«المنتدى الاقتصادي العالمي» يحذر من الانعكاسات الطويلة للأزمة العالمية

«المنتدى الاقتصادي العالمي» يحذر من الانعكاسات الطويلة للأزمة العالمية

أبرز المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره السنوي الذي أصدره، أمس، أهم المخاطر الأساسية التي أسهمت في الأزمة المالية والانكماش الاقتصادي وتفاقمت بسببها. ومن أهمها الأزمات المالية والبطالة ونقص الاستثمار في البنية التحتية والأمراض المزمنة. وصدر التقرير باسم «المخاطر العالمية 2010».
كما حدد التقرير مخاطر شاملة بطبيعتها، وتحتاج إلى حوكمة عالمية أفضل، وهي الجرائم الدولية والفساد وفقدان التنوع البيولوجي، والخروقات الإلكترونية.
وأوضح التقرير أن أحداث العام الماضي أظهرت حاجة ملحّة إلى تغيير أسلوب التفكير بشأن المخاطر العالمية وكيفية إدارتها. ونظراً لمستوى الترابط غير المسبوق بين تلك المخاطر، يشدد التقرير على أن الحاجة إلى معالجة ثغرات الحوكمة العالمية أضحت اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، مشيراً إلى أنه لا يمكن تحقيق هذا الأمر إلا عبر إعادة نظر شاملة في القيم والسلوكيات الحالية من جانب صانعي القرار بغية تحسين مستوى التنسيق والإشراف.
وبحسب روبرت جرينهيل، المدير العام والرئيس التنفيذي للأعمال في المنتدى الاقتصادي العالمي، يسلّط «المخاطر العالمية لعام 2010» الضوء على التحديات التي تنتظرنا مستقبلاً، قائلاً: «تؤكد نتائج التقرير أنه يجب علينا مواجهة التحديات التي يفرضها الترابط غير المسبوق بين المخاطر. فالأزمة المالية والركود الذي تلاها خلقا بيئة أكثر عرضة للمخاطر التي يمكن أن تتحول مستقبلاً إلى أزمات إن لم تتم معالجتها».
ويتم نشر تقرير «المخاطر العالمية» سنوياً قبل انعقاد الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، ويتم إعداده بالشراكة مع «سيتي جروب» و»شركات مارش آند ماكلينان» و»سويس ري» و»مركز المخاطر في كلية وارتون» و»مجموعة زيورخ للخدمات المالية». ويمثل هذا التقرير خلاصة مشاورات على مدى عام كامل بين خبراء من قطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية وصانعي السياسات. ويأتي نشر التقرير في نسخته الخامسة بالتزامن مع الذكرى السنوية الـ 40 لتأسيس المنتدى الاقتصادي العالمي.
ويتناول تقرير «المخاطر العالمية لعام 2010» تأثير الأزمات المالية والتداعيات الاجتماعية والسياسية لارتفاع معدلات البطالة في عدة اقتصادات رئيسية؛ فالنماذج الحالية للصحة والتعليم ومكافحة البطالة ترزح تحت ضغط شديد جراء الأزمة المالية، ناهيك عن التداعيات البعيدة المدى لارتفاع متوسط الأعمار.
وعلّق دانييل إم هوفمان، كبير الخبراء الاقتصاديين في مجموعة زيورخ للخدمات المالية، قائلاً: «أظهرت الأحداث التي جرت العام الماضي، أن الاقتصاد العالمي ينطوي على العديد من المخاطر الكبرى التي تحتاج إلى معالجة. وكردّة فعل تجاه الأزمة المالية، وضعت دول عديدة نفسها أمام مخاطر مالية كبيرة، ناهيك عن كونها مثقلة بديون هائلة من الصعب إدارتها. وقد يسهم ذلك في زيادة الضغوط على أسعار الفائدة الحقيقية، ويعرقل مسيرة النمو، ويرفع معدلات البطالة إلى مستويات عالية ولفترة طويلة».
ويشير التقرير إلى تأثير الركود العالمي في تراجع الاستثمار في البنية التحتية لأمد طويل، وارتفاع تكاليف علاج الأمراض المزمنة. بالطبع إن هذه المخاطر لم تظهر بين عشية وضحاها، ولكن الركود أضعف قدرة صانعي القرار على مكافحتها على النحو المطلوب.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي، هناك حاجة إلى استثمار 35 تريليون دولار في البنية التحتية على مدى السنوات الـ 20 المقبلة. وفي هذا السياق، قال راج سينج، كبير مسؤولي إدارة المخاطر في سويس ري: «يشكل هذا الوضع خطراً على الزراعة والأمن الغذائي بشكل خاص. فهناك حاجة إلى زيادة إنتاج الأغذية بشكل كبير لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان حول العالم، علماً أنه يوجد فعلياً الآن مليار شخص يعانون سوء التغذية. علاوة على ذلك، هناك حاجة إلى إنفاق مليارات الدولارات على توفير المياه وإمدادات الطاقة ووسائل النقل وتدابير التكيف مع التغير المناخي، ويتعين على الحكومات أن تعمل جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص لتحقيق ذلك. بدورها، يمكن لشركات التأمين أن توفر أدوات لإدارة المخاطر من شأنها أن تضمن المزيد من الاستقرار المالي للمزارعين والقطاع الزراعي».
ويبرز التقرير أيضاً أنواعاً من المخاطر لا يتوافر حالياً ما يكفي من الوعي والاستعداد لمواجهتها، بما في ذلك الجرائم الدولية والفساد والخروقات الإلكترونية، وفقدان التنوع البيولوجي.
ويشير تقرير «المخاطر العالمية لعام 2010» إلى أن تأثيرات الأزمة المالية والركود الذي أعقبها، أدى إلى وجود رغبة أشد واستعداد أكبر للتعاون والتنسيق لوضع استراتيجيات مشتركة وتطوير حوكمة عالمية أكثر فاعلية من أجل التصدي للمخاطر العالمية. ومع ذلك، حذرت شينا تامبورجي، محررة التقرير ومدير ورئيس شبكة المخاطر العالمية في المنتدى الاقتصادي العالمي، قائلة: «إن الأشهر القليلة المقبلة ستشكل اختباراً حقيقياً لرغبة صانعي القرار في العالم ومدى استعدادهم للتعاون من أجل التصدي للمخاطر العالمية. وببساطة، إن العودة إلى ’نموذج الأعمال المعهود‘، قد تتسبب في تفاقم عدد من تلك المخاطر، على المدى الطويل».

الأكثر قراءة