حظر المآذن .. انتحار اقتصادي على الطريقة السويسرية
لم يقتصر قرار حظر المآذن في سويسرا على كونه شأناً دينياً أو عنصرياً ولكن السجال حول هذا الأمر امتد إلى الناحية الاقتصادية في ظل الدعوات المتسارعة إلى مقاطعة المسلمين البضاعة السويسرية الأربح وهي العمل المصرفي. ويشير عديد من التقارير إلى أن البنوك السويسرية ستجد نفسها في مأزق حرج إذا تم تفعيل دعوات المقاطعة, حيث إن الأموال المودعة من قبل المسلمين في البنوك السويسرية ليست بالقليلة.
يأتي قرار حظر بناء المآذن في الوقت الذي تسعى فيه سويسرا لاستقطاب الأسواق الناشئة وفتح أبواب بنوكها أمام اللاعبين في تلك الأسواق. ولكن هذا القرار يجهض عديدا من تلك الطموحات فيما يتعلق بأموال الأسواق الإسلامية, بحسب ما جاء في تقرير نشرته وكالة رويترز, يوضح أن سويسرا كانت قبلة لثروات الشرق الأوسط, وذلك بسبب الاستقرار السياسي الذي تنعم به, فضلاً عما عرفت به في السابق من حيادية. ويضاف إلى هذا عنصر مهم وهو قانون السرية المصرفية الذي تكاد تنفرد به سويسرا. وكان العرب يتجهون نحو الشق الناطق بالفرنسية من جنيف ليكون خزانة ثرواتهم.
ويرى التقرير أن محاولات المسؤولين السويسريين للتقليل من آثار التصويت ضد حظر المآذن لم تجد في طمأنة المسلمين الذين رأوا فيه بداية إجراءات عنصرية. وقد خرج كبار المسؤولين في سويسرا سواء من الساسة أو المصرفيين ليؤكدوا أن القرار لن يمس حرية الاعتقاد أو أداء الشعائر أو حتى اعتراف سويسرا بالإسلام كدين.
تصويت ضد المصرفية وليس المآذن
ومن جانبه أعرب جيمس نيسون – المتحدث باسم رابطة المصرفيين السويسريين - عن استياء العاملين في قطاع المصرفية في بلاده من نتيجة الاستفتاء ومن ثم ما يليه من قرارات, حيث إن هذا يتعارض مع المبادئ التقليدية التي تميز العمل المصرفي في سويسرا من الانفتاح والتسامح - على حد تعبيره. كما أضاف أن هذه النتيجة وتوابعها قد تبعث برسالة خاطئة للمجتمعات الإسلامية. وقال إن العملاء المسلمين باتوا أكثر أهمية بالنسبة للبنوك الخاصة التي يطور بعض منها منتجات إسلامية. كما يعتبر هؤلاء العملاء من المناطق سريعة النمو في البنوك الخاصة, نظراً لأن خيارات الاستثمار بشكل عام لا تتأثر بقضايا الضرائب كما هو الحال في الغالب بالنسبة للعملاء الأمريكيين والأوروبيين. ويزيد من أهمية العميل المسلم أن البنوك السويسرية شهدت أخيراً حملات هجوم شرسة من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية فيما يتعلق بمسألة سرية الحسابات. ولهذا أصبح أمراً ملحاً للبنوك الخاصة في سويسرا أن تعمل على تنويع قاعدة عملائها, ولا سيما مع اللهاث المتسارع لبدء أعمال في منطقة الخليج العربي.
من جانبه يرى ستيف برنارد - المدير في اللوبي المالي المعروف باسم Geneve Place Financiere - أن التصويت لم يكن ضد المجتمع الإسلامي بقدر ما كان ضد صناعة المصرفية. ويضيف أن البنوك بات عليها أن تقوم بمهمة شرح نتيجة التصويت على حظر المآذن لعملائها المسلمين بدلاً من أن تتفرغ لتقديم منتجات جديدة تسهم في نموها.
