص اليورو.
ولم يتحسن المزاج العام كذلك بفعل تصريحات جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي الذي قال إن أوروبا تعاني مشكلة كبيرة في السندات، وإن اليونان يتعين عليها أن تعمل على حل مشكلاتها بنفسها. وهبط اليورو بنسبة 0.8 في المائة في مقابل الدولار، وتراجع بنسبة 1 في المائة في مقابل الين، وكان من شأن تعليقات تريشيه أن توسعت الفروق بين العوائد على سندات الخزانة الألمانية وسندات الخزانة اليونانية لأجل عشر سنوات بنسبة تزيد على 285 نقطة أساس في إحدى المراحل.
وسجل الدولار تقدماً واسعاً، حيث ارتفع بنسبة 0.5 في المائة على أساس الوزن التجاري النسبي، رغم أن ديفد بلوم، من بنك HSBC، جادل بأن الدولار سيواصل هبوطه مع تقدم هذا العام. وقال «التعافي في حظوظ الدولار يتطلب أن يكون المستثمرون الأجانب متحمسين حول الموجودات الأمريكية. وبالنظر إلى الاختلالات المالية المحلية، فإن هذا يبدو أمراً بعيد الاحتمال، على اعتبار أننا نتوقع أن يظل الدولار ضعيفاً خلال عام 2010». وقوة الدولار زادت من الضغط على الذهب، الذي هبط بنسبة 0.8 في المائة ليصل إلى 1134 دولاراً للأوقية. وهبط النفط بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى 78.90 دولاراً للبرميل.