حظر الإقراض للجهات العامة لن يؤثر في الإقراض المصرفي للأفراد والشركات
أكد عبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، أن حظر إقراض البنوك المركزية الوطنية في دول الوحدة النقدية للجهات العامة ليس له علاقة من قريب أو بعيد بإقراض البنوك للأفراد أو الشركات، بل إن هذا الأمر قد يحرر مزيداً من السيولة في الاقتصاد على المدى البعيد.
ومعلوم أن اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي تحظر على البنك المركزي الخليجي والبنوك المركزية الوطنية في الدول الأعضاء إقراض الجهات العامة، وتوجب تصفية الأرصدة القائمة للقروض الممنوحـة من البنوك المركزية الوطنية لهـذه الجهات قبل إصدار العملة الموحدة، كما تحظر عليها القيام بعمليات شراء مباشر لأوراق مالية وغيرها من أدوات الدين التي تصدرها الجهات العامة، على أن هذا الحظر لا يسري على المؤسسات المالية. فيما يُسمح للبنك المركزي والبنوك المركزية الوطنية - دون الإخلال بما تقدم - بشراء هذه الأدوات في السوق الثانوية، وذلك في إطار تنفيذ عمليات السوق المفتوحة، كما يجوز قبولها كضمان.
وقال العطية إنه في سياق صياغة اتفاقية الاتحاد النقدي، أجمعت مؤسسات النقد والبنوك المركزية الوطنية في الدول الأعضاء على أهمية أن لا يقوم البنك المركزي الخليجي أو البنوك المركزية الوطنية بإقراض الجهات العامة عند إطلاق العملة الموحدة وأنه يجب تصفية أي أرصدة قائمة إن وجدت قبل إطلاق العملة، مبينا أن المقصود بالجهات العامة هنا هي المؤسسات الحكومية والجهات الأخرى التابعة لها. وأشار إلى أن عمليات الإقراض التي يقوم بها أي بنك مركزي (بأي صفة كانت) تهدف بالدرجة الأولى للتحكم في مستوى السيولة في الاقتصاد وتنفيذ عمليات السياسة النقدية وليس بهدف الإقراض البحت، وأن فتح المجال للبنوك المركزية لإقراض الجهات العامة قد يقلل من استقلاليتها ويحد من قدراتها.
وأكد أمين عام مجلس التعاون الخليجي على أن هذا الأمر يشكل منهجاً لتحقيق الكفاءة لأي بنك مركزي بدرجة أو بأخرى بما فيها البنوك المركزية الوطنية في دول المجلس، لأن الهدف الأسمى من حظر الإقراض هو ضمان الاستقرار النقدي لمنطقة العملة الموحدة، كاشفا في هذا الصدد بأن القروض الممنوحة للجهات العامة ليست بالكبيرة، وأنها ليست مثار جدل بين الدول الأعضاء على الإطلاق، بل إن هناك إجماعا مسبقا بشأنها، وسيتولى المجلس النقدي وضع الإجراءات اللازمة للتأكد من تنفيذ هذه الاشتراطات.
ولفت العطية، إلى أن اتفاقية الاتحاد النقدي مرت بمناقشات مستفيضة استمرت لأكثر من سنتين بإسهامات مقٌدرة من وزارات المالية ومؤسسات النقد والبنوك المركزية الوطنية حتى خرجت الاتفاقية بصيغتها النهائية عام 2008 وبموافقة ومباركة من الدول الأعضاء، مفيدا أن هذه الاتفاقية ارتكزت على أربعة محاور رئيسية تتمثل في الإطار القانوني لمشروع الاتحاد النقدي، طبيعة ومهام مؤسسات الاتحاد النقدي، طبيعة العلاقة بين مؤسسات الاتحاد النقدي ومؤسسات النقد والبنوك المركزية الوطنية في الدول الأعضاء، والتزامات الدول الأعضاء تجاه متطلبات الاتحاد النقدي. كما أشار إلى أن متطلبات الاتحاد النقدي والتزامات الدول الأعضاء تجاهها وضعت في الأصل لتحقيق هدف الاستقرار المالي والنقدي لمنطقة العملة الموحدة كالالتزامات فيما يتعلق بتنسيق السياسات المالية، ومواءمة التشريعات الوطنية لاحتياجات الاتحاد النقدي.
وفي السياق ذاته، أوضح أمين عام مجلس التعاون أن التحضيرات تتم بخطى حثيثة نحو التهيئة لقيام المجلس النقدي بين الأمانة العامة والدول الأعضاء، متوقعا أن يعقد مجلس إدارة المجلس النقدي اجتماعه الأول خلال آذار (مارس) المقبل. وذكر أن المجلس النقدي يتكون من مجلس إدارة وجهاز تنفيذي، بحيث تتألف عضوية مجلس الإدارة من محافظي البنوك المركزية الوطنية في الدول الأعضاء، ويختار مجلس الإدارة من بين أعضائه رئيساً ونائباً للرئيس لمدة سنة واحدة، على أن يعقد مجلس الإدارة ستة اجتماعات في السنة على الأقل.
وحول النتائج المتوقعة لقيام المجلس النقدي، قال العطية إن التفاصيل الفنية الدقيقة لمشروع الاتحاد النقدي تتطلب وجود مؤسسة بحجم ومسؤوليات المجلس النقدي خصوصاً في هذه المرحلة من المشروع، حيث سيعنى هذا المجلس بتحويل اتفاقية الاتحاد النقدي إلى برامج عمل وخطط تنفيذية لإطلاق عملة موحدة قوية، وسيكون هذا المجلس زهرة جديدة في إكليل العمل الخليجي المشترك وخلية عمل دؤوب لتحقيق أهداف قادة دول المجلس، فالهدف في نهاية المطاف ليس إطلاق عملة موحدة فقط، بل بناء المؤسسات القادرة على إطلاق عملة قوية وحماية هذه العملة والمحافظة على قيمتها.
وبموجب اتفاقية الاتحاد النقدي والنظام الأساسي تلتزم الدول الأعضاء بالتشاور مع المجلس النقدي فيما يتعلق بأي تشريع مقترح يتعلق بالاتحاد النقدي، وتتألف العضوية في المجلس النقدي من البنوك المركزية الوطنية، كما يحظر على المجلس وعلى أي عضو من أعضاء مجلس إدارته وجهازه التنفيذي تلقي أي تعليمات أو توجيهات من أي من أجهزة مجلس التعاون أو حكومات الدول الأعضاء أو من الغير من شأنها التأثير في أداء واجباتهم ومهامهم الموكلة إليهم. ويختص الجهاز التنفيذي للمجلس النقدي بإعداد الدراسات الخاصة بالخطط والبرامج المتكاملة المتعلقة بأهداف ومهام المجلس النقدي ورفعها إلى مجلس الإدارة، حيث يتم تنفيذ قرارات وتوصيات مجلس الإدارة وإعداد التقارير والدراسات التي يطلبها مجلس الإدارة، ومشاريع اللوائح والقرارات، والميزانيات والحسابات الختامية للمجلس النقدي، وأي مهام أخرى تسند إليه من مجلس الإدارة.