#2#
وأشار بنك UBS – أكبر البنوك السويسرية من حيث الأصول المملوكة - إلى أن الأسواق الناشئة بما فيها منطقة الشرق الأوسط والخليج تبلغ قيمة إدارة الثروات فيها 1.9 بليون فرنك فرنسي من مجموع 846 بليون فرنك. كما أوضح البنك أنه يرمي لتعزيز موضعه في كل من المملكة السعودية والإمارات العربية والكويت ومصر. أما بنك كريدي سويس Credit Suisse ) CSGN) ثاني أكبر البنوك الكبرى في سويسرا فقد أشار إلى أنه يستهدف أصولا جديدة في الشرق الأوسط والهند تراوح قيمتها بين 15 و20 بليون فرنك سويسري بحلول عام 2012.
ويسعى المسؤولون في البنوك الخاصة إلى التقليل من تأثير نتيجة التصويت على حظر المآذن, مشيرين إلى أن الطبقة الأكثر ثراءً بين المسلمين لا تهتم كثيراً بذلك السجال الدائر حول القضية. ويقول هانز أورليك مايستر رئيس بنك كريدي سويس إن المستثمرين الكبار يعتبرون محترفين ومن ثم يمكنهم التفرقة بين ما سماه الديمقراطية المباشرة التي اختارت حظر المآذن وبين حرية العقيدة التي لم تمسها الدولة. وأضاف أنه لا يعتقد أن التصويت بحظر المآذن سيكون له تأثير ضخم، إلا أنه دعا الحكومة لتقديم إجابات سياسية على هذه القضية حتى تتضح الصورة.
ولكن نيسون – المتحدث باسم رابطة المصرفيين السويسريين - يعترف بأن هذا التصويت ستكون له نتائج سلبية حتى وإن كانت محدودة, إلا أنه أضاف أن العملاء يختارون البنوك التي يتعاملون معها بناءً على الجودة والتنافسية.
ويشير تقرير "رويترز" إلى أنه على الرغم من أن البنوك الخاصة في سويسرا وعديد من دول العالم تركز بصورة كبيرة على المصرفية الإسلامية, إلا أن هناك نسبة من المستثمرين لا تزال تختار المنتجات التي لا تحمل صبغة إسلامية. وفي هذا الصدد يقول توبي بريتش - صاحب مؤسسة Birch Assets والخبير في التمويل الإسلامي - في أوقات الأزمات يعمد الجميع إلى البحث عن الفزّاعة, التي تكون غالباً شخصاً أجنبياً أو ديناً مختلفاً, وقد وجدتها الحكومة السويسرية في المسلمين العاملين؛ فالنسبة الأكبر منهم من خارج سويسرا ويدينون بدين مختلف. وعلى الرغم من ذلك يقلل بريتش من تأثير الحملة الأخيرة, مشيراً إلى أن أغلبية استثمارات المسلمين في البنوك التقليدية.
#3#
ضربة للاقتصاد السويسري
وثمة إجماع من أصحاب التوجهات المختلفة على أن القرار السويسري لا يصب في مصلحة اقتصاد ذلك البلد الغني بثروات الغير.
وقد خرج برنار كوشنير – وزير الخارجية الفرنسي - ليؤكد أن جنيف يجب أن تتراجع عن قرارها بمنع بناء المآذن, لما لذلك القرار من تأثيرات سلبية في الاقتصاد. وأضاف – في حوار بإذاعة RTL - أنه صعق بنتيجة الاستفتاء الذي أجري في سويسرا. وقال إنه يجب أن تسأل نفسك: من المستهدف من مثل هذ القرار؟ وإذا كان الهدف هم نموذج المسلمين المعتدلين الذي طالما نادت به أوروبا فلا شك أن هناك خطأً شنيعاً يرتكب.
من جانبها, لا تنكر الحكومة السويسرية أن الاقتصاد سيتأثر من جراء نتيجة التصويت بحظر المآذن على الرغم من محاولات تهدئة الرأي العام المسلم. وأكدت إيفلين فيدمر شلومف وزيرة العدل السويسرية أنها ترى أن العلاقات التجارية مع عديد من الدول ستكون أكثر صعوبة بعد إصدار قانون يمنع بناء مآذن جديدة في سويسرا. وهناك عديد من الشركات التي تعتبر الأسواق الإسلامية الأهم بالنسبة لها مثلما هو الحال في مجموعة ABB Ltd الهندسية. ولعل أبرز مثال هو شركة نستله للأغذية Nestlé SA التي تمتلك أكثر من 50 مصنعاً في الدول الإسلامية، كما تعتبر من أكبر الشركات التي تقدم أغذية حلال – مطابقة للشريعة الإسلامية - في العالم. وقد بدأت الشركة في طرح المنتجات الحلال في أوروبا مستهدفة بذلك أعداد المسلمين المتزايدة في قارة أوروبا. ولم تتوان الشركة عن الإعلان – عقب صدور نتيجة الاستفتاء - أنها لا يمكن أن يكون لها علاقة بأية ممارسات تتعلق بالتفرقة - بحسب ما أوردته تقارير "وول ستريت جورنال".
#4#
فيما اعتبرت شبكة euronews الإخبارية أن سويسرا ستدفع الثمن غالياً للقرار المزمع بحظر بناء المآذن, على خلفية الاستفتاء الذي أجري أخيراً. وقالت الشبكة إن جنيف بذلك تدعو المسلمين صراحةً لإخلاء خزائن بنوكها العامرة بأموال مسلمي العالم.
أصوات المقاطعة تعلو
ويرصد تقرير لصحيفة "لا تريبيون دي جينيف" المخاوف التي تجتاح كافة القطاعات بسبب نتيجة التصويت, ولا سيما بعد الدعوات المتزايدة لمقاطعة منتجات بلادهم وعلى رأسها المنتجات المصرفية.
وتشير كريستينا جاجيني – العضو في رابطة الشركات السويسرية - إلى أن نتيجة التصويت يجب ألا تترجم إلى قرار, مذكِّرة بأزمة الكاريكاتيرات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. وقالت إن رسماً واحداً جاء بصورة عارضة كلف الدنمارك مليار فرانك، فكيف الحال بقرار يمنع إنشاء رمز إسلامي على الإطلاق.
أما توماس داوم - رئيس الاتحاد السويسري لأصحاب العمل - فيحذر بدوره من العواقب الوخيمة التي ستحل على اقتصاد بلاده إذا ما خرج مثل هذا القرار إلى النور, حيث يؤكد أن أية مقاطعة تتخذ ضد بلاده تعني بالتالي فقد الآلاف من المواطنين وظائفهم وانضمامهم لطابور البطالة الذي يستطيل يوماً بعد يوم في العالم أجمع. وأضاف أن علاقات جنيف الاقتصادية التي يمكن أن تخدم أسواقاً رئيسة للتصدير أصبحت مهددة بشكل كبير.
وشدد تقرير الصحيفة على أن المقاطعة المزمعة ستكون وبالاً على سويسرا, حيث ستعد بمثابة ضربة موجعة لاقتصادها الذي سيتطلب وقتاً طويلاً للتعافي من آثارها.
ولا تقتصر الآثار السلبية لنتيجة الاستفتاء على تأثر العمل المصرفي فحسب, بل إن هناك قطاعات اقتصادية مهمة من المتوقع أن يطولها هذا القرار, منها قطاعا الصادرات السويسرية والسياحة. وتشير الإحصاءات إلى أن حجم الصادرات إلى البلدان الإسلامية يقدر بالمليارات, حيث بلغت الصادرات إلى تركيا في 2007 على سبيل المثال 2.5 بليون فرنك مقابل 1.9 بليون للإمارات العربية المتحدة، و1.5 للمملكة السعودية. وبشكل عام فإن أسواق الدول الإسلامية تمثل %5 من العلاقات الخارجية لسويسرا بحسب آخر الإحصاءات.
وفي حوارها مع صحيفة "لوتون" أوضحت وزيرة العدل السويسرية أن السنوات الأخيرة شهدت نمواً ملحوظاً في عدد الليالي السياحية التي يقضيها السائح العربي – ولا سيما من دول الخليج - في سويسرا. وقد بلغت نسبة هذا النمو %15سنوياً. وتجدر الإشارة إلى أن السياحة الخليجية تمثل %2 من السياحة في سويسرا. وأضافت أن قطاعي السياحة والصادرات سيتأثران بلا شك من جراء نتيجة الاستفتاء, إلا أنه على الجميع تقبل العواقب, فلا يمكن لأحد أن يشكو بعد - على حسب تعبيرها. وفي محاولة لتدارك الأمر من المتوقع أن تقوم شركات السياحة بتقديم عروض مكثفة وأكثر ترفيهاً للسائح الخليجي.
من جانبها دعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) دول العالم الإسلامي إلى مقاطعة سويسرا تجاريا وسياحيا، وسحب الأرصدة المالية من بنوكها ردًّا على حظر بناء المآذن في البلاد. وقال الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري - المدير العام للمنظمة - إن الشعب السويسري عبر في الاستفتاء عن روح الكراهية والعداء للإسلام وللمسلمين. وأكّد التويجري أن حظر بناء المآذن يتعارض كليًّا مع القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومع الاتفاقية الدولية للتنوع الثقافي، ومع المبادرة الدولية لتحالف الحضارات، ومع جهود المجتمع الدولي في مجال تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتعايش السلمي بين الشعوب. وأضاف أن العالم الإسلامي مدعو إلى التحرك الإيجابي للرد على الاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في سويسرا بالأسلوب المتحضر الملتزم بالقوانين الدولية، الذي يتمثل في المقاطعة المالية والتجارية والسياحية.
ومن أطرف دعوات المقاطعة تلك التي جاءت من النائبة الفرنسية ناتالي جوليه – عضو مجلس الشيوخ الفرنسي - التي دعت مواطني الدول الإسلامية – وخاصة دول الخليج - إلى سحب أموالهم وودائعهم واستثماراتهم من البنوك السويسرية كنوع من الاحتجاج على التصويت ضد بناء المآذن. وقالت جوليه – نائبة رئيس مجموعة الصداقة بين فرنسا ودول الخليج - إن هذا التصويت يعتبر بمثابة فضيحة في قلب أوروبا, حيث إنه يحمل في ثناياه أجواءً من الكراهية ومعاداة الأجانب.
تركيا تدعو لتفريغ خزائن جنيف
ولم تفوت القوى المختلفة السقطة السويسرية المتمثلة في هذا القرار حيث بدأت أنقرة تغازل المستثمرين المسلمين مطالبة بمقاطعة البنوك السويسرية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنها تفتح ذراعيها لإيداعات المسلمين من كافة أنحاء العالم. وطرحت تركيا إجراءات تضمن سحب المسلمين إيداعاتهم من البنوك السويسرية بشكل سلمي, معتبرة قرار حظر المآذن عاراً على جبين سويسرا يجب عليها أن تعمل على محوه بأسرع وقت ممكن.
وحذر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من تنامي العنصرية في أوروبا متمثلة في مثل تلك القرارات الهوجاء، موضحاً أن مثل تلك القضايا الحساسة كحرية الأديان يجب ألا تعرض في استفتاءات عامة. وبحسب ما نشرته صحيفة "ومان" التركية, دعا أجامان باغيش - وزير الدولة ورئيس فريق التفاوض مع الاتحاد الأوروبي - المسلمين إلى إعادة التفكير في خياراتهم المصرفية. وقال إن لديه ثقة بأن التصويت على حظر المآذن يعد مناسبة للمسلمين الذين يودعون أموالهم في البنوك السويسرية لأن يعيدوا النظر مجدداً. وحث المسلمين على أن ينظروا إلى تركيا كبديل, مشيداً بالقطاع المالي والمصرفي في بلاده ومذكراً بأن تركيا نجحت في النجاة من الأزمة المالية العالمية مما يثبت قوة نظامها الاقتصادي.
سويسرا تبحث عن مساندة أوروبية ضد المقاطعة
وعلى الرغم من التطمينات التي يخرج بها المسؤولون في سويسرا, إلا أن الدعوات المتتالية لمقاطعة سويسرا اقتصادياً استلزمت تحركاً عاجلاً من الحكومة لاحتواء تلك الأزمة التي لم يعرف مداها بعد, خاصة بعد دعوة الوزير التركي. وفي هذا الصدد قام رئيس الجمعية السويسرية للمصارف بمهمة في بروكسل عقب إعلان ردود أفعال الدول الإسلامية مباشرة. وتتعلق تلك المهمة ببحث سبل التصدي لأية مقاطعة من الدول والأطراف الإسلامية لبلاده خاصة على الصعيد المصرفي وسحب الأرصدة العربية والإسلامية من بنوك سويسرا - بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية (واس). وصرح أورس روث – رئيس الجمعية السويسرية للمصارف - في ختام جولته ومباحثاته مع المسؤولين الأوروبيين بأنه توجد مؤشرات تثير القلق .. إلا أن الأمور لم تتضح بعد.
#5#
فاعلية المقاطعة
وعن مدى جدوى المقاطعة الاقتصادية يقول الدكتور حسين حسين شحاتة – الأستاذ في جامعة الأزهر، خبير استشاري في المعاملات المالية الشرعية - في ورقة بعنوان "المقـاطعة الاقتصـادية .. وذلك أضعف الإيمان": تؤكد الإحصائيات أن المقاطعة الاقتصادية ألحقت أضراراً كبيرة باقتصاد الدول التى تعتدي على الإسلام مثل الدنمارك, وهناك إحصائيات منشورة من قبل المكتب الرئيسي للمقاطعة العربية ورد فيها أن حجم الخسائر التي مُنى بها الاقتصاد الإسرائيلي وصلت حتى سنة 2005م حوالي 200 مليار دولار، ولقد خسرت شركة كوكا كولا في مصر وحدها حوالي %40 من رأسمالها، كما بلغت خسائر شركة ماكدونالد حوالي 260 مليون جنيه مصري، كما تمت تصفية شركة سنسبري.. وهذا خلال فترة انتفاضة الأقصى. كما خسر الاقتصاد الدنماركي عدة مليارات وانهارت معظم شركاته التي كانت تتعامل مع المسلمين, وعندما استشعرت أمريكا أن المقاطعة الاقتصادية تهدد مصالحها الاقتصادية بدأت تعيد النظر في حساباتها، بل بدأ كثير من الشركات الأمريكية والأوروبية تنفي علاقاتها بإسرائيل.
خطوات متواضعة في المصرفية الإسلامية
ولعل المفارقة في توقيت الدعوات للمقاطعة أنها تأتي في الوقت الذي بدأت فيه سويسرا تزيد من غزلها للعالم الإسلامي بدخولها الخجول في صناعة المصرفية الإسلامية.
وكانت البداية المتواضعة في تلك السوق في عام 2006 عندما تم منح ترخيص بنكي كامل لمؤسسة فيصل المالية في سويسرا للتحول إلى بنك فيصل الخاص لمزاولة الخدمات المصرفية الخاصة ليكون أول بنك إسلامي في سويسرا. ويصل حجم الحقائب الاستثمارية التي يديرها البنك إلى مليار فرنك سويسري (حوالي 800 مليون دولار). واعتبر مؤسسو البنك أنه سيكون بمثابة تطور بارز نحو إقامة جسر بين ثقافتين؛ أولاهما تعمل على إيجاد الحلول المالية والتمويلية القائمة على القيم والمبادئ المستمدة من الشريعة الإسلامية وثانيتهما الامتياز في العمل المصرفي السويسري المعروف عالميا.
أما بنك ساراسين السويسري فقد أعلن قبل أيام من التصويت على منع المآذن عن اعتزامه طرح تخطيط للعقارات والتركات وإدارة التمويل والأصول, وذلك من خلال منتجات مهيكلة تعرف باسم عقود الوكالة والمرابحة. ويعد بذلك أول بنك سويسري يدرج نظام التمويل الإسلامي ضمن خدماته المالية. وأكد فيديليس جويتس - رئيس وحدة الخدمات المصرفية الخاصة في ساراسين وعضو اللجنة التنفيذية للبنك - أن هناك طلباً قوياً على المنتجات الإسلامية في مناطق مثل إندونيسيا وماليزيا. ويعمل البنك على اغتنام فرص أوسع يقدمها التمويل الإسلامي